بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 12 مايو 2015

الباب السابع - فجر يعقوب

ان كان الأمر برمته يستدعي انجاز ستة أجزاء من مسلسل «باب الحارة» حتى يكتشف بعض القائمين عليه أن ثمة انتقاصاً من حقيقة الحياة الشامية ونوعيتها التي كانت سائدة فيها، (أقله في الأجزاء المعنية)، يستدعي مواجهته في الجزء السابع عن طريق تقويم السيرة والسرد المحكيين فيه، فإن في الأمر إحالة الى نوع من محاكمات تطاول القشرة وليس اللب، بعدما تسيدت تلك الصورة النمطية عن حارات الشام من دون أن يعني ذلك أنها قاربت «الأقانيم» التي قامت عليها تلك الحياة في تلك الفترة.
بعض صنّاع العمل والمشاركين في الجزء السابع يقولون ان هناك مبالغات، لا بل تجنيات على نوع هذه الحياة جرت في الأجزاء الســـتة السابقة. لا نعرف كيف أمكن هذا البعض اليوم أن يقول إنه بالعودة الى صــفحات ذلك التـــاريخ جرى اكتشاف كم أن تلك الحياة التي مرّ عليها المسلسل لم تكن بالصورة التي ظهر عليها «شوام» الحقبة التي قام مسلسل «باب الحارة» بتوليفها، مع الاصرار في كل جزء على أن ترديد تلك المقولة المتعلقة بضرورة اعادة كتابة التاريخ الشامي كانت تستفيد في كل دقيقة من الوثائق والصور.
اليوم مع انطلاق عمليات تصوير الجزء الجديد من المسلسل صار مهماً العودة الى مصطلح كتابة التاريخ تلفزيونياً من دون أن يخضع لاملاءات انتاجية، ومراقبة تلك العمليات التي قامت عليها هذه الكتابة، وان عرف هذا بالأمر المستحيل، لأن هذا يتطلب تعديلات في نوعيات العمليات الانتاجية وما اذا كانت الجهات التي تقف وراءها تمتلك أجندات في ضخ روح مختلفة لدى المشاهدين الذين لا يقفون على هوية واحدة، ولا ينتمون الى عادات تاريخية وثقافية واحدة.
الأكيد أن هذه العملية تتطلب نوعاً من الاستقلالية ليست متوافرة في حالة المسلسل من الناحية الانتاجية التي تقرر نوع وهوية العمل والعروض ونوع المعلن، وربما نوع الاعلان الذي سيشق الباب في اللحظات التي تسبق عرضه، أو التي ترافقه في فواصل الاستراحة.
كتابة التاريخ – تلفزيونياً – مصطلح غامض في قمة الوضوح. هذا أمر بحاجة لتقليب وتمحيص، فقد سبق لبعض صنّاع الدراما السورية يوماً أن وجهوا دعوة للملحق الثقافي الفرنسي في دمشق بعد الانتهاء من مسلسل يحاكي حقبة الاستعمار الفرنسي لسورية لإبداء الرأي في الحبكة الدرامية وما اذا كانت تؤثر على «العلاقات الطيبة» بين البلدين، فما كان من الملحق الثقافي المولود لأم فلسطينية وأب فرنسي الا أن قال بالحرف الواحد: «هذا تاريخكم، وعندما تضطرون لكتابته لا تشاوروا أحداً».
في حالة باب الحارة بكل أجزائه السابقة واللاحقة تبدو حكاية اعادة كتابة التاريخ ولو بجزء منه يعاني من شطط عمليات الانتاج، أضف الى ذلك اليوم ما يحدث وراء الأبواب التي لم تعد مغلقة بإحكام على شيء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق