بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 16 سبتمبر 2013

هل ستتعلم السعودية من صفقة الكيمياوي السورية؟ - باسم العوادي


ستة اشهر تقريبا مضت منذ تسلم السعودية للملف السوري عملت فيها بجد وتعب من اجل تحقيق نتيجة ما، الى ان استطاعت تقريبا ان تحقق اختراقا بعد حادثة استخدام السلاح الكيمياوي في الغوطة الشرقية في ضواحي العاصمة دمشق، حيث اندفعت اميركا بالتحضير والإعداد لضربة عسكرية صاروخية او جوية  لسوريا، وقد تركز عمل السعودية منذ تسلمها للملف السوري على عدة محاور اهمها محور المعارضة السورية المسلحة وإعادة تسليحها وهيكلتها سياسيا وعسكريا، وكذلك على المستوى الدبلوماسي بشقيه العربي والغربي من اجل تحقيق إدانة من نوع ما تؤدي الى تراجع سياسي وعسكري لنظام الرئيس بشار الاسد.
 وكان المتابع للاخبار بصورة دقيقة لا يستغرب من وجود خبر عن نشاط لوزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل او رئيس المخابرات السعودية الامير بندر بن سلطان يطالعه على وسائل الاعلام  بشكل يومي او خلال عدة ايام قليلة متلاحقة، ما يعني ان السعودية قد وضعت كامل نشاطها من اجل تحقيق شيء ما خلال فترة زمنية قليلة، والمحور الآخر هو الجهد المالي، فلا توجد تقارير محايدة يمكن الاعتماد عليها لمعرفة مقدار ما صرفت السعودية من الاموال خلال السنوات السابقة او خلال الفترة الماضية تحديدا من اجل تحقيق نصر معين يمكن ان تبني عليه خطوات ستراتيجية اخرى او تقنع من خلاله دوائر مهمة لصناعة القرار شرقية او غربية من اجل اعطائها المزيد من الوقت بالتحرك اذا ما حققت نصرا ميداينا او سياسيا لكن كل ذلك لم يحدث .
 واضح جدا ان السعودية بعد نقل الملف اليها قد اعطيت فترة محددة لإنجاز شيء ما  وبالخصوص بعد ان تزايد الحديث بشكل جدي عن عقد مؤتمر جنيف 2 وبعد الانتصارات العسكرية الميدانية المتلاحقة للجيش السوري بعد ان رفعت انتصارات معركة القصير من معنوياته واعطته جرعة قوية لشن حملات ناجحة حقق من خلالها انتشارا ميدانيا كبيرا واستطاع ان يعيد الكثير من المدن الصغيرة والاحياء المهمة في بعض المدن الكبيرة التي كانت حكرا على الجماعات المسلحة السورية بشقيها الارهابي (جبهه النصرة ) او الجيش السوري الحر، ما قاد الى حرج كبير جدا للاطراف الداعمة للمعارضة المسلحة السورية، وقد تزامن هذا مع أحداث تركيا ومظاهراتها المفاجئة، وايضا مع احداث مصر التي كانت اكثر مفاجأة وقوة من الحدث التركي، وهذا كله كان متزامنا مع وصول حكومة جديدة في طهران شعارها هو التفاوض الجدي مع الغرب من اجل حزمة الامور العالقة بين ايران واميركا والغرب ، والازمة السورية واحدة منها طبعا.
 هذه المتحركات السياسية غير المتوقعة اضافت عناصر قوة جديدة للنظام السوري ورجحت كفة ميزانه على حساب الاطراف الداعمة لإسقاطه، وهنا كان لا بد من القيام بحركة ما على مستوى عال تحقق تقدما ولو معنويا فقط للمعارضة والاطراف الداعمة لها وتعيد بعض الشيء من توازن القوى لصالح المعارضة المسلحة على الارض، ولو من اجل الذهاب الى جنيف 2 لكي تتمكن المعارضة المدعومة خارجيا ان تجلس وبيدها بعض الاوراق التي تحاور او تناور النظام السوري من خلالها، وإلا فان بقاء الوضع على ما هو عليه يعني أما استمرار تقدم الجيش السوري في انتصاراته الميدانية، وهذا مما يزيد في قوته وحسمه للامور، او الذهاب الى جنيف 2 بدون اوراق مناورة او ضاغطة على النظام ما يجعل النظام السوري يحقق ايضا انتصارا في المؤتمر وفي كلا الحالتين فان النصر سيكون من حصة النظام والخسارة من حصة الاطراف الداعمة لإسقاطه، وهذا يعني ايضا معادلة دولية جديدة تعيد روسيا الى قلب الشرق الاوسط كلاعب منافس، وكذلك يعني انتصارا لمحور الممانعة ايضا وعلى الدول الاخرى ان تدفع ثمنه وبالتحديد السعودية 
ان فشل مشروع الضربة العسكرية لسوريا قاد الى نتيجة هامة جدا وهي ان فكرة إسقاط نظام بشار الاسد قد اصبحت شيئا من الماضي ولم تعد مطروحة بعد الحل الروسي بوضع الأسلحة الكيمياوية السورية تحت الرقابة الدولية، واذا كان الامر كذلك فالمتبقي هو حل سياسي يعرقله امران: 
الاول : ان لا يعتبر الحل السياسي كنصر لمحور الممانعة وحلفاء سوريا.
الثاني : منع سوريا وحلفائها من معاقبة الدول التي وقفت ضدهم اقليميا في الازمة السورية وفتح صفحة جديدة تغلق الماضي نهائيا وهذا لا يتحقق بدون معادلة سياسية جديدة في سوريا تضمن مصالح كل الاطراف الداخلية والخارجية، وهذا المبدأ سبق وان اعلنت روسيا وايران موافقتهما عليه وسعيهما من اجل اقناع نظام بشار الاسد بالعمل عليه بجدية ومفتاح العبور الى هذه المرحلة بيد السعودية تحديدا في الوقت الحاضر دون غيرها .
المعطيات السياسية تقول ان السعودية دولة تعيد قراءة حساباتها بذكاء ودقة وتستطيع ان تحقق المعادلة المطلوبة في الوقت المناسب، وهذا هو الوقت المناسب بالتحديد كنصيحة للاعب السياسة السعودي، فتداعيات صفقة السلاح الكيمياوي السورية يجب ان تدق ناقوس الخطر عند السعودية وتجعلها تعيد قراءة ابجديات الموقف بصورة صحيحة بعيدا عن التمسك بالمواقف المتصلبة الماضية، لأن تحقق مفردات صفقة السلاح الكيمياوي يؤكد على ان السعودية قد تم أكل كتفها وان المصالح العالمية واللاعبين الكبار لا يعيرون اهمية لمصالح الآخرين عندما تتعلق المسألة بمصالحهم التي تحققت بصفقة الكيمياوي، فروسيا اثبتت انها قوية وقادرة على منع المجتمع الدولي بالكامل من ضرب سوريا ، وأوباما قد خرج من الصفقة بصفة البطل الانساني العالمي الذي استجاب للضربة الكيمياوية وقد نجح من خلالها باقتلاع الاسلحة الكيمياوية السورية بالكامل، واسرائيل ازيل عن كاهلها حمل اخطر سلاح يهدد امنها القومي،  وسوريا قد خرجت رابحة بعد ان الغيت الضربة العسكرية الدولية، وايران حققت نصرا من خلال النصر الروسي والسوري والخاسر في هذه المعادلة هي السعودية لا غير.
 إذن ألم يحن الوقت للسعودية ان تجعل من هذه الحادثة الخطيرة درسا سياسيا كبيرا لها في المضي قدما بإيجاد اطر جديدة لحل الازمة السورية؟ الم يحن الوقت للسعودية ان تقتنع ان دبلوماسية المسلحين والشيكات لم تعد مجدية في الازمات العالمية وان هناك وقائع جديدة مختلفة في مطلع القرن الواحد والعشرين؟ الم يحن الوقت للسعودية لتقرر الخروج من الازمة  السورية بدون ان تدفع ثمنا اكبر من وقتها ومالها وسمعتها ومستقبلها؟ اسئلة لا بد للسعودية ان تجيب عليها لكي لا تغرق يوما بعد يوم في وحل الازمة السورية وتدفع الثمن لوحدها . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق