بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 20 سبتمبر 2015

أحزابٌ سياسية أم شَرِكات ؟


في الآونةِ الأخيرة ، رأيتُ وسمعتُ العديد من مُواطني أقليم كردستان ، المُستائين من الوضع المُتردي ، يَصِفون الأحزاب السياسية الرئيسية ، من خلال شاشات التلفزيون ، بأنها [ شركات ] وليست أحزاب . 
رُبما قبلَ سنواتٍ ، لم يَكُن المواطنون ، يستخدمون هذه العبارات في توصيف الأحزاب الحاكمة ، خوفاً من بطشها ، أو كانوا مازالوا يأملونَ خيراً فيها .. لكن اليوم ، تغيرتْ الأحوال وتراكمتْ السلبيات وإشتدتْ الأزمات .. وبقِيَتْ الفئة الطُفيلية المُستفيدة مُباشرةً ، من إحتكارات الأحزاب الحاكمة .. هي الفِئة الوحيدة ، المُتحمِسة للدفاع عن السُلطة والإستماتة في طمس الحقائق عن الفساد والنهب المُنظَم .
أثبتَتْ أحداث السنة ونصف السنة الماضية ، ان الحزب الديمقراطي الكردستاني ، بدرجةٍ رئيسية ، والإتحاد الوطني الكردستاني ، بدرجةٍ ثانوية ... عمدا الى إشراك أحزاب المُعارضة السابقة ( التغيير / الإتحاد الإسلامي / الجماعة الإسلامية ) ، في الحكومة ، وإسناد وزارات مُهمة إليها ، مثل وزارة المالية والبيشمركة والكهرباء .. فقط من أجل [ إحتواء هذه الأحزاب ] ، وكذلك إمتصاص غليان الشارع وتمييع الوضع السياسي تدريجياً .
ولقد نجحَ الحزبان ( ولا سيما الحزب الديمقراطي ) في ذلك ، الى حدٍ ما . فلم يستطِع وزير البيشمركة " وهو من حركة التغيير " ، أن يفعل شيئاً يُذكَر في وزارتهِ ، فما زالَ البيشمركة الخُضُر يستلمونَ أوامرهم الفعلية ، من قادة الإتحاد الوطني ، كما يأتمر البيشمركة الصُفُر ، بأوامِر قيادة الحزب الديمقراطي .. تاركين للوزيرالمسكين ، مُهِماتٍ شكلية بسيطة ! .
كذلك ، سّلموا خزينةٍ فارغة ، لوزير المالية " وهو من حركة التغيير " ، زائداً ديون مُتراكمة على الحكومة ن وقالوا لهُ : تفّضَل وحّسِن الوَضع ! . وأخْفَوا عنهُ واردات النفط الرسمية والسرية ، ولم يُسهلوا له طريق التعامُل مع الجانب التركي والبنوك التُركية ، وتعمدوا أن تعجز وزارة المالية ، عن توفير الرواتب .. ولقد نجحوا في مسعاهُم ! .
لَم يكُن رَد فِعل حركة التغيير ، بعد تجربة أكثر من سنة ، في الحكومة ذات القاعدة الواسعة ، وبعد فشل وزراءها ، في تحقيق إصلاحات جذرية وتنفيذ وعودها .. لم يكن رَد فعلها ، بالمُستوى المطلوب .. وما هذه الإجتماعات المكوكية الطويلة .. إلا هَدراً للوقت ولحقوق المواطنين ، و" تمديداً فعلياً " لإحتِكار الحزب الديمقراطي لملَفَي النفط والأمن والعلاقات الخارجية . 
سَلّموا وزارة الكهرباء المُثقَلة بالمشاكِل ، للإسلاميين ، وقالوا لهم : تفضّلوا وحّلوا أزمة الكهرباء ! . وتفنَنَتْ وزارة الموارد الطبيعية ، في عرقلة أي إصلاحٍ جدي في وزارتَي المالية والكهرباء .. ولم تُجهِز الوقود الكافي ، لتمشية عمل وزارة الكهرباء بصورة منتظمة ، وإفتعلَتْ مناقشات بيزنطية غير مُجدية . ولم يكُن رَد فعل الأحزاب الإسلامية المُشارِكة في الحكومة ، بالمُستوى المطلوب إطلاقاً .
وكانتْ النتيجة : أن الحزب الديمقراطي ، يلقي اليوم ، مسؤولية تأخُر الرواتِب ، على عاتق وزارة المالية ولا سيما شخص الوزير وحزبه ! . ومسؤولية تردي الكهرباء ، على رقبة وزير الكهرباء وحزبه ! .
طالما إرتضتْ أحزاب المُعارضة السابقة ، بهذا الوضع المَشّوَه ، وأصبحتْ جُزءاً من آلة السُلطة .. فأنها تتحمَل وِزر ، كُل هذه الأزمات التي ، تخنُق المُواطِن خنقاً .
يا حركة التغيير ويا الإتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية ، لو بَقِيَتْ عندكُم ذرةٌ من المصداقِية ... إخرجوا من السُلطة وإتركوا مناصبكم وإمتيازاتكم وإصطفوا مع الجماهير المحرومة المنكوبة .. ويا الإتحاد الوطني ، إحزموا أمركم : أن تكون لكم بيشمركتكُم وأسايشكم وأجهزتكم الأمنية وشركاتكم الإحتكارية الكُبرى ومصالحكم النفطية والتجارية ومواقعكم ومناصبكم وإمتيازاتكم ومافيات الفساد .. الخ ، وأن تكونوا في نفس الوقت ، داعين للإصلاح والتغيير .. فهذا لايجوز ولا يمكِن ! . فأما أن تتطهروا وتتخلوا عن قواعِد الفساد التي أنشأتموها .. أو تبقوا كما أنتُم : شُركاء الحزب الديمقراطي في جميع السلبيات المتراكمة منذ 24 سنة !
امين يونس- كاتب كردي
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق