بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 30 يونيو 2016

واجبات معسكر السلام

الواجب الأخلاقي والسياسي لمعسكر السلام الإسرائيلي بكل أطيافه هو مطالبة السلطة الفلسطينية، ومن يقف على رأسها، بالاستجابة إلى اقتراح رئيس حكومة إسرائيل والبدء في المفاوضات بدون شروط مسبقة.

أيضا الواجب الأخلاقي لممثلي القائمة المشتركة لعرب إسرائيل في الكنيست هو الانضمام إلى هذا الطلب لمعسكر السلام الإسرائيلي.
أعلن رئيس حكومة إسرائيل في الأشهر الأخيرة عدة مرات، وأيضا بوجود رئيس حكومة بريطانيا وفرنسا أنه مستعد للدخول في مفاوضات مباشرة مع قادة السلطة الفلسطينية، من دون شروط مسبقة ومناقشة كل المواضيع المختلف عليها بما في ذلك موضوع الحدود واللاجئين. في مرحلة معينة قال نتنياهو إنه مستعد لهذه المفاوضات أيضا في رام الله.
مثل الكثيرين أنا أعرف اللسان المزدوج لرئيس الحكومة والتصريحات الفارغة والخدع السياسية التي يقوم بها.
وأنا أعرف أيضا كل الأدلة التي تثبت أن فمه وقلبه غير متماثلين، ورغم ذلك إذا اقترح قائد رسمي لدولة إسرائيل البدء في المفاوضات العلنية والواضحة وبدون شروط مسبقة، فعلى الفلسطينيين الاستجابة والدخول إلى المفاوضات بغض النظر عن نتائجها، حتى لو أدت هذه المفاوضات إلى تحسن قليل فقط في العلاقة بين الشعبين، حتى لو لم يكن بالإمكان تقسيم القدس، ولكن بالإمكان على الأقل إخلاء البؤر غير القانونية وإعطاء مناطق أخرى وإن كانت صغيرة من المناطق ج للسلطة الفلسطينية، ستكون هذه مفاوضات ستؤدي إلى نتائج مهمة، حتى لو لم يحسم أمر جوهري في هذه المفاوضات ولكن على الأقل سيكون هناك توزيع أكثر عدلا للمياه للفلسطينيين في يهودا والسامرة، أو سيتحسن وضع الأسرى في السجون ـ مع ذلك يجدر بالفلسطينيين الجلوس وجها لوجه مع القيادة الإسرائيلية في حوار مفتوح وعلني من أجل البحث عن طريق لتحسين وضعهم.
يستطيع الفلسطينيون الاستمرار في التوجه إلى المؤسسات الدولية والمطالبة بالمساعدة والتأييد خلال المفاوضات المباشرة. 
لا يوجد تناقض بين النشاط الدبلوماسي الدولي والمفاوضات.فإسرائيل أيضا ستستمر في أعمالها الدعائية والسياسية لتقوية موقفها في المفاوضات. المؤسسات الدولية والضغط الأوروبي أو الأمريكي لن يؤديا إلى حل الدولتين، بل المفاوضات المباشرة فقط. واليوم بات واضحا تماما أن العالم العربي المشوش والغارق في الحروب الأهلية الصعبة لن يحل المشكلة الفلسطينية ولن يمنح الفلسطينيين الحرية السياسية التي يستحقونها. ففي السنوات التي كان فيها العالم العربي قويا وموحدا بعد حرب الأيام الستة وبعد حرب يوم الغفران لم ينجح في منح إقامة ولو مستوطنة واحدة.
إذا كان الفلسطينيون في أعماق قلوبهم يرفضون حل الدولتين ويأملون الدولة الواحدة أو العكس، فليعبروا عن نواياهم علنا وليقولوا في المفاوضات، ما هي الطرق والشروط لإقامة دولة واحدة؟ في الوقت الحالي، الاحتلال المستمر بكل اخطائه لا يسمم فقط الـ دي.إن.أيه الإسرائيلي بل يزيد أيضا من تعفن المجتمع الفلسطيني.
تطلب الفلسطينيون 20 سنة منذ حرب الأيام الستة ليفهموا حقيقة وضعهم البائس والاعتراف بالوجود السيادي الإسرائيلي في حدود 67، وهذا الاعتراف أيضا جاء فقط في أعقاب السلام مع مصر والأردن وبسبب الهجرة الكبيرة من الاتحاد السوفييتي سابقا.
رفض ياسر عرفات الانضمام إلى عملية السلام بين أنور السادات وإسرائيل في 1977. ومرة أخرى فقدت عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية سنوات مهمة أقيم فيها المزيد والمزيد من المستوطنات التي غيبت حل الدولة الفلسطينية. وقف المفاوضات بعد كامب ديفيد والانتفاضة الثانية بكل بشاعتها بحق الشعبين أبعد من جديد الحل المأمول. وحينما أعطى إيهود باراك لأبو مازن خريطة حقيقية عليها الحدود الدائمة المقترحة وليست بعيدة عن حدود 67 لم يجادل أبو مازن حول الاقتراح المهم، بل صمت وتجاهله معتقدا أن أولمرت لن يكون ذا صلة في ما بعد. لماذا اهتم أبو مازن بقضايا الحكومة الإسرائيلية. إنه زعيم شعب تحت الاحتلال ويحتاج إلى الحرية، وعليه السعي ليل نهار من أجل المفاوضات المتواصلة مع المحتل لإنهاء الاحتلال.
إذا حصل على اقتراح واضح كهذا من حكومة إسرائيل فمن الأجدر أن يحولها إلى رافعة لاستمرار المفاوضات.
إذا كان معسكر السلام لا يؤمن بتصريحات نتنياهو فيجب أن يمسكه من أقواله ويطلب من السلطة الفلسطينية، أخلاقيا وسياسيا الدخول الفوري إلى المفاوضات، يمكن أنه لا يخدع نفسه، ولكن يبدو لي أن نتنياهو ورجاله يفهمون الآن أن دولة ثنائية القومية في المدى البعيد هي حلم خطير على الهوية الإسرائيلية. لهذا فإن المفاوضات المتواصلة والعلنية بقدر الإمكان، حتى لو كانت متعبة ومخيبة لأمل الطرفين، فهي مهمة بمجرد وجودها.
لا يمكن أن يقوم معسكر السلام بملاطفة السلطة الفلسطينية فقط والتضامن معها. معسكر السلام بالتحديد من واجبه مطالبة القيادة الفلسطينية بشكل قاطع باستدعاء ممثلي إسرائيل الرسمية في أعلى مستوى إلى رام الله كما اقترح نتنياهو وعلنا وأمام عدسات الكاميرا من دون شروط مسبقة من أجل التحدث عن المشكلات. كل حل وكل اتفاق حتى لو كان صغيرا سيكون مرحبا به.
*أ.ب يهوشع -هآرتس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق