بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 16 ديسمبر 2015

الحل آخذ في الابتعاد...هنري كيسنجر: هل هناك حاجة لدولة عربية أخرى في فلسطين

«علم داعش الاسود سيرفرف فوق المناطق الفلسطينية إذا انهارت السلطة الفلسطينية بقيادة أبو مازن». هذا ما حذرت منه مرشحة الديمقراطيين لرئاسة الولايات المتحدة في الاسبوع الماضي، هيلاري كلينتون في منتدى سبان.
قد يتبين أن كلينتون على حق، لا سمح الله. ولكن ليس كما ألمحت بأنه بسبب عدم تقدم المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، بل العكس تماما. أي ـ إذا تجاهلنا الفوضى الحاصلة في الشرق الاوسط وأقمنا بشكل متسرع دولة فلسطينية، فان داعش سيسيطر عليها بسرعة كبيرة، أو تسيطر عليها جهة جهادية اخرى.
تساءل هنري كيسنجر في الآونة الاخيرة إذا ما كان من الصواب اقامة دولة عربية اخرى في ظل انهيار الانظمة العربية القائمة، وفي ظل تصاعد قوة داعش وازدياد قوة وتأثير إيران على رأس المعسكر الإسلامي الشيعي. 
اهارون ميلر ايضا الذي كان على صلة وتحت الادارات الأمريكية في مفاوضات الحل السياسي بين إسرائيل والفلسطينيين، تساءل في مقال له في صحيفة «وول ستريت جورنال» إذا كان العالم بحاجة الآن إلى دولة فلسطينية فاشلة. وهذا ما كتبه: «قبل عقد عندما أجريت مفاوضات في الشرق الاوسط، كان مجرد طرح السؤال بمثابة كفر في نظر مؤيدي السلام… ولكن على ضوء الفوضى المنتشرة في المنطقة لا توجد اليوم اسباب جيدة للتعامل مع هذا الخيار (أي اقامة دولة فلسطينية) بحذر وتشكك؟».
يقول كيسنجر وميلر ايضا إن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لا يوجد له تأثير كبير على باقي الامور السيئة التي تحدث في الشرق الاوسط، هذا على عكس الرأي السائد في بعض الاوساط في واشنطن وعواصم اوروبا. وهذه ليست الاصوات الوحيدة في الولايات المتحدة التي بدأت تشكك بفرصة أو حكمة التوصل إلى «حل الدولتين» وبالسرعة الممكنة. في الوقت الذي ما زال هناك من يلقي فيه اللوم على الحكومة الإسرائيلية بسبب الجمود في المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وعلى المستوطنات وغيرها، فان هناك المزيد والمزيد من الجهات التي أصبحت على وعي أن العقبة الحقيقية في الرفض الفلسطيني بالتعهد، أو حتى نقاش أمور مثل «حق العودة» والحدود والقدس والاعتراف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي، بدأوا يفهموا أن الرفض الفلسطيني ليس تكتيكيا وانما استراتيجيا. والامر المفضل لديهم هو السعي إلى انجازات سياسية عن طريق الامم المتحدة وأطر دولية اخرى ـ تحت غطاء العنف المنظم أو العفوي في الميدان.
إسرائيل بأغلبية مواطنيها وقادتها لا تنفي اقامة كيان فلسطيني منفصل عندما تتوفر الشروط الاقليمية والمحلية ـ وبنفس القدر فان معظم الإسرائيليين لا يريدون دولة ثنائية القومية ـ لكن هذا بشرط، كما قال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في منتدى سبان، أن يكون هذا الكيان منزوع السلاح ولا يقيم تحالفات عسكرية مع أعداء إسرائيل، أي لا يهدد أمن إسرائيل في المستقبل.
يبدو أن الرئيس اوباما، أكثر من وزير خارجيته، بدأ يتعود على التفكير أن حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني لن يكون جزءً من ارثه السياسي. ولكن من اقواله في اللقاء مع رئيس الدولة رؤوبين ريفلين، من الصعب معرفة ما ستكون استخلاصاته العملية، من هذا الواقع. صحافيون إسرائيليون فسروا اقواله أنه في ظل عدم التقدم في العملية السياسية فان الادارة الأمريكية ستجد «صعوبة في الاستمرار في كبح المبادرات ضد إسرائيل في المحافل الدولية». هل هذا تهديد مبطن أو غير مبطن ضد سياسة حكومة إسرائيل.
السؤال الذي يطرح نفسه هو هل العلاقات الخاصة بين أمريكا وإسرائيل والالتزام المتبادل يجب أن يرتبطا بمسائل خلافية مثل الحاحية أو عدم الحاحية اقامة الدولة الفلسطينية، لا سيما على ضوء احتمال أن ترفرف أعلام داعش فوقها.
*إسرائيل اليوم  - زلمان شوفال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق