بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 17 يونيو 2016

تقاسيم (شيء يحيط بي... فماذا عنكم؟)

 يأخذني الشهر لجملة من التناقضات الاجتماعية التي لا تناقش ربما عن عَمد أو لخجلنا من العبور عليها، على رغم أن لها تبريرات شعبية طازجة وغطاء دينياً تلتحف به وهو غطاء منتقى بغية التنظير لا من أجل التدقيق والبحث والتساؤل المشروع عن سر هذه التناقضات والازدواجية، في ظل أن سيل الفتاوى المتناثر على امتداد السنوات المتلاحقة يثبت أننا نسأل لمجرد السؤال لا رغبة في التغيير والإصلاح والتعديل والبحث عن الحقيقة.

- الأسئلة المتداولة عن بعض القضايا الفقهية والشرعية هذه الأيام تقود لدهاليز حادة حرجة عن كيفية صيامنا ولماذا نحن نصوم؟ وتقول لنا إن حدود ومساحات المعرفة لا تجرى إلا في إطار ضيق، وتؤكد أننا نحب أن نكون أمام الآخرين في صورة مغايرة لما نحن عليه بالضبط، ولكن لأذهب معكم إلى هذه اللقطات العابرة السريعة من أجل محاولة بريئة لحل بعض الألغاز المستعصية على الحل.
- صديقي الذي يدعو لاستثمار الوقت، والبعد عن الملهيات، ومقاطعة القنوات هو الصديق نفسه الذي يزودني بنتائج كوبا أميركا ويورو أوروبا لحظة بلحظة ويتابعها بدقة على رغم توقيتها الحرج والمتواصل، الصديق الذي يقرأ القرآن صباحاً في مكتب العمل طلباً للأجر والرزق هو الصديق نفسه الذي يتحدث بالتفصيل الممل عن قنوات المساء، وأيها كانت جاذبة لعينيه، مغرية للمتابعة، ومحفزة على جدول متابعة يومية لسيل من المنوعات المتلفزة، الصديق الذي يزودني بالنقوش الدينية ومآثر المسلمين في هذا الشهر وكيف أنهم تقاطعوا معه بالصبر والجهاد والصلاة والدعاء هو الصديق الذي لا يحضر إلى مقر عمله إلا متأخراً بحجة أن رمضان ليس شهراً للعمل بل شهر مختلف للعبادة، فقد توقف عند أذنيه ذات شرح خاطف أن «نوم الصائم عبادة».
- الصديق الذي يرتدي عباءة الداعية نهاراً لا يجد مانعاً في أن يتنازل عنها مع مدفع الإفطار نزولاً عند ساعة لربك وساعة لقلبك، والصديق المحفز على صلاة الجماعة في مسجد الحي الذي يقطنه ويعاتب من يراه متأخراً عنها لا يتردد في الذهاب لمسجد آخر في زاوية المدينة لأن به إماماً يصعد به لأجواء روحانية ويلبسه ثوباً من التقى والخشوع، والصديق الذي يحذر من قناة فضائية لأن شيخه كرهها مؤخراً هو الصديق الذي يمتدح قناة أخرى مشابهة في المضمون متجاوزة في المحتوى، لأن شيخه أصبح ضيفها أو مادحاً لها.
- أخيراً الصديق الذي ينام من شروق الشمس إلى قبيل المغرب يسارع لأن يقول «اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت» ومستعد في ساعات استيقاظه أن يقوم بتوزيع الفتاوى والأحاديث ومقترحات ختم القرآن ويمارس التوعية الدينية بحماسة منقطعة النظير، ولذلك لا يستغرب أحدكم من أن تستمر فتاوانا الرمضانية السنوية من هذا الوزن: «ما حكم شرب الماء وقت أذان الفجر؟ ما حكم تذوق الطعام للصائم؟».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق