بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 6 سبتمبر 2013

عناوين رمزية لحروب حقيقية.. مصر وسوريا - نبيل عمرو


ما زال هنالك جدل محتدم، حول توصيف ما حدث في مصر، هل هو ثورة شعبية آزرها الجيش، أم انقلاب عسكري، هل هو تصحيح لمسار ثورة يناير (كانون الثاني)، أم رجوع عنها؟
وهل السلطة في مصر مدنية ولكن محمية بالعسكر؟ أم أنها سلطة عسكرية محمية بقوى مدنية؟
هذه هي الأسئلة التي ما تزال مطروحة على مستوى العالم بأسره، ولربما تظل مطروحة إلى الأبد، تماما كما حدث مع حركة الضباط الأحرار في مصر، هل هي ثورة أم انقلاب فما زال المؤرخون والمحللون السياسيون لم يتوصلوا إلى إجابة قاطعة عن هذا السؤال المستمر.
الحرب الحقيقية التي تجري داخل مصر وحولها، تبدو أعمق بكثير من الأوصاف التي تطلق عليها فهي باختصار، حرب مصيرية، فرضت على مصر الدولة والمجتمع، فإما أن تتحول مصر إلى المعقل الرئيس في العالم للإسلام السياسي، وإما أن تظل في موقعها التاريخي والموضوعي دولة مدنية، تفصل الدين عن الدولة، وفق مبدأ الدين لله والوطن للجميع، وذلك أسوة بكل الدول الحديثة، التي ما عرفت الاستقرار والتقدم إلا حين فصلت الدين عن الدولة، وفي مقدمة هذه الدول والمجتمعات تركيا، صاحبة النظام الأكثر تباكيا على ما حدث في مصر.
حرب كهذه وفي الزمن الذي نعيشه، لا يمكن أن تكون مجرد حرب محلية بل من المستحيل فصلها عن أجندات الدول المنغمسة بصورة متفاوتة في الصراع مع أو ضد الإسلام السياسي، وإذا كان رمز هذه الدول أميركا وأوروبا ومن لف لفها، ويقابلها روسيا ومن تستطيع التحالف معه، فإن مصر في هذه الحالة تبدو بيضة القبان التي لا ترجح ولكنها تحسم، وإذا ما حسمت الأمور داخل مصر وهي في سبيلها إلى ذلك... فإن العالم سوف يجد نفسه مجبرا على التكيف مع الوضع الذي حسم ويظل الجدل حول المسميات مجرد مادة للمؤرخين ولعشاق الجدل الذي لا ينتهي.
- سوريا -
على مدى أكثر من سنتين، والدم يسيل بغزارة من أجساد السوريين والعرب والمسلمين المتحالفين مع النظام أو الثوار.
كانت حربا نموذجية لكل القوى الخارجية، باستثناء سوريا الشعب والدولة، فلقد وفرت هذه الحرب الدامية نفوذا إضافيا لروسيا على الصعيد الدولي كما وفرت مزيدا من توريد السلاح، وباختصار فإن كل ساعة حرب داخلية في سوريا، تعني تقدما روسيا في النفوذ وحين يحسم الأمر ستكون روسيا حاضرة في اقتسام الغنيمة ذلك بعد أن نتفق بأن لا دواعي أخلاقية أو خيرية من وراء أي موقف حيال حرب دامية.
من هنا فإن العناوين المنتقاة للحرب في سوريا وما يمكن أن يحدث من خارجها، ما تزال موضع جدل داخلي وإقليمي ودولي وهذه العناوين على سبيل المثال الأقرب إلى الحصر تقول:
إنه صراع بين نظام شرعي كما تصر موسكو على وصفه، وخارجين عن هذا النظام.
وإنه صراع بين نظام فقد شرعيته عبر كثافة الدم، ومجتمع يتطلع إلى الخروج من الشمولية والديكتاتورية ليدخل مرحلة التعددية والديمقراطية.
ثم إنها حرب بالوكالة ضد إيران التي يعتبرها كثيرون الخطر العالمي رقم (1) ورأس حربتها النظام السوري، في مواجهة معظم دول العالم التي تخشى من امتلاك إيران للسلاح النووي.
إلا أن التطور الذي فرض أوصافا رمزية.. هو الذي نشأ في مرحلة ما بعد الكيماوي.. حيث أسقط في يد الجميع، وفرض على اللاعبين الأساسيين غير المباشرين، وضعا جديدا لا يحتمل المماطلة أو المراقبة، فكان التقدم بخطوات واسعة وعاجلة نحو التدخل العسكري هو السمة السياسية للمرحلة الراهنة، وتطور النقاش حول شكل العمل العسكري المرتقب..
هل هو ضربة عقابية جراء استخدام الكيماوي؟
هل هو ضربة لتعديل موازين القوى على الأرض بين النظام والثوار؟
أم هو ضربة حاسمة، تعني بداية النهاية للنظام على مدى شهرين أو ثلاثة، هي المدة المحسوبة للعمل العسكري الخارجي؟
يبدو أنه ليس مهما الوصول إلى جواب على التساؤلات حول التوصيف المسبق لما سيحدث، لأن المهم هو أن العالم قرر توجيه ضربة متسلسلة، لن تتوقف قبل حسم الأمر وفق صيغة جديدة يكون السوريون عنوانها وموضوعها، أما إيران التي هي من وجهة نظر التحالف الدولي وامتداده الإقليمي، الكيماوي السياسي، فلا أحد يعرف على وجه الدقة كيف سيكون وضعها بعد غياب حجر الزاوية السورية من البناء التحالفي الفارسي.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق