بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

♣ معادلة كردية جديدة! - علي العبدالله

مع إطلاق الدخان الأبيض، بعد اجتماع دام تسعة ايام في مدينة دهوك، بالإعلان عن اتفاق المجلس الوطني الكردي وحركة المجتمع الديموقراطي، تكون معادلة كردية سورية جديدة قد ولدت.ما الذي حصل ولماذا؟ تم الاتفاق، وفق ما سُرب، على تشكيل مرجعية سياسية وإدارية جديدة بنسب متساوية

(40 في المئة للمجلس الوطني الكردي و40 لحركة المجتمع الديموقراطي و20 للمستقلين)، وتوحيد مناطق الإدارة الذاتية التي سبق تشكيلها من قبل حزب الاتحاد الديموقراطي عام 2013، وتشكيل قوة عسكرية مشتركة، على ان يتم اجراء انتخابات لاختيار برلمان كردي سوري جديد.
وهذا، ان صح ما سُرب، تغيّر كبير في موقف حزب الاتحاد الديموقراطي لجهة القبول بإشراك أحزاب كردية في القرار السياسي للإدارة الذاتية، والقبول بوجود قوة عسكرية تشترك مع «قوات حماية الشعب» و»قوات حماية المرأة» التابعة له في هذه المناطق.
واضح ان المفاوضات كانت صعبة وحساسة، والاتفاق ما كان ليتم لولا قبول حزب الاتحاد الديموقراطي بالتخلي عن مواقفه السابقة وسياسته القائمة على الانفراد في الحُكم واعتماده سياسة قمعية ضد معارضيه السياسيين والاجتماعيين (اغتيال واعتقال ونفي خارج المناطق).
وجد حزب الاتحاد الديموقراطي نفسه في موقف دقيق وخطير جسدته تصريحات السيد صالح مسلم، الرئيس المشترك للحزب، حيث طالب تركيا، التي طالما اعتبرها عدوة للشعب الكردي، بالتدخل لمنع سقوط المدينة وحمّل الجميع مسؤولية ما سماه الإبادة الجماعية. فقد عجز عن صد هجوم تنظيم «داعش» الإرهابي على مدينة كوباني، وكادت المدينة تسقط، وسقوطها سيعني فشله في حماية الكرد في مناطق الإدارة الذاتية التي شكلها. وحلفاؤه ورعاته ليسوا في وضع يسمح لهم، لاعتبارات جغرافية وسياسية، بنجدته، والذين يستطيعون تقديم الدعم ومنع سقوط المدينة يريدون ثمناً لذلك: فك ارتباطه بالنظام السوري، الذي عقد معه صفقة سلّمه بموجبها ادارة المناطق الكردية في مقابل الإبقاء على وجود علني للنظام في هذه المناطق ومنع الكرد من الانخراط في الثورة السورية، وكذلك مشاركته مع قوى المعارضة في العمل على اسقاط النظام (مطالب قدمتها تركيا لمسلم خلال اجتماعه الأخير مع مسؤولين من الخارجية التركية في اسطنبول، وكررت بعضها الإدارة الأميركية خلال لقاء مسلم مع منسق التحالف الدولي الجنرال الأميركي جون آلن في باريس).
ومع ان شيئاً رسمياً عن نتائج لقاءات مسلم مع الأتراك والأميركيين لم يعلن الا ان ما تم على الأرض يشي بأن اتفاقاً ما قد حصل، حيث صوّت البرلمان التركي على السماح بمشاركة عسكرية تركية في القتال ضد «داعش»، والسماح لقوات اجنبية باستخدام الأراضي التركية في الحرب على التنظيم الإرهابي، تلاه السماح بمرور قوات من البشمركة عبر الأراضي التركية الى كوباني، وبدء غارات طيران التحالف تركيز قصفها على قوات «داعش» في محيط كوباني وداخلها، ثم اسقاط اسلحة وذخيرة ومواد طبية لقوات الحماية الكردية وكتائب الجيش الحر التي تشارك في الدفاع عن المدينة.
غير ان علامات استفهام وأسئلة كثيرة حول تنفيذ الاتفاق لها مشروعيتها تُطرح في ضوء نكث حزب الاتحاد الديموقراطي بوعوده وتهربه من تنفيذ اتفاقات سابقة (اتفاقيتي هولير)، والاتفاق الأخير هو الثالث بين الطرفين. فالحزب الذي يرتبط بعلاقة سياسية وعقائدية مع حزب العمال الكردستاني، الذي دعمه النظام السوري طوال عقد الثمانينات والذي يتلقى دعماً ايرانياً للضغط على تركيا، لإجبارها على تغيير موقفها من النظام السوري، لن يقبل بالاتفاق لأنه اشرك خصومه الكرد، وبخاصة البارزاني، في ادارة المناطق وجعلهم شركاء، بعد ان اصبحوا منقذين، ما يعني ضرب أنموذجه للحل في تركيا، وهو يريح الأخيرة في مفاوضاتها معه حول المصالحة الوطنية. والنظام السوري، حليفه اللدود، لن يقبل بإجراءات تمنح الأحزاب الكردية المشاركة في الائتلاف، وبالتالي الائتلاف نفسه، موطئ قدم وشرعية دولية اضافية. كما ان ايران لن تقبل بذلك، لأن الاتفاق أعطى حلفاء تركيا من الكرد (البارزاني) دوراً كبيراً في مستقبل المناطق الكردية السورية، ما سيزيح ضغطاً عن كاهل تركيا ويفتح لها باباً للولوج الى هذه المناطق (نقلت وسائل الإعلام تصريحات لأعضاء في الحزب المذكور تنفي حاجتهم لمقاتلين كما وتنفي الاتفاق مع الجيش السوري الحر للقدوم والمشاركة في القتال في كوباني).
ونحن في انتظار التوقيع على الاتفاق وإعلانه وتنفيذ بنوده وولادة معادلة كردية سورية جديدة تفتح على توافق سوري معارض، والدخول في حوار مع بقية المكونات التي استفزها فرض الإدارة الذاتية كأمر واقع ودفعها الى التحرك لتشكيل هيئات خاصة (العرب والآشوريين الكلدو سريان) تعزز فيه وضعها في هذه المناطق على أمل دحر الإرهاب والتخلص من الاستبداد وولادة سورية حرة وديموقراطية.

* كاتب سوري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق