بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 21 أبريل 2013

حمى الجشع .عبدالحكيم صلاح

من المؤسف حقا ان نجد شريحة عريضة من الناس لا هم لها سوى جمع المال..حالة الاستنفار القصوى بادية على محياهم وهم يجتهدون ليل نهار من اجل الوصول الى اعلى درجات سلم الثراء متكئين على الشعار المبتذل (الغاية تبرر الوسيلة)الذي يبيح لهم كل المحرمات.استعراض سريع لتصرفات هذه الشريحة تحت المجهر يظهر مدى الحد الذي طغت فيه النزعة المادية على روح المجتمع وسلوكياته ، الامر الذي يدعو الى القلق والتشاؤم.

حمى الجشع هذه الهبت الجميع ، من المسؤول المتشبث بكرسيه وعينيه على نصيبه من حكومات قد تتشكل ، الى الطبيب والصيدلاني اللذان ينهشان المريض المسكين ، بل و يسمسران عليه لصالح شركات الادوية ، الى سوق الخضار الذي يتحكم به السماسرة والوسطاء مرورا بالمنتفعين الذين يستغلون الاوضاع للاستحواذ على المال العام ولا تتم محاسبتهم بل يتم اجراء تسويات يعيدون بموجبها جزاء مما سلبوه  مقابل اغلاق ملفهم "هذا ما نسمعه" ناهيك عن تجار الاغذية الفاسدة الذين يتم التستر على اسمائهم  ، اما التاجر وتحديدا في غزة فحدث ولا حرج ، فأذن على الاخبار بانتظار اغلاق المعابر ليقوم بواجبه الوطني باخفاء السلع ، وعين على الاسعار ، همه الوحيد ان تبقى ارباحه تصاعدية  ، وقس على ذلك بقية المرافق العامة والخاصة من كهرباء وهاتف وبنوك لم تسلم هي الاخرى من هذا المرض ، والكل يفصل الامور على مقاسه وسيل التبريرات جاهز عند اللزوم.
ان الدخول في الاسباب التي ادت الى هذا الانهيار يدخل في اطار الاجترار، او ما يسمى بالجدل العقيم، ويعتبر البحث عن مجهول لتحميله المسؤولية نوعا من الهروب الى الامام لتفادي مواجهة الواقع.
ان عدم كبح جماح هذه الافواه الفاغرة المتعطشة سيترتب عليه امراض مفصلية بداء يتطبع بها المجتمع بحيث قد يتعذر العلاج .اننا نعتقد اننا نؤسس لكيان نطمح بان يكون نموذجيا بالمعنى النسبي ، ولا يزال لدينا هامش لتحقيق ذلك، على الرغم مما حل بنا من كوارث .
انه من غير اللائق باي شكل ترحيل هذه السلبيات التي هي من صنع ايدينا والصاقها كما يحلو للبعض تسميته بالمرحلة ..واذا كان كذلك فان المرحلية بالمفهوم السياسي والنضالي احوج ما تكون الى الفعل البناء والى تراكم هذه الايجابيات والتصحيح اولا باول .
 ان الظروف اليوم اصبحت مواتية اكثر من اي وقت مضى لترسيخ هذه المفاهيم وتعميمها لتصبح جزءا من الثقافة المجتمعية ..ان معالجة العامل الموضوعي الذي ادى الى هذا الجنوح والذي يتلخص في حالة التشرذم والتيه السياسي الذي ادى الى عدم الشعور بالامن الاجتماعي وفقدان الامل والخوف من المستقبل هو الطريق الوحيد للسيطرة على تبعات هذه الحمى والتقليل من تداعياتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق