بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 4 سبتمبر 2013

سيناريوهات الأزمة السورية - كريم شغيدل



ما الغاية من إصرار الإدارة الأميركية على توجيه ضربة عسكرية لسوريا؟ هل هي لمجرد حفظ ماء الوجه، كما يدعي البعض؟ أم لاستعراض الولايات المتحدة عضلاتها لتخويف بعض الأنظمة المعارضة لسياساتها أو المعادية لإسرائيل؟ أم أنها تسعى فعلاً لإضعاف قوات النظام السوري لإحداث التكافؤ بينه وبين معارضيه بغية الذهاب للمفاوضات؟ أسئلة كثيرة يمكن إثارتها بهذا الصدد، لكن السؤال الأهم: ما الخيار الأميركي البديل لمرحلة ما بعد الأسد؟ الإدارة الأميركية لم تعجز عن إيجاد مختلف المسوغات لإسقاط النظام السوري، مثلما فعلت بالنظام الصدامي المباد، لكن هل هي مستعدة الآن لخوض المغامرة؟ 
سيناريوهات الضربة الأميركية المزمع توجيهها لأهداف عسكرية سورية، تذكرنا بما قامت به إدارة بيل كلنتون مع أهداف عسكرية وحيوية داخل العراق، في العام 1998، أي ضربة احتوائية لإضعاف الآلة العسكرية، ولم يتم إسقاط النظام إلا بعد خمس سنوات، أي بعد اتضاح الرؤية الأميركية لمرحلة ما بعد صدام، وهذا طبعاً مرتبط بهوية المعارضة وأهميتها ومدى تجاوبها مع الجانب الأميركي، والسؤال الذي يتبادر للذهن: هل أن مرحلة ما بعد الأسد واضحة المعالم بالنسبة للإدارة الأميركية؟ أعني هل أن المعارضة السورية تمتلك الهوية الواضحة التي تضمن ولو جزءاً من المد الشعبي داخل سوريا؟ هل أن حجم الاستبعاد والتهميش والاضطهاد والقمع في سوريا موازٍ لما كان في العراق، أو كافٍ لكسب تعاطف الشعب السوري؟ وهل سيتقبل الشعب السوري فكرة إسقاط النظام على طريقة إسقاط نظام البعث الصدامي؟
المعارضة السورية ليست معارضة شعبية بقدر ما هي فئات تمت عمليات احتوائها وتبنيها من أطراف إقليمية لأهداف معروفة، ولم تكن بالقوة والعمق والعراقة التي كانت عليها المعارضة العراقية، الأمر الآخر، وهو ما يعقد عملية إسقاط النظام، أن القوات المسلحة السورية وترسانة أسلحتها، وهي دولة مواجهة مع إسرائيل، ليست منهارة ومتداعية، كما كانت عليه الحال في العراق، على أن سوريا تمتلك قوة دفاع جوي وقوة صاروخية لا يستهان بهما، وستكون لها حتماً ردة فعل باتجاه أهداف أميركية وإسرائيلية، تجعل من بشار الأسد بطلاً قومياً في الشارع العربي، عندئذ سيسحب البساط الشعبي الضئيل من تحت المعارضة السورية، وسيوظف الخطاب السوري والإسلامي المؤدلج باتجاه العداء مع أميركا وإسرائيل المعادلة الثنائية التي تمتلك صدىً مدوياً(أما عميل لأميركا وإسرائيل أو وطني شريف مدافع عن بلادك)، وسيمتلك النظام السوري زمام المبادرة بمد شعبي عارم لضرب معارضيه بقسوة غير مسبوقة.
هناك سيناريو آخر محتمل، تناقلته بعض الأوساط، وهو قيام أميركا بتوجيه ضربة مزدوجة، أي استعادة سيناريو ضرب ما يسمى بـ (أنصار الإسلام) قبل بدء عملية غزو العراق 2003، وهذا الإجراء قد يؤدي لإعادة إنتاج هوية المعارضة السورية، بعد إقصاء بعض الجماعات الإرهابية المسلحة، على وفق ستراتيجية الانتقاء الأميركي، كما أن ذلك قد يؤدي إلى نزوح بعض الفصائل المسلحة للعراق، ومن ثم المضي قدماً لزعزعة أمن المنطقة وتعدد بؤر الإرهاب الذي أصبح أداة من أدوات تنفيذ المخططات الدولية والإقليمية، سواء على مستوى الحاضر أم المستقبل، وفي كلا الحالتين، سواء أسهمت الضربة العسكرية بتقوية النظام أم الجماعات المسلحة، ستكون نتائجها وخيمة على عموم المنطقة، لأنه مهما كانت تلك النتائج ستعقبها لا محال فوضى عارمة وستشهد سورية- لا سمح الله- حقبة دموية يدفع ثمنها الشعب السوري، والمعروف أن واحدة من ستراتيجيات أميركا أن تفكر بمصالحها وأمنها القومي وأمن حلفائها، إسرائيل تحديداً، قبل أن تفكر بمصائر الشعوب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق