بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 12 سبتمبر 2013

أيُّ «جولة»؟! - صالح القلاب


غير معروف كيف أنَّ نظام بشار الأسد قد كسب جولة في صراعه مع شعبه بعد «همْروجة» ومسرحية تفكيك أسلحته «الكيمياوية»، التي ستثبت الأيام كمْ أنها كانت لعبة روسية وربما أميركية أيضاً، طالما أنَّ الصراع في «القطر العربي الشقيق» سيبقى مستمراً وطالما أنَّ قُصْرُ النظر السياسي الذي يعاني منه هذا النظام قد حوَّل سوريا إلى ساحة صراعٍ إقليمي ودولي وأدخلها في «بلْقنة» وفي تصفية حسابات بين الدول المتناحرة إنْ في هذه المنطقة البائسة وإنْ في العالم بأسره.
قبل الحادي والعشرين من أغسطس (آب) الماضي، ذلك اليوم الحالك السواد الذي ذبح فيه هذا النظام الذي أدخل سوريا في نفق مظلم قد لا تخرج منه لسنوات طويلة شعبه بالأسلحة المحرمة دولياً، لم يكن التدخل العسكري الأميركي في الأزمة السورية مطروحاً على الإطلاق، لا من قريب ولا من بعيد كما يقال، ولذلك وعلى إفتراض أن الروس قد نجحوا في «مسرحية» التخلص من الأسلحة الكيمياوية وهم لن ينجحوا فإنَّ الذين «طاروا فرحاً» وألْهبوا أكفهم تصفيقاً لإنتصار موهوم سيكتشفون أنَّ الخط البياني لهذا الصراع الدموي قد بقي متصاعداً وأنه كان بمثابة إغماض العيون عن الحقائق القول أن بوتين ومعه الأسد كسبا جولة سياسية وأن المعارضة ومن معها قد خسروا هذه الجولة.
لقد دخلت سوريا وضعية وحالة «البلْقنة» ولقد بقي الروس يتلاعبون بهؤلاء الذين من مهازل القدر أنهم هم الذين يحكمون هذا البلد في هذه المرحلة التي هي مرحلة تحولات تاريخية هائلة مع رحيل القرن العشرين ودخول العالم الألفية الثالثة والقرن الحادي والعشرين بكل مستجداته ومتغيراته وإستحقاقاته و
هذا يعني أنَّ بوتين بألاعيبه وإقتراحاته و»فذلكاته» قد زاد هذه الأزمة التي تحولت إلى أزمة إقليمية ودولية تعقيداً وجعلها أبعد كثيراً عن الحل السياسي «جنيف2» الذي كان يجري الحديث عنه والذي ساد إعتقاد، لدى الذين لا يعترفون بحقيقة التداخلات التي ترتبت على انفجار الأوضاع قبل عامين ونصف، أنه أصبح في متناول اليد.
ستكون جريمة الحادي والعشرين من أغسطس (آب) الماضي مدخلاً لإمتداد أيادٍ كثيرة إلى هذه الأوضاع السورية التي غدت مفتوحة على أسوأ الإحتمالات والتي إزدادت سوءاً بعد هذه الجريمة النكراء وبعد تمادي فلاديمير بوتين في إستفزاز باراك أوباما وإدارته فسوريا بعد تطورات الأيام الأخيرة تكرست فعلاً إلى ميدانٍ عسكري وسياسي لتصفية الحسابات الدولية وسيرى المتفائلون الذين ظنوا أنَّ الأمور قد حُسمت وان الرئيس السوري قد فعل ما يريده كيف أنَّ ما هو قادمٌ أعظم وكيف أنَّ جولات جديدة ستكون أصعب كثيراً من كل الجولات السابقة وأن محكمة الجنايات الدولية باتت تنتظر بشار الأسد وفي فترة قريبة.
ربما أنه لن تكون هناك الضربة العسكرية الأميركية التي كانت مرتقبة ومتوقعة في أيِّ لحظة لكن هذا لا يعني أن جريمة الكيمياوي ستَمر وفقاً لما يسعى إليه الروس ومعهم إيران وبعض المؤلفة قلوبهم في هذه المنطقة وفي العالم كما أنه لا يعني انَّ المعارضة السورية ومن يقفون إلى جانبها سيرفعون أيديهم وسيستسلمون فالمواجهة قد بدأت تتخذ مساراً خطيراً والسلاح «الفتاك» بات يتدفق على الجيش الحر على نحو سيعزز الإنتصارات التي كان حققها في ميادين قتال كثيرة بإنتصارات جديدة قريبة.
هناك الآن تبادل عض أصابع بين روسيا ومن معها من جهة وبين الولايات المتحدة ومن معها من جهة أخرى وهناك الآن إثباتات على الطريق ستعزز حقيقة أن نظام بشار الأسد قد إرتكب جريمة الأسلحة الكيمياوية ضد أطفال الشعب السوري... لقد وقع هذا النظام في شرك سوء أعماله والمؤكد أن الأيام القليلة القادمة ستحمل الكثير من المستجدات فـ»اللعبة» لا تزال في بداياتها وعلى الذين يعيشون الآن نشوة إنتصار كاذب أن يدركوا أن الأزمة لم تبدأ بـ»الكيمياوي» ولا بإستخدامه بهذه الطريقة البشعة وإنما بإختيار الحلول الأمنية والبطش والدبابات والصواريخ لمواجهة مطالب شعب لم يعد يحتمل بعد أربعين عاماً المزيد من الإذلال والإهانات والعنف وحكم الأقبية والزنازين المخابراتية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق