بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 12 أكتوبر 2016

«أبومازن» الصامد وبقالات الشعارات

الرئيس الفلسطيني محمود عباس هو الأقدر، بين جميع العرب، على حفظ مصالح فلسطين، ولن يكون في العالم العربي من هو فلسطيني أكثر منه، فهذا الرجل يتحمل منذ سنوات عبء الدفاع عن قضيته الوطنية بما تيسر له من إمكانات في ظل حصار لم تعان منه سلطة على أرضها كما تعاني السلطة الوطنية الفلسطينية، وفي الوقت نفسه يتعرض لسهام التخوين والتشكيك من تجار اتخذوا هذه القضية بضاعة لهم، ولذلك فإن المتاجرة بمشاركة أبومازن في تشييع الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريس لا تخرج عن الإطار نفسه، إطار المتاجرة بفلسطين كلها كما هي الحال منذ العام 1947.هي لاشك تجارة خاسرة لأن بضاعتها الشعارات، فقط، التي لا تعيد لاجئا الى أرضه، او تحمي مشردا من قشعريرة البرد في ليالي مخيمات الشتات الحالكة، بل إنها ضيعت فلسطين كلها من البحر إلى النهر بدلا من تحريرها من الماء إلى الماء.
ندعو الرئيس الفلسطيني إلى المضي قدما في سياسته، فلا يترك مناسبة إلا ويستغلها كي يحقق الهدف الأساسي وهو إقامة دولة فلسطينية على أي أرض تسترد من الاحتلال الإسرائيلي وتتوسع بشكل دائم، لا أن يسقط في فخ سلطة غزة «الإخوانية» التي جيرت الدم الغزوي لحساب إيران في طريقها إلى توقيع صفقة اتفاقها النووي، ولم تقدم شيئا لهم إلا أبواقها الإعلامية للتباكي على الفلسطينيين فيما تركتهم 55 يوما يتلظون على جمر آلة القتل الإسرائيلية، فيما قادة «حماس» يقودون حرب فنادق عبر شاشات التلفزة من وراء البحار وليس إلى جانب الأبرياء الذين تركوا يواجهون مصيرهم.
نقول للرئيس أبومازن: هؤلاء، الذين يوجهون إليك السهام، هم العملاء بذاتهم يدورون في سوق العمالة ليبيعوا الدم الفلسطيني، ولست أنت الصامد في أرضك ساعيا إلى استردادها لاقامة وطن لشعب لاقى من التهاون العربي والانقسام الفلسطيني الويلات وعاش طوال عقود على الوعود.
شعب عرضت مأساته في واجهات دكاكين الشعارات، حين كانت تتخذ من أزقة بيروت سوقا لها، لتبيع عذاباته بأبخس الأثمان لأجهزة الاستخبارات فترتكب جرائم إرهابية وتخطف طائرات تحت شعار التعريف بالقضية، فيما كانت تخدم مصالح مشغليها كما هي الحال اليوم مع «حماس» و«الجهاد» وغيرهما من البقالات الشعاراتية التي تأتمر بإمرة نظام الملالي في طهران.
نعم، سيادة الرئيس، القضية اليوم عادت إلى جوهرها، أي مسألة فلسطينية- إسرائيلية، باعتراف العرب وتأييد العالم، وما تحقق طوال الـ 23 سنة الماضية من سلطة وطنية ومؤسسات، لم تستطع تلك الأبواق الزاعقة برفض كل شيء تحقيق عشرة في المئة منه، فلا هي أعادت أرضا ولا أقامت سلطة، ولا حتى حازت اعترافا عربيا ودوليا كما هي حال سلطتكم اليوم التي باتت عضوا في الامم المتحدة.
لا تلتفت إلى نعيق البوم ساكن الخرائب والساعي إلى المزيد منها كي يبقي له مكانا للنعيق، فإسرائيل أصبحت دولة واقعية، شئنا أم أبينا، وإذا ارتهنت للشعارات أو لصوص السلطة حتى لو على خرائب غزة كما هي حال «حماس» اليوم فلن يكون هناك أي أمل حتى بالابقاء على السلطة الوطنية الحالية، وليس فرض حل الدولتين الذي يبدو ان إسرائيل أصبحت أقرب إليه أكثر من أي وقت مضى.
*أحمد الجارالله-السياسة الكويتية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق