بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 7 سبتمبر 2013

مبادرة المالكي العبقرية لحل المعضلة السورية ? داود البصري


في واقع إقليمي ودولي يسير باتجاه وضع الحد النهائي للمسيرة الإرهابية لنظام البعث الفاشي السوري ومحاسبته على جرائمه الدموية المقززة تجاه شعبه والإنسانية جمعاء تبرز تداعيات حالة الرعب الشامل الذي يعيشه أهل المنطقة البغدادية الخضراء والمتخوفين إلى حد الهستيريا من آثار ونتائج وتداعيات الحملة الدولية لتحرير الشعب السوري من جلاديه في مفارقة غريبة وغير مسبوقة , فأولئك النفر وعلى رأسهم قائد حزب "الدعوة" الإرهابي والجماعات التي معه من أمثال أهل "المجلس الإيراني الأعلى" أو بقية عصابات وفرق الموت الطائفية ما كان لهم أن يسودوا ويتحكموا ويتربعوا على عرش النهب في العراق لولا ذلك الحشد الدولي الذي قادته الولايات المتحدة في ربيع 2003 لتطيح بنظام صدام حسين وتنشأ على أنقاضه الوضع الشاذ القائم حاليا!
 فهل يتصور الجنرال نوري المالكي أو بقية جنرالات المنطقة الخضراء من أنه كان بإمكانه دخول بغداد وان يصبح حاكماً عاماً وقائداً لأعلى للجيوش ووزيرا للوزراء من دون مساعدة أحذية "المارينز "الثقيلة ومن دون مساعدة الأطراف نفسها التي يشن عليها اليوم حملاته المركزة دفاعا عن النظام المجرم في الشام, ودعما لصفوفه وتضامنا مع جريمته الكيماوية الأخيرة والتي سبقتها جرائم مروعة بالأسلحة التقليدية?
المضحك في الأمر برمته هو أن الرعب من قوادم الأيام واحتمالاتها الرهيبة قد حولت نوري المالكي الذي هو أفشل من حكم العراق منذ عام 1921 من سياسي حزبي طائفي إلى ديبلوماسي على النمط الكيسينجري! يدرس القضايا الشائكة ويضع لها الحلول والرؤى والمخارج! رغم أنه لم يجد مخرجا ولا ثقبا لأزمات ومصائب الشعب العراقي المتتالية تحت سلطته الفاشلة والتي حولت العراق افشل دولة في العالم! فالمالكي قد وضع كما قال ورسم حلولا للمشكلة السورية ضمنها أفكاره نفسها السابقة والسطحية داعيا إلى وقف إطلاق النار وانسحاب المقاتلين الأجانب, والذين يحددهم بالجماعات الجهادية فقط من دون ذكر الحرس الثوري الإيراني ولا عصابات "حزب الله" ولا عصابات العراق الطائفية التي يدعي عدم قدرته للسيطرة عليها!
 فهل سيسمع العميد قاسم سليماني قائد "فرقة القدس" الحرسية الإيرانية دعوته ? وهل سيقبل حسن نصر الله اقتراحاته! بل هل سيحترم الولي الفقيه علي خامنئي نقاط المالكي الديبلوماسية الذهبية? ثم لماذا لا يوفر المالكي عبقريته التفاوضية لحل النزاع الداخلي في العراق والذي تجاوز حدود الحرب الأهلية تحت قيادته العجفاء وخطبه المتخشبة واقتراحاته المتجمدة? بكل تأكيد إن نوري المالكي كصديقه وحليفه الحميم بشار الأسد يعاني من حالة فظة من حالات الانفصال عن الواقع والعيش في أبراج عاجية من التنظير  واللغو الفكري غير المرتبط بالواقع المأسوي , فنظام دموي ارتكب كل هذه المجازر على مدى أعوام الثورة الثلاثة لا يمكن التعامل معه أبدا ولا التفاوض , واتهامات المالكي الفظة للدول العربية بتخريب سورية ويقصد تحديدا دول "مجلس التعاون" الخليجي وتخصيصا السعودية وقطر هو تعريض غير مقبول بسيادة هذه الدول وبمواقفها الداعمة دائما لمصلحة الشعب السوري , وهي دول حرة ذات سيادة خارجة عن سياق السيطرة والتوجيه الإيراني بشكله الرث والفظ كما هي حال العراق مثلا , أما دعوته إلى عدم انطلاق الحملة العسكرية لتحرير الشام من الأراضي العربية! فهي دعوة مثيرة للسخرية والغثيان لأن الحملة الدولية لاكتساح نظام العراق السابق عام 2003 والتي جعلت المالكي ورفيقه الجعفري زعماء قد انطلقت من الأرض العربية أيضا? فكيف ينسى أفضال العرب عليه ويقف إلى جانب "شبيح" الشام الأكبر وقد كان هو أي المالكي مجرد ناطور في حسينية الحجيرة بريف دمشق ? ثم تحول بطفرة جينية نادرة وغير مسبوقة أميراً للأمراء الطائفيين في بلاد الرافدين, وزعيماً محاطاً بعباقرة من المستشارين في مجالات التهريب والهمبكة وتزوير الشهادات واللهف الثوري العقائدي الأصيل.
 المالكي ورهطه في مشاريعهم واقتراحاتهم يعيشون قلقا مرضيا عبرت عنه تصريحاتهم الزاعقة وتهديداتهم السمجة , فالرعب ينتاب أوصالهم, بل يخنقهم من مغبة انكشاف أوراقهم بالكامل بعد انهيار النظام والسيطرة على ملفات المخابرات السورية الحافلة والطافحة بفضائح وملفات ومخازي أفعال الإرهاب الدولية والإقليمية التي تورطوا فيها حتى الثمالة , وهي ملفات رهيبة ستطيح برؤوس عديدة منهم وستحيلهم لمتابعات وملاحقات جنائية دولية وهو الأمر الذي دفعهم عام 2009 لسحب شكاواهم ضد النظام السوري الذي كانت مخابراته تدعم جماعة "القاعدة" والتكفيريين في العراق قبل أن يرتد السحر على الساحر , فالتلاعب بثعابين الإرهاب ثمنه غال جدا في نهاية المطاف, وجماعتي "الدعوة" و"المجلس الإيراني الأعلى" تحديدا هما اللتان لعبتا مارستا دوراً تاريخياً ومؤسسا للإرهاب الإيراني- السوري في الشرق الأوسط طيلة مرحلة الثمانينات من القرن الماضي وحتى اليوم.
رعب المالكي قد حوله ديبلوماسي يطرح مشاريع الحلول رغم كونه غاطساً في  مشكلات العراق المستعصية على الحل , سيطير النظام السوري بكل تأكيد, وسيذهب بشار ورهطه مع الريح , وسيتبعه كل مجرم أثيم... والعاقبة للمتقين... أما نوري المالكي فلا نقول له سوى "إسأل روحك... إسأل قلبك " وسلامتك من الآه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق