بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 20 سبتمبر 2015

فـــلافـــل...

بالشارع الرئيسي لحينا الذي أسكنه بمدينة ليون, والذي أصبح من أهم الأحياء التجارية بالمنطقة الثامنة.. أغلق محل كان يتعاطى بيع نوع من السندويش والكعك الأمريكي.. بعد سنة من افتتاحه.. ولما رأيت أشغال إعادة افتتاح لتجارة أخرى.. وقرأت الدعاية لما سيئول إليه المكان.. وقرأت بالفرنسية وبخط عريض جدا كلمة FALAFEL فــلافــل... امتلأ قلبي غبطة.. ها هو أول محل شرقي بحينا
البورجوازي جدا.. ورأيت عمالا يعملون بديكور المكان.. وكان صاحب المكان على الباب.. وشكله ســامـي.. شــرقي.. عربي.. سلمت عليه وسألته من أين يأتي.. فأجابني من مدينة Nancy الفرنسية.. فأجبته بالعربية وأنا من مدينة ليون.. فأجابني بدهشة أنا لا أفهم العربية.. فتابعت متعجبا بالفرنسية.. ولكنك تريد أن تبيع فلافل.. فأين تعلمتها؟.. فاجابني بكل بساطة.. ببلدي إسرائيل... فأجبته بهدوء : وحتى الفلافل.. أخذتموها منا وامتلكتموها.. وصنفتموها بتراثكم... بسيطة... بسيطة.. يا سيد.. بسيطة... وأنا وأثق بأن هذا المخزن الرائع الديكور.. سوف يسيطر.. على مكاني بيع الفلافل (العادية جدا) الموجودين لأخوين لبنانيين, موجودين في ليون منذ حوالي عشرين سنة...
يا حسرتي... حتى الفلافل.. طعم الفلافل.. رائحة الفلافل.. وصيت الفلافل.. لم نعد نملكها.. ونفقدها.. وحتى التبولة.. تبولتنا المصنفة كأعلامنا والتي صارت تصنع من السميد وخلائط عجيبة غريبة.. وتباع بعلب معدنية وكرتونية.. وتسمى.. تــبــولــة... 
وصرنا نفقد ما نملك من معرفة وتراث وتاريخ ومنطق ومواهب.. ولكننا حافظنا على كل ما هو مهترئ من عاداتنا وتقاليدنا وشرائعنا البالية.. متابعين مضغ قات العنتريات والدونكيشوتيات.. وأوطاننا وعزتنا وكرامتنا.." واللي بياخد امنا.. نسميه عــمــنــا " وما زلنا نــصــر ونــعــقــد أننا أفضل أمة عند الله!!!... ووصلنا أخيرا إلى خــلافــة داعش... وموهبة الندب.. والدق على الصدور..... 
هاهم يقتحمون الجامع الأقصى.. كل يوم.. ومن سنين طويلة, يمنعون كل فلسطيني مقدسي عمره دون الخمسين سنة من الوصول إليه للصلاة.. وهل سمعتم خير همهمات الاعتراض المزورة المغشوشة من حكام العرب وحماة الإسلام؟؟؟... إذن لماذا أتعجب أن يبيع هذا الفرنسي ــ الإسرائيلي.. أو الإسرائيلي ــ الفرنسي فلافلنا... وهم استولوا على أرضنا وعقولنا ومصيرنا.. ولم نقابل كل هذا من سنة 1948 سوى بالكلام والمخططات وأنصاف المعارك الفاشلة... هنيئا لبائع فلافل حينا... لأنه لم يتبق لنا أي تراث أو أكلة أو طبخة, نعتز بها كتراث, نشيد لها أي فــخــر أو دعاية.. غير طبخ الكلام والكلام والكلام.. بينما كل الغرباء المستوطنين هنا أشادوا شيئا تراثيا من بلدانهم.. ولكننا نحن أشدنا الحجاب والتمييز والعنتريات وكراهية الآخـر.. والانطواء والقوقعة.. ولا أي شــيء آخــر......
ضــاع الــوطــن... وملايين المهجرين السوريين الضائعين التائهين من بلد لآخـر... إذن لماذا أبكي على الفلافل.. ولماذا أحـزن على التبولة.. ولكنني لن آكل من فلافل حــيــنــا.. وسوف أكتفي بالفلافل السورية التي علمتها طريقة صنعها شقيقتها من مدينة اللاذقية السورية من الحمص والفول والتوابل المختلفة.. بالهاتف.. ونأكلها مرتين أو ثلاثة بالسنة.. مع الأولاد والأحفاد.. وبعض الأصدقاء...
*********
تــحــركــات اللاجئين على أبواب أوروبا
من جديد أغلقت جميع دول الاتحاد الأوروبي أبوابها, بــحــدة وصرامة موحدة مشتركة.. بعد وعود ملتهبة مفتوحة بقبولها لعبور مئات آلاف اللاجئين.. وخاصة السوريين عبر هذه الحدود, بلا قيد ولا شرط.. واليوم تشد وتغلق وتقفل وتحدد وتناقش وتجتمع وتحدد وتصعب .. وتماطل... كأننا أيام النخاسة وبيع العبيد.. مــد وجــذر وأسعار تتلاعب وضغط حسب العرض والطلب.. واللاجئون السوريون بالآلاف يتنقلون من حدود مغلقة إلى حدود مغلقة.. من بلاد مغلفة إلى بلاد مغلقة...
وفي الوطن السوري.. أو ما تبقى منه.. تحضيرات حربجية وأبواق تطرق عن استعدادات وتجهيزات روسية.. واعتراضات أمريكية وإسرائيلية, ضد أية مساعدة روسية لسوريا...
لماذا... هل تبقى بهذا البلد, ما يسبى وينهب ويغتصب.. ويباع ويشرى؟؟؟... حتى فلافلنا وتبولتنا التي كانت علامة حضارتنا.. وآخر ما تبقى منها.. سلبتموها واستملكتموها... وحتى لاجئينا توزعونهم وتشترونهم وتبيعونهم.. بأسـواق الحروب و المؤامرات والسياسة والنخاسة!!!...
***********
عــلــى الــهــامــش
ــ تنبيه وتصحيح وتأكيد
بمقالي المنشور من يومين بهذا الموقع, وبالمقطع المنشور تحت عنوان خبر ســار, عن المواطن السوري محمد لاروزي, الهارب اللاجئ على الحدود الهنغارية, والذي أوقعته مصورة صحفية تابعة لقناة تلفزيون يمينية راديكالية, بضربة من رجلها.. ولما سمع بهذا الحادث الذي صوره عديد من المراسلين, حتى انتشر بالعالم كله.. وسمع به صاحب أكبر معهد لتخريج مدربين عالميين لكرة القدم في اسبانيا Migel Angel Galan أرسل له أحد مساعديه بعد أن أمن له كل معاملات اللجوء إلى اسبانيا مع ابنه الذي رافقه بالصورة.. مع تأمين نقل كل أفراد عائلته الباقين في تركيا إلى اسبانيا... مع تأمين تعليم اللغة الإسبانية لجميع العائلة, زائد السكن المريح وراتب كمدرب كرة قدم للسيد لاروزي..
كما سرحت المصورة الصحفيةPetra Laszlo من عملها.. بسبب ظهورها وهي تضرب السيد لاروزي برجلها.. وأقامت الأرض وأقعدتها.. وبالتالي فتحت أمام المضروب كل الأبواب المغلقة.. وأمنت له ولأولاده وعائلته كل أبواب الفرج والأمل والحياة الحقيقي...
مما جلب لي عنوان " خــبــر ســار " مئات الاعتراضات من سوريا.. ومن الغديد من قرائي في أوروبا واستراليا وكندا والولايات المتحدة.. بأن السيد لاروزي كان حقا مدرب كرة قدم في مدينة دير الزور السورية.. ولكنه كان من أشد المناصرين والمشاركين للمقاتلين الإسلاميين والغزاة بمدينة دير الزور... ولأي سبب أفرح وأطبل لنجاته؟؟؟!!!...
وكان جوابي أنني كنت أجهل كليا داعشية أو عدم داعشية هذا الإنسان في سوريا.. وتابعت صور الاعتداء عليه والعرض الإسباني الذي فتح لـه الأبواب المسدودة من الصحف البريطانية والفرنسية... وآمـل باختياره اللجوء إلى أوروبا مع كامل عائلته.. أن هذا تــخــل كامل عن أفعاله وآرائه الداعشية.. وأنه اختار الحياة والعلمانية والديمقراطية حسب الأنظمة والعادات الأوروبية.. وأنــه ســوف يتوب عن الماضي ويصلح ويتغير... فــرصة حـيـاة بيضاء جديدة تفتح له ولعائلته.. آمــلا ــ مع تحفظ وحذر وترقب ــ أن يتطور نحوالفكر الإنساني الديمقراطي والعلماني... بعيدا عن كل الداعشيات المخزنة لديه.. ومآســي هذه الحروب الغبية على أرض ســوريـا الجريحة.. وأن يوزع ميزان حياة نظيفة جديدة على ملايين السوريين المهجرين بكافة أصقاع المعمورة..
لــلــتــوضــيــح............
ــ مذبــحــة جــمــاعــيــة G é n o c i d e...
جميع وسائل الإعلام وجميع المؤسسات الحقوقية.. والتاريخية تذكرنا يوميا.. كل ساعة ومل دقيقة, ومناسبة ومن غير مناسبة بالمذبحة التي ارتكبتها المانيا النازية بحق الشعب اليهودي والغجر وبعض الشعوب السلافية والروسية.. والحكومة التركية ببداية القرن العشرين بحق الشعب الأرمني, والذي ما زالت ترفض بشراسة وعنصرية وترفع حتى اليوم... ولماذا لا يعترف هذا الإعلام وهذه المؤسسات الإنسانية, والحكومة التركية التي حضرت وسهلت وشاركت.. وخاصة الحكومات العربانية الإسلامية النفطية التي مولت وسلحت وساهمت وباعت الفتاوي الغبية اللازمة لتسهيل وتنفيذ هذه المجزرة السورية الجماعية؟؟؟... لماذا لا يصرخ هذا الإعلام.. لماذا لا تفضح هذه المؤسسات.. ولماذا يشارك بالجريمة أبناء عمنا وجيراننا بهذه المجزرة.. ويصرون بالتجاهل والنفي والصمت... كلهم شــركاء........
تــســاءلــوا.. تــســاءلوا يا بشر... ويا من تبقى من أحرار العالم.. ويا من تستطيعون التحليل والتفكير.. بعيدا عن ضباب ورياح الغباء الذي تــبــخــه وسائل الإعلام العولمية المافياوية........
بـــالانـــتـــظـــار...
للقارئات والقراء الأحبة الأكارم.. هـــنـــاك و هـــنـــا.. وبكل مكان في العالم.. كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي ووفائي وولائي.. وأصدق تحية عاطرة نبيلة مهذبة...
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق