بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 13 سبتمبر 2013

تشليح النظام السوري بدلا من إسقاطه... بؤس المجتمع الدولي -داود البصري

 يبدو أن الرئيس الأميركي المتردد إلى حد الهلع من توجيه ضربة قاصمة لظهر النظام السوري المجرم قد إعتبر المداخلة الروسية بتصفية الترسانة الكيماوية السورية بمثابة خشبة إنقاذ له لتكريس سياسته الضعيفة, والتي تهين الهيبة الأميركية و ترسخ حالة الضعف و تعطي إنطباعات خاطئة لمعسكر الطغاة للإستمرار في ممارسة غيهم و إظهار لسانهم لخصومهم و التمتع بمناظر الجثث و الدماء و أجساد الأطفال المرصوصة صفوفا طويلة في أكفان الموت البيضاء في ظل تفرج المجتمع الدولي.
أساسا باراك أوباما لو كان جادا لما أحتاج لموافقة الكونغرس لشن ضربته المحدودة كما قال! فالرئيس السابق بيل كلينتون, وهو يوجه صواريخه في عملية "ثعلب الصحراء" ضد المنشآت الأمنية و العسكرية العراقية عام 1998 لم يحتج لموافقة أحد طبقا لسلطاته الدستورية التي تسمح له بالتصرف لمدة لا تتجاوز 90 يوما!! من الواضح جليا ان هدف إسقاط النظام السوري و تقديم رموزه للمحاكمة بتهمة إبادة الجنس البشري لم تعد واردة في اذهان وخطط القوى الدولية الفاعلة بإنتهازيتها الصرفة, والتي غضت النظر عن إبادة عشرات الآلاف من السوريين الأحرار مقابل نزع النظام السوري لسلاحه و ملابسه و الإكتفاء بتشليح النظام بعد أن يقدم كل مابحوزته من أسلحة الصمود و التصدي و التوازن الستراتيجي! وكما أكدنا سلفا فإن النظام السوري و من أجل ضمان البقاء مستعد للمضي حتى آخر الشوط في تقديم التنازلات المهينة, ولو وصلت إلى غرفة نومه الخاصة , فطبيعة النظام الديكتاتوري الجبن المطلق في مواجهة الخصوم الأشداء و الإستئساد السادي في مواجهة الشعب الحر المنتفض , فقبل خطوات التنازل الرسمية للنظام السوري وظهور وليد المعلم  للعالم بعد غياب إعلامي طويل, وهو يعلن حفلة خلع الكرامة و تشليح النظام , عمد رئيس النظام لتكثيف مقابلاته التلفزيونية و تقديم خطاب سياسي ضمنه تهديدات للعالم أجمع بأن حلفاءه, و يقصد تحديدا النظامين الإيراني والروسي بالتحديد ووكلاءهما الإقليميين المعروفين لن يترددوا عن نصرته في حالة تعرضه لضربة!! وقد عمد أيضا إلى تفعيل سيناريوهات الرعب المستقبلي الإفتراضية مؤكدا أيضا ان لا دليل حقيقياً على كون نظامه قد إرتكب مجزرة الغوطتين في 21  أغسطس الماضي! و بكل تأكيد فإنه ألقى المسؤولية الجنائية على عاتق "الجن و الأشباح"! معتقدا انه الذكي الوحيد و بقية العالم أغبياء! ثم أعلن النظام مفاجآته التشليحية و التي, و لسخرية الأقدار, باركها النظام الإيراني أيضا, و شدد على أهميتها ,فهل يعني ذلك ان النظام الإيراني نفسه مستعد لإعتماد حفلة تشليح مماثلة لسلاحه النووي و لمخزونه من اليورانيوم و من أجهزة التخصيب المسروقة من العراق المحتل أصلا? في حالة إشتداد الضغوط الدولية عليه خلال المرحلة المقبلة ? أم أن تشليح نظام بشار الاسد من غازاته و جراثيمه و صواريخه الستراتيجية بعيدة المدى تظل هي الحالة المركزية الثابتة فقط ? أي أن المجتمع الدولي قد تبنى نظرية جديدة هي "التشليح مقابل البقاء"!! وهي معادلة عمياء و مرفوضة لا يعترف بها الشعب السوري الحر أصلا و لا يلتفت إليها من الأساس , فشعب عظيم يقود بدماء أطفاله و شيوخه و حرائره ثورة شعبية تاريخية نادرة و أسطورية لا تعنيه حكاية التنازلات التي يقدمها نظام البعث السوري المهزوم أصلا , كما أن الشعب السوري وهو يقدم طوابير شهدائه لايثق أبدا بقوى دولية كانت هي العامل الأساسي في وصول العصابة الأسدية للسلطة, وفي كل التوافقات و التنازلات الإقليمية التي حدثت.
 نظام بشار الأسد هو في النهاية ضمانة أمنية و ستراتيجية كبيرة لإسرائيل فهو وحده من وفر لها الحدود الآمنة وراحة البال وهدوء الجبهة في الجولان لدرجة الموت السريري , ونظام الأسد هو الموجود دائما في حماية المصالح الدولية المعادية للأمة العربية , وهو مخلب القط للإرهاب الإيراني والطائفي في الشرق الأوسط , ورحيله يعني أساسا تحرر طاقات الشعب السوري وهي المسألة المرفوضة على ما يبدو دوليا.
لقد تناسى المجتمع الدولي حقيقة إن جرائم نظام دمشق هي أكبر من ملف سلاحه الكيماوي , وهي جرائم شنيعة عرت نفاق المجتمع الدولي و أثبتت أن الغرب يمتلك أكبر سياسة منافقة تتعامل مع الطغاة بمكاييل و مقاييس مختلفة عمادها الربح و الخسارة و الانتهازية الصرفة... في كل الأحوال لن تنفع النظام تنازلاته ولا تعهداته بالانضمام لمعاهدة الحد من الأسلحة الكيمياوية و النووية , لكون النظام بحد ذاته بأجهزته الاستخبارية و القمعية وبروحيته الفاشية هو أكبر سلاح دمار شامل سيعرف السوريون الأحرار كيف يتعاملون معه ووفقا للكيفية و اللغة التي يفهمها,  أما معسكر التردد و تسويق النظام الفاشي فدعهم في غيهم يعمهون... لقد أعلنها الشعب السوري الحر و أطلقها كلمة مدوية للعالم أجمع بأنه "هيهات منهم الذلة", وسيدفع المجرمون فواتير جرائمهم بالكامل... و الأيام بيننا أما حفلات تشليح النظام و محاولات إعادة تسويقه فليست سوى حفلة على الخازوق!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق