بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 16 سبتمبر 2013

الخطأ التركي في سوريا - شيرزاد شيخاني


منذ اندلاع الأحداث السورية دخلت تركيا لاعبا أساسيا في الصراع الدائر هناك، ولسنا بصدد الحديث عن الأسباب والعوامل التي دفعت بتركيا لتضع كل ثقلها وراء موقفها المعادي من النظام السوري الى حد احتضان قادة المعارضة السورية وفتح ابوابها وأجوائها أمام مؤتمراتهم ولقاءاتهم لإعادة تنظيم صفوفهم لمواجهة نظام بشار الأسد. وقد نتفهم الى حد ما الموقف التركي من تلك الأزمة، خاصة إذا كان الامر يتعلق بالجانب الإنساني البحت، حيث أن النظام البعثي في سوريا يقتل شعبه، ويتمادى بحربه ضد الأغلبية الشعبية الرافضة لحكمه الدكتاتوري، وحيث أن الدور الإقليمي والدولي مطلوب لدعم إجراء التغيير الديمقراطي في سوريا، لكن المواقف الأخيرة لتركيا من التصعيد ضد سوريا تستدعي وقفة لتأمل نتائجها الخطيرة على مستقبل المنطقة ككل، فتركيا التي تأمل دائما بتأمين الاستقرار الإقليمي، لعلها لا تدرك بأن سياستها الحالية ستضع المنطقة برمتها على كف عفريت.
من عدة مصادر وقيادات معارضة للنظام السوري، وبخاصة من القيادات الكردية أسمع عن جرائم ترتكبها جماعات تنظيم القاعدة وجبهة النصرة الإرهابية بالمناطق الكردية، حتى وصل الأمر الى حد ارتكاب مذابح جماعية وإعدامات ميدانية بالقرى الكردية، وأسمع من هؤلاء عن وجود دعم عسكري تركي كامل لتلك الجماعات الإرهابية، حتى أن بعضهم يتحدث عن امتلاك تلك الجماعات للدبابات والمدرعات والأسلحة الثقيلة، وطبعا هذه المعدات الحربية لم يأتوا بها من معسكراتهم بجبل تورا بورا ولا من مشاجب أسلحتهم بباكستان، ومن الطبيعي أن تتهم تركيا بتجهيز هؤلاء الإرهابيين بتلك الأسلحة.
عندما تحرر العراق من دكتاتورية صدام وظهرت بوادر العملية الديمقراطية بالبلاد، تكالبت عليه الدول الإقليمية المحيطة به بالمؤامرات وبتصدير الإرهابيين إليه، ودعمهم ماديا ومعنويا. قد تكون أسباب ذلك الدعم الإقليمي هو عدم تقبل تلك الدول للديمقراطية الناشئة في العراق، أو لنقل بصراحة بأن الأسباب كانت طائفية، ولكن في الأخير ارتدت محاولاتهم، حيث أن سوريا التي وقف نظامها البعثي موقفا معاديا من العراق الجديد، وسارع باستقبال واستقدام الإرهابيين من شتى دول شمال أفريقيا ومن اليمن ودول الخليج وصدرهم الى العراق ليعيثوا فيه فسادا وقتلا، ارتد عليها الأمر، وإنقلبت الآية عليها بما يفعله اليوم أولئك المجرمون، وكان هذا رد القاعدة وأنصارها لجميل النظام السوري بسماحه لهم بعبور الطريق وتجهيزهم بالزاد والمؤونة والأسلحة  لقتل العراقيين.
تركيا التي تمد اليوم يد المساعدة لهؤلاء الإرهابيين لا تتعظ من هذه التجربة السورية المريرة التي دفع السوريون بسببها أنهارا من الدماء، ولذلك فهي اليوم عندما تمد يد العون والمساندة اللوجستية للإرهابيين في سوريا، عليها أن تتوقع بأن الكرة سترتد اليها، وانها بنظر الإرهابيين لا تختلف عن بقية الأنظمة العربية العلمانية، بل قد تزيد شهية القاعدة لابتلاعها باعتبارها كانت آخر مركز للخلافة الإسلامية، وهي الأولى باستعادتها واسترجاع قيمها الإسلامية بعد أن أغرقتها الأتاتوركية بالتقاليد الأوروبية وزاد فيها الفسق والفجور!!.
المشكلة أن السلاح عندما يقع بيد إرهابي أو مجموعة إرهابية، سيكون من الصعب جدا استعادته، ولا بد للكرة أن ترتد، وعلى جميع من يسعى لدعم القوى الإرهابية أن يتبين حقيقة تلك المجموعات، من خلال المعارك التي تدور رحاها اليوم بمناطق قريبة من كركوك وهي على مغانم وأموال خطف المدنيين العزل، فيا ترى إذا كانت تلك المجموعات على استعداد لإزهاق أرواح جهادييها من أجل حفنة من الدراهم، فهل سيتوقفون عندما يتمسكون بالسلطة في أية دولة من دول الإقليم؟.هذا هو السؤال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق