بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 3 سبتمبر 2013

تفاعل الكيماوي الاسدي أيديولوجيا وسياسيا - غسان المفلح

دمشق تحمل بؤسها, بسلطة كيماوية مجرمة, وبعض من طبقة تجار ومشايخ انتفعوا حتى من دم السوريين, حلب مثلها, في تحالف استمر منذ أكثر 40 عاما, جعل دمشق لاتشبه نفسها ولا تاريخها أبدا. بعد ان قام النظام الكيماوي بضرب غوطة دمشق بالكيماوي, وراح ضحية الضربة اكثر من 1450 ضحية بينهم أكثر من 400 طفل, جاءت ردود الفعل الدولية, على جريمة الابادة الاسدية ضد الانسانية, باهتة نوعا ما ماخلا الموقف الأميركي والفرنسي هذا الموقف الذي يريد توجيه ضربة عسكرية عقابية, هذا الموقف إن تم تنفيذه سينقل الوضعية السورية إلى حقل جديد من تعاطي المجتمع الدولي معها, رغم انقساماته, مع ذلك لا بد من أن نلاحظ, ان كلمة باراك أوباما قبل أيام كان لها مدلول واحد, أن الملف السوري كله صار الآن بيد أميركا, لا روسيا ولا الصين ولا الاتحاد الاوروبي, إلا من يريد من الدول الانضمام للملف بقيادة الولايات المتحدة, وهنا لابد من ملاحظتين الاولى تتعلق بالحشد القيادي, داخليا حل الكونغرس الأميركي مكان مجلس الامن الذي وصفه اوباما بالعاجز, وخارجيا تحشيد دولي لهذه القيادة الجديدة للملف, أما سورياً تجهيز عملية انتقال السلطة طالت أم قصرت. أميركا بعدما وصل الوضع السوري إلى ماوصل إليه من ارتكاب جرائم ضد الانسانية من منظور اوباما, ووصفه للنظام انه ديكتاتور يقتل شعبه واطفاله, وكان لها دور في وصول الوضع إلى هنا, بعدما تركت الديكتاتور وحلفاءه يقتلون الشعب السوري لاخماد ثورته وتدمير البلد, ظنا منها ان الثورة يمكن ان تنتهي من دون تنحي الاسد, أو ان يتقدم الاسد بمبادرة لنقل السلطة داخل النظام نفسه, لكن هذا لم يحدث واستخدم الكيماوي, راميا عرض الحائط بالتعهد الذي تقدم به لها بعدم استخدامه, كل هذا وغيره كانت أميركا خلاله, تجمع وتلم كل اوراق الملف السوري وهذا ما حصل, وعبر عنه في خطاب اوباما الأخير. لكن ما يهمني هنا هو كيف تفاعل هذا الكيماوي داخليا عموما وعلى مستوى المعارضة? يتصفح بعض الناشطين صفحات الموالين للاسد, فكانت ردود فعلهم في اليوم الاول, فرحة مبتهجة, والاهم أنها مقتنعة أن بشارهم هو من ضرب الغوطة بالكيماوي! لأنهم يعرفونه من خلال خدمتهم له. اضافة إلى رغبتهم العميقة في ابادة الشعب السوري, أما بقية الشعب السوري فلاداعي بالنسبة له ليناقش من قام بهذه الضربة الكيماوية, لأنه اختبر هذه الطغمة الفاشية و"شبيحتها" وعسكرها طوال عامين ونصف العام. معنى ذلك غالبية عظمى من السوريين ثورة وموالاة متأكدون ان من ضرب الكيماوي هو النظام. حتى جاءت بعض اصوات من تدعي أنها معارضة, هيئة التنسيق وحواشيها, لتشكك بالضربة الكيماوية, وتحيل الموضوع للجنة التحقيق الاممية. هذا التشكيك اتى منذ اللحظة الاولى وقبل ان تعلن الدول الكبرى موقفها. بالتالي الموضوع لا علاقة له بالخوف من ضربة اميركية محتملة, بل له علاقة بجوهر موقفهم منذ أول يوم في الثورة وحتى اللحظة. وبدأوا على لسان كبار رجالات الهيئة بالتشكيك بمن استخدم الكيماوي. حتى وصل الأمر برئيسهم في الخارج ان يتهم"القاعدة "بالموضوع, وان الصواريخ هي من صناعة محلية. كيف تحيل الامر للجنة التحقيق الاممية, وانت تتهم"القاعدة" وقد حسمت الموضوع بشكل نهائي, باعتبار عندك لجنة تحقيق خاصة? كما جاء على لسان رئيسها العام ومدير مكتبها الاعلامي أيضا, التشكيك واحالة القضية للجنة التحقيق الاممية. هؤلاء إن لم يكن جميعهم على الاقل, رئيسهم في الخارج, يعرف ان من المستحيل على "القاعدة "او غيرها أن تمتلك صواريخ برؤوس نووية, باعتباره كان لصيقا بهم اثناء ما كانت قناة "الجزيرة" تستضيفه كضيف دائم ليدافع عن "القاعدة "في العراق ويسميها مقاومة. هنا التفاعل الكيماوي اوصل هؤلاء إلى مأزق أخلاقي يقتضي رفض إدانة السلطة بالكيماوي, لأنهم بذلك لا يعودون قادرين على الاستمرار بالنهج والخطاب نفسهما, انفضاح المستور المصلحي لدى بعضهم والنفاقي لدى بعضهم الآخر والطائفي لدى القسم الاخير.
 المشكلة تكمن ببعض الاسماء التي تعمل بنوايا صادقة, لكنها فشلت في الهيمنة الادبية على قرار الهيئة, كيوسف عبد لكي وعبد العزيز الخير المعتقل وبعض الشباب اليساري, وعلى وقف تصريحات مفكرهم الحقوقي, والتي هي أهم اسباب الانشقاقات داخل الهيئة والانسحابات. كيف كيماوي ويعرف المفكر الحقوقي أن هذه جريمة ابادة ضد الانسانية, ويبقى يتحدث عن جيش وطني ونظام قابل للحل السياسي, حل سياسي مع ضارب كيماوي "ما بتزبط يعني كبيرة كتير بحقه كمفكر حقوقي"?.
الائتلاف بغض النظر عن بعض المخلصين فيه, يتبع لمن شكله من جهة, ولعدم توحد الجهات التي شكلته. فكان عاجزا عن متابعة مهماته. واتضح من خلال هذه الازمة, وتواطؤ بعض قيادات المجلس الوطني, ان تشكيل "الائتلاف" كانت احدى غاياته, تحويل المجلس كتلة مهملة, صوتية, وشرذمة التمثيل السياسي للثورة.
لماذ اميركا تساعد هذه المعارضة كلها?
"يوجد في سورية معارضات, معارضة لا تريد التدخل حرصا على النظام بغض النظر عما تقوله, ومعارضة لا تريد التدخل لتبقى طاهرة الذيل, بغض النظر عما تصرح به ولا تعمل عليه من جهة, وبرمجة للجهات الممولة والداعمة من جهة أخرى... وربما حفاظا على وهج ما كان يمكن أن يكون لها لولا هذه الجهات... فلماذا تتدخل أميركا أو غيرها والقسم الباقي الاسلامي الله يهدي البال, مبعثر وبعضهم يهمه سقوط مرسي أكثر من الثورة السورية.... سلطة مجرمة وشعب اسطوري ووحده من يجعل كل هؤلاء جميعا ولا استثني نفسي اقزاما وعاهات وإمعات..."
شعبنا بالنهاية سينتصر طال الزمن أم قصر... لاننا امام طغمة أثبتت أنها لاتنتمي لا هي ولا من يواليها لهذا الشعب.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق