بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 3 سبتمبر 2015

◘ العريف بنيامين


* ليلة أمس الأثنين 31/8/2015 ، تعاركتْ عائلتان ، إثرَ خِلافٍ على أراضٍ ومصالح مالية ، في منطقة كويسنجق ، وسقطَ أربعة قتلى من الجانبَين وعددٍ من الجرحى . علماً ان العائلتَين أولاد عمومة وأخوال بعض . العائلة المُهاجمة أولاً ، قتلتْ إثنَين من الطرف الآخَر ، وجُرِح منها إثنَين ... عائلة القتيلَين ، نصبَتْ كميناً في الطريق العام ، لأنها توقعتْ بأن
الجريحَين سوف يُنقَلان الى مَركز المُحافَظة .. وبالفِعل فلقد قدمتْ عربة إسعاف ومعها سيارة أخرى فيها أقارب الجريحَين وشُرطي .. فإنهالَ

المُتربصون على السيارتَين ، بوابلٍ من الرصاص ، وإحترقتْ الإسعاف ، وسقط قتيلَين وبعض الجرحى . هذا موجز المأساة التي جرتْ فصولها ليلة أمس : عقولٌ مُتحجِرة / ذهنيات مُستعدة لممارسة العُنف والقتل من أجل النفوذ والمال / جَشَعٌ لايُراعي القرابة والعلاقات الإنسانية / ضُعف الإدارة وتراخي الأسايش والشُرطة وتباطؤها اللامسؤول ، في التعامُل مع الحَدَث .
* سُلطتنا وحُكامنا وأحزابنا المُتنفِذة ، في الأقليم ... هُم نِتاج مُجتمعنا المُتخَلِف هذا . ومادامتْ الأحزاب الحاكمة ، تعتمدُ إعتماداً كبيراً على العشيرة في مُجمَل سياساتها ، فمن الطبيعي ، أن تكون ( قِيَم ) العشيرة ، هي المُتغلِبة ..


والدليلُ على ذلك ، هو عدم قُدرتهم ، على التحاوِر البّناء ، ولا الإستماع الى صوت العَقل .. فنراهُم يتفننون في خَلق الأزمات وإدامتِها .. وإطلاق التهديدات المُبطنة ، لللجوء الى العُنف في حالة إصرار الطرف الآخر على مواقفه ! .
أنهم يشحنونَ جماهيرهم ، بشحنات التطرُف وعدم قبول الآخَر .. يُرّوجون بأنهم مُستعدون لِخَوض الصراع " بِكافة الوسائل " إذا تطلبَ الأمر .. في سبيل أن يبقى الرئيس رئيساً وبكامل الصلاحيات .. هذا ما يحدث في هذا الجانب . وفي الجانب الآخَر ، يَصُرون على مواقفهم ويقولون ان الرئيس إنتهتْ صلاحيته ، ويجب ان أن يتم إختيار آخَر في البرلمان وبصلاحيات شكلية . 
أنهم أولاد عمومة وأخوال بعض ، يتصارعونَ من أجل النفوذ والمال والقُوة .
* وكما في حادثة كويسنجق المأساوية .. والتي سوف يتدخل فيها مسؤولون كِبار وشيوخ عشائِر ووجهاء ورجال دين ، سواء غداً أو حتى بعد سنين .. ويجري صُلحٌ بين الطرفَين وتبويسُ لُحى .. ويكون أولاد وبنات القتلى ، الأيتام ، هُم الخاسِر الأكبر .. وعوائل الجرحى الذين تعّوقوا ، هم الضحايا الذين يدفعون ثمن هذه الحماقة .. أما القتلى أنفسهم ، فلقد راحوا ، كما يقول المَثل ( بوله بْشَط ) ! .
كذلك .. في العملية السياسية العرجاء في الأقليم .. فلرُبَما ، تتصاعّد الأزمة الى مَديات خطيرة ، وقد يكمُن هؤلاء لهؤلاء أو بالعكس ، ويسقط بعض الضحايا .. ثم يتدخل الوسطاء الكِبار من الأجانِب ومن دول الجِوار ، فتتصالح الأحزاب ويُقبِلون بعضهم وكأن شيئاً لم يكُن !! .
ـــــــــــــــــــــــــــ
[ في نهاية الأربعينيات وحتى منتصف الخمسينيات ، كان هنالك عريف شُرطة في سواره توكا ، إسمهُ " بنيامين " مسؤولاً في المركز وتحت أمرَته بضعة أفراد شُرطة . كانَ بنيامين يُطّبِق القانون بحذافيره .. وكانَ مُخلِصاً في عملهِ .. كانَ الجميع في القريةِ ومُحيطها الواسع ، يهابونهُ ويخافونَ من سطوته .. سطوته المتأتية من السُلطة وتنفيذ القوانين ] .
لو كانَ هنالك " عريف بنيامين " في منطقة كويسنجق ، لِما تطور النزاع أعلاه ، إلى ذاك المدى المُؤسِف.
لو كانَ عندنا اليوم " عريف بنيامين " حقيقي ، في سُلطة أقليم كردستان .. لِما عانَينا كُل هذه المُعاناة المُرَكَبة .

        *امين يونس- كاتب كردي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق