د. فهد الفانك
في السياسة كل شيء ممكن، فمن كان يتوقع أن يقوم الرئيس الأميركي أوباما بالذات بالترويج للحرب، وأن يحتشد الأميركيون أمام البيت الأبيض يرفعون شعار ( لا للحرب على سوريا). من كان يتصور أن يكون صقور الكونجرس ومجلس الشيوخ والمحافظون الجدد هم المؤيدون لخطط أوباما العدوانية، وأن يكون البابا وأنصار السلام في الجانب الآخر، كيف رضي أوباما لنفسه أن يكون في معسكر الحرب بدون غطاء دولي أو محلي وقد جاء لإنهاء الحروب لا لشن المزيد منها.
بقدر من الحيادية يمكن تلخيص الصراع في سوريا بأنه بين نظام اسـتبدادي وعصابات إرهابية مسلحة، وهو وضع يجعل الاختيار صعباً بعض الشيء، ولكن لأمر ما يجد الرئيس الأميركي نفسه، ولو بشكل غير مباشر، في معسكر الإرهاب الذي لا يهدد أميركا فقط بل يهدد العالم بأسره.
بابا الفاتيكان يقول لاوباما لا تضرب عسكرياً بل توجه للحل السلمي، والأمين العام للأمم المتحدة يقول لأوباما لا يجوز أن تشن حرباً بدون قرار مجلس الأمن إلا إذا كنت في حالة دفاع عن النفس، وإذا لم يكن هذا كافياً فإن 72 بالمائة من الشعب الأميركي يرفض التدخل.
لنفرض جدلاً أن النظام السوري استخدم السلاح الكيماوي فعلاً فقتل 1300 مدنياً من أصل 100 ألف قتيل أسهم الإرهابيون بقتل ثلثهم، فهل أميركا هي المسؤولة عن حماية المدنيين حول العالم؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لا تتدخل أميركا في مواقع أخرى غير عربية؟.
معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية والغازات السامة لسنة 1925 لم توقعها سوريا خلافاً لما ظن أوباما لسبب بسيط هو أن سوريا في حينه لم تكن دولة مستقلة بل خاضعة للاحتلال الفرنسي. وإذا أصبحت المعاهدة جزءاً من القانون الدولي فإن مجلس الامن الدولي وليس أميركا هو الجهة التي يحق لها أن تفرض القانون الدولي.
لماذا لا تتدخل أميركا لجانب القانون الدولي ضد إسرائيل التي تمتلك مخزونات هائلة من أسلحة الدمار الشامل بجميع أشكالها، ولماذا لا تضع حلاً للاحتلال والاستيطان المنافي للقانون الدولي. ولماذا لم تتدخل عندما أمطرت إسرائيل سكان غزة بالأسلحة المحرمة دولياً.
قد يكون من المفيد تذكير الرئيس الأميركي مرة أخرى بأن أميركا أصبحت متخصصة في شن الحروب على دول عربية وإسلامية دون غيرها، تماماً كما أن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لا يستخدم إلا في التعامل مع العرب.