بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 17 يونيو 2016

اعرف صديقك

الوجود الروسي في الشرق أدّى في السنوات الأخیرة إلى اھتمام دول عربیة بدور موسكو، لم تكن في الماضي على علاقة معھا. منھا السعودیة، ومصر ما بعد السادات، ودول الخلیج عامة. سعت ھذه الدول بوضوح إلى دعم روسي لھا في الصراع القائم، أو على الأقل إلى حیاد لا یؤذي. غیر أن روسیا مندفعة ا وبلا أي تردد أو مواربة في أمرین: الأول، المشاركة في الحرب العسكریة إلى جانب إیران، والثاني، الدعم الدبلوماسي لإسرائیل بشكل مكشوف لا ً علن ا، لعل أبرز صوره المذھلة، حكایة الدبابة السوریة التي أھداھا بوتین إلى نتنیاھو خلال زیارتھ الرابعة إلى موسكو في عام. ً سابقة لھ إطلاق في ذروة العلاقات الأمیركیة - الإسرائیلیة، لا نذكر أن رئیس وزراء إسرائیل قام بزیارة واشنطن بھذا العدد أو الألفة. ما المطلوب؟ لیس أن نستنكر الغزل ا، لمرة، سیاسة روسیا وأسبابھا العمیقة، ًرا وشتائم لم یكلف أحد نفسھ حتى الرد علیھا. الأھم أن ندرس جدیً الثنائي بین أعداء الأمس، فقد قضینا العمر استنكا وأن نفھم ما الذي یحمل بوتین على عقد اتفاق، أو «تنسیق»، مع إسرائیل، فیما ھو یمسك القرار العسكري في سوریا. دعونا من قاعدة طرطوس ومیاه المتوسط الدافئة وسائر البدیھیات، التي تصلح لزمن بطرس الأكبر. ودعونا من حمایة النظام السوري لأنھ آخر حلفاء موسكو. ودعونا من الصراع الأمیركي - الروسي لأن الاجتماعات بینھما أكثر من لقاءات أي حلفاء أو أصدقاء أو أبناء عم. لا بد أن ثمة عوامل فیما ذكرنا. لكن ما الأسس التي تحرك السیاسة الروسیة وتنقلھا من العداء المعلن لإسرائیل إلى أربعة لقاءات مع نتنیاھو في السنة، واتفاق تنسیق، وھدایا من غنائم سوریا العسكریة، بحیث یتحول رمز العز إلى رمز الھوان على ید النصیر الأكبر في حرب النظام؟ ا النفور من الإلحاد. ولا نزال لا نبذل أي جھد لفھم روسیا. یفھم المرء أن ً ا لغتھ، وثالث طبیعتھ، وثانیً كان الاتحاد السوفیاتي أحجیة لا نفھمھا لألف سبب. أولاً نھمل ذلك إذا كنا لا نریدھا، أما أن نودھا ولا نعرفھا، فھذا خطأ استراتیجي سیئ. لا بد من مراكز أبحاث ودراسات عمیقة وجدیة وغیر كرنفالیة، لیس بالسر عن الكرملین، بل بمعرفتھ. ولیس مراكز تجسس رخیصة یشغلھا مخبرون عقیمون، بل مراكز علمیة حقیقیة تنیر لنا السبل الأفضل لإقامة علاقات دائمة فھم العالم أن طرطوس لیست ھي المسألة. ُ ومتوازنة وسلیمة مع دول بدأت حربھا في سوریا بإطلاق الصواریخ من بحر قزوین، لكي ت ماذا ترید روسیا؟ لماذا؟ ھل ھذه سیاسة بوتین فقط أم سیاسة الدولة؟ إلى أین سیؤدّي تحالفھا مع إسرائیل في نھایة الأمر؟ ما المفھوم الروسي لمستقبل المنطقة؟ كیف یفكر الروس؟ من فیھم یرسم الأفكار؟ نحن لا نعرف عن روسیا سوى أنھا تھدي دبابة سوریا إلى نتنیاھو. وھذا كثیر.
* سمير عطالله -الشرق الاوسط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق