ربما تكون «القاعدة» مشاركة في هذه الحرب الدامية التي تضرب العراق الآن بعنف أكثر همجية وبدائية مما يجري في سوريا لكن وقد تجاوزت الأمور في الآونة الأخيرة ،مع إقتراب هذا الشهر الفضيل من نهايته، كل الحدود فإنه ،حتى لا نكون كمن يسكت على مرضٍ عضالٍ بات مستقراً في كل خلايا جسده لابد من قول الحقيقة بدون مواربة ولا تستُّر والحقيقة أنَّ هدف هذا الذي يجري في بلاد الرافدين هو تقسيم هذا البلد العربي وإقامة دولة طائفية في جنوبه ،تستكمل التقسيم الطائفي الجاري الآن في سوريا، لتكون بمثابة خنجر مسموم في خاصرة الخليج العربي وتكون جسراً متقدماً لإيران «الفارسية» في هذه المنطقة العربية.
لقد إرتكب الأميركيون حماقة كالحماقة التي إرتكبوها في أفغانستان عندما سكتوا على التغلغل الإستخباري الإيراني في العراق بعد إحتلالهم له وعندما ،وهذا قد يكون مؤامرة وليس مجرد حماقة، عندما تبنوا لعبة أنَّ المسلمين السنة كلهم صدام حسين وأنهم بناءً على هذا يجب أن يدفعوا الثمن غالياً ويجب أن تتم تصفيتهم
السياسية كما تمت تصفية الرئيس العراقي الأسبق الجسدية.
ثم وإن الأخطر من هذا كله أنَّ الأميركيين قد تبنوا ذلك المنطق الطائفي القذر ،الذي لا شك أن إيران بمخابراتها وبأجهزتها الأمنية وأيضاً بمعمميها الذين قلوبهم أشد سواداً من عمائمهم المنسوبة زوراً وبهتاناً إلى عترة رسول الله صلوات الله عليه، القائل أن السنة يشكلون أقلية ضئيلة تجاه الأغلبية الشيعية والقائل كذلك أنه لابد من توزيع هذا البلد إن من الناحية الجغرافية وإن من الناحية السياسية على أساس هذه المعادلة «المفبركة» الكاذبة.. وحقيقة أنَّ هذا هو سبب كل ما يجري الآن في العراق من مآسٍ حالية ومن مآسٍ وويلات.
إنها الحرب الطائفية القذرة بعينها وإنَّ من هُم في مواقع المسؤولية يتحملون وزر كل هذه المذابح القذرة لأنهم فتحوا أجواء العراق وفتحوا كل حدوده البرية للزحف العسكري الإيراني في إتجاه سوريا وبدوافع طائفية ،لم تعد خافية حتى على الذين يضعون أيديهم فوق عيونهم حتى لا يروا الحقائق وحتى يخلقوا لأنفسهم مبرراً لإنكارها، كما أنَّ هؤلاء يتحملون تشكيل فيالق مذهبية ،فيلق أبو الفضل العباس على سبيل المثال وليس الحصر، وإرسالها للقتال إلى جوانب جيش بشار الأسد الذي تحول وللأسف إلى مليشيات (علوية) بحجة حماية مرقد السيدة زينب والمعروف أنَّ هذه الحجة هي التي أرسل على أساسها نصر الله قوات حزبه للتصدي إلى ثورة الشعب السوري في دمشق وفي حمص وفي حماه, وفي كل مكان من الأرض السورية.
وهكذا فإنه أمرٌ طبيعي عندما يكون هناك كل هذا الإستقطاب المذهبي الذي تقوده إيران لإسناد بشار الأسد ونظامه بدوافع مذهبية وطائفية أن يخشى «سنة» العراق من إلتفاف ما يسمى :»الهلال الشيعي» حول أعناقهم وأن يبادروا ،حماية لأنفسهم ولأطفالهم ولبقائهم كرماء في وطنهم ووطن أجدادهم وأجداد أجدادهم، إلى الردِّ على العنف المذهبي بعنف مذهبي مماثل بعدما تيقنوا من أنه ينطبق عليهم ذلك المثل القائل :»أُكلْت يوم أُكل الثور الأبيض».
إنه لا أمرَّ على النفس من أنْ يضطر الإنسان القومي العروبي الرافض للطائفية حتى بشقها السني ،والذي كان من أوائل مؤيدي الثورة الخمينية قبل أن تبين أبعادها المذهبية، من أن يتحدث بهذا الأسلوب وبهذه الطريقة.. لكن ما العمل ونحن نرى أن نظام بشار الأسد قد حول الصراع السياسي في سوريا إلى صراع طوائف وأنَّ إيران قد أوغلت كثيراً في التمزيق الطائفي في إثنين من أهم الدول العربية وأنه ثبت بما لا يقبل الشك بأنها ماضية في خلق هلالها الشيعي الذي تريده جسراً لتحقيق تطلعاتها الفارسية لإستعادة نفوذٍ سابق كانت فيه كل المنطقة العربية الحالية مجالاً حيوياً للإمبراطورية الفارسية.