بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 2 أغسطس 2015

حرامي العالم

هل تأخرت الولايات المتحدة الأميركية في تقديم عمل فني يمجد دورها في محاربة «داعش»؟ أم أن الأعمال المقترحة – إن وجدت - ما زالت قيد الدراسة؟ أم أن تقديم أعمال كهذه الآن ليس في مصلحتها الأمنية أو القومية أو الهوليوودية؟ أم ربما لا تجد أكبر صناعة سينما في العالم في الواقع الداعشي ما يمكن هزيمته بخيال هوليوودي بعدما انتصر الواقع على الخيال؟ اعتاد كوكب الأرض أن تغرق دور عرضه في موجات من الأفلام الأميركية أو تتسلل إلى شاشاته الفضية أعمال درامية تلفزيونية أميركية أو حتى تغزو اهتمامات مستخدميه العنبكوتيين أفلام وثائقية صنعت في الولايات المتحدة الأميركية تقدم عنصراً من عناصر الإبهار الفني والإعجاز السياسي والبطولات الإنسانية للأميركيين الذين يحررون «العبيد» أو ينقذون المختطفين أو يأسرون الأشرار أو يطعمون الجوعى أو يصلون بطائراتهم إلى المفقودين في عرض البحر أو أعلى الجبل أو تحت الأرض. واعتادت دور عرض الكوكب على «الطوابير» المصطفة لمشاهدة ما يرد إليها من صناع القرار الدرامي في أميركا حيث أفلام الخيال العلمي وتدخل البطل الأميركي في اللحظة المناسبة لإنقاذ سكان الأرض من غزو فضائي، أو أفلام الخيال النووي حيث يأتي ظهور مفاجئ للبطل الأميركي بهدف إنقاذ البشرية من خطر الأسلحة النووية، أو أفلام الخيال الوبائي...
وتحرص الأفلام الأميركية على مواكبة الأحداث (وربما المهازل) السياسية الكبرى في العالم بتأريخها درامياً، حيث الحرب الكورية، وحربا الخليج الأولى والثانية، ناهيك بأحداث 11 أيلول (سبتمبر). ولا يفوتنا تطرق الدراما الأميركية إلى شخصيات سياسية عربية في أفلامها الكوميدية مظهرة إياها في إطار هزلي، ومن هؤلاء صدام حسين ومعمر القذافي وياسر عرفات الذين لم يقوموا بأدوار محورية أو مؤثرة في الأحداث، بل إن ظهور ممثلين يشبهونهم كان لأغراض السخرية البحتة.
ولكن يبدو أن الأوان لتقديم عمل هوليوودي ضخم عن «داعش»، أو هكذا يتوقع عشاق السينما الأميركية الذين ينتقدون ما تقدمه سواء من النواحي الفنية أو من باب الإسقاطات السياسية والتلميحات النفسية التي تقدم أميركا باعتبارها شرطي العالم وعينه الساهرة وأداته المخلصة من الشرور والموبقات. وبما أنه لا حس أو أخبر حتى اللحظة في شأن نوايا شركات الإنتاج أو كتاب السيناريوات لتقديم عمل إبداعي عن «داعش» والدور الأميركي البطولي في مواجهته، فإن البعض يتساءل عن الأسباب. قد يكون الوقت مبكراً لتقديم عمل فني يوضح كيف ألقى شرطي العالم القبض على حرامي العالم، إذ إنه لم يلقَ القبض عليه بعد، ولا ملامح أو مؤشرات الى حدوث ذلك قريباً. وربما لأن هذه المرة «حرامي العالم» ليس العدو الأجنبي التقليدي، فمحاربو «داعش» قوات متعددة الجنسية. وربما لأن صناع السينما أيضاً ما زالوا في مرحلة الصدمة من بزوغ نجم تنظيم كـ «داعش» في شكل قلب العالم رأساً على عقب، ما يتطلب وقتاً لوضع تصور درامي لهذا العالم المقلوب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق