بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 15 مايو 2013

يا ألف ليلة


مالم تروه الاخبار عما دار بين شهرزاد وشهريار في الليلة الثانية بعد الالف، قالت شهرزاد: ايها الملك السعيد، يحكى ان امير تلك البلاد الذي زهد في كل ما فاض وزاد، بعد ان ضاق ذرعا بالمنافقين والاوغاد عاد فاستقبله اهل البلاد من كل فج وواد ودعوا له بطول العمر والسداد، وما ان استقر به المقام حتى شرع بمراجعة الحساب وجمع وطرح الارقام وتفرس من حَلّق وحوله حام، وكيف كان حاله وسط الزحام فزهى وتبختر وبريح بلاده تعطر، وزال من قلبه القلق وتراءت له مآذن بدل النور في نهاية النفق. وما ان دقت الطبول ونادى المنادي بتململ الغول حتى قام وتدبر وبالمخلصين استنفر وبربه استنصر فصال وجال ولم يفله قِصر الاجال ولا تدهور
الحال، فخرج من بين الانقاض يشحذ الهمم ويعيد الامجاد، فلا هو عابىء بالمنافقين الذين بدلوا السين بالشين ولا بالذين تسربلوا بالعباءة وفيهم نفس الرداءة، فنفثوا في الظلام الاحقاد وعاثوا فُرقة وافسادا. فقابلهم برقة ورفع عنهم المشقة، فهو يدرك انهم بالنهاية هم له ابناء وعدوه يتمنى له ولهم الفناء. ولما سأل شهريار شهرزاد عن قبيلة عنترة بن شداد، قالت: اقفلوا الحدود وبدأوا يصرخون ويلطمون الخدود، ويذرفون الوعود على الدور المفقود فشكلوا الوفود لتطييب خاطر اليهود، وعندما انكشف حالهم قل حياؤهم وما من شيء عابهم، ولما سمعوا الخطاب ناهضوا ما يسمى (ارهاب) وفتحوا مرابعهم للغزاة والاشرار من كل الفيافي والقفار، وبعد ان ورطوا الأمة واحبطوا الهمة تداعوا الى القمة ليعلنوا بأنهم الى رشدهم عادوا والى طريق الحق تهادوا حتى لا يلقوا نفس المصير الذي آل اليه الامير «ابو عبد الله الصغير» وبينما هي مسترسلة بالحديث التفتت بطرف عينها الى شهريار، فاذا به يغط في سبات عميق يعلوه شخير وشهيق من هول ما سمع، فأدركت شهرزاد في تلك الليلة ان نهايتها دنت فسكتت عن الكلام المباح قبل ان يطلع الصباح.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق