بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 9 مايو 2015

الانتقادات للسيسي… ماذا يحدث في كواليس الاعلام؟

شهد بعض وسائل الاعلام المصرية مؤخرا حملة انتقادات غير مسبوقة ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وصلت الى حد مطالبته بالرحيل او اجراء انتخابات رئاسية مبكرة على خلفية ان حكمه اقترب من نهاية عامه الاول «دون انجاز ملموس».
وذهب كتاب الى استنكار انه لم يتقدم حتى الان بـ «اقرار الذمة االمالية»، وهو شرط دستوري ملزم لكافة المرشحين لرئاسة الجمهورية، والتذكير بأن «مصر السيسي لا تختلف كثيرا عن مصر مرسي او مصر مبارك، من حيث تفاقم المعاناة من المشاكل الاقتصادية وغيرها».
وتباينت التحليلات والتكهنات بشأن حقيقة هذه الحملة، حتى ان احد الذين «امتهنوا سبوبة الاعلام» رغم انه كان يقدم نفسه على انه «محام» حتى وقت قريب، كشف عن ان الانتقادات جاءت بطلب من السيسي نفسه (..). والتقط البعض الخيط، وتطوع بـ «حبكة درامية مثيرة « مفادها ان اجهزة سيادية قدمت تقارير مؤخرا للسيسي حذرته فيها من تراجع شعبيته، في ظل تدهور الاوضاع فيما تواصل الابواق الاعلامية تقديمه على انه «البطل المنقذ»، ما يزيد من الشعور بالاحباط. ولايعني هذا ان شعبيته لم تتراجع. واستفاد هذا التحليل من عبارة وردت ملفتة في خطاب رسمي للسيسي الاسبوع الماضي هي «ان الاعلام ليس مطالبا بأن يكون من ادوات الدولة». وبالطبع سارع محسوبون على الاعلام لـ «تسجيل ولائهم» للرئيس فاذا بهم يشنون حملة مضادة خونوا فيها كل من يجرؤ على انتقاد السيسي، وذكروهم بتاريخهم، بل وهددوا بفتح ملفات وكشف اسرار وفضائح «ستجعلهم لا يستطيعون ان يمشوا في الشارع». 
ووسط هذه الحالة «السوريالية» من الفوضى والانفلات، هذه محاولة لمعرفة ما يدور حقا في كواليس هذا الاعلام، وهي ستشبه حتما السير في حقل الغام، الا ان الامر ربما يستحق المخاطرة:
يعبر «المشهد الاعلامي» في مصر عن « حالة صراعات شخصية وسياسية ومادية مركبة»، متعددة الاطراف والاهداف والوسائل، ولا تنظمها اي قواعد مهنية او حتى اخلاقية. 
ثمة مستوى داخلي للصراع بين القنوات/المذيعين الابرز، بهدف ان تصبح الاكثر تأثيرا على الرأي العام املا في الاقتراب من الرئاسة والفوز بمكانة خاصة لديها، وآخر خفي مع النظام، ثم مع المشاهدين. لكن تلك القنوات واجهت انتكاسة واسعة خلال الشهور الاخيرة مع استنزاف مصداقيتها الذي انعكس بوضوح، وباعترافها ايضا، في تراجع مضطرد لنسب المشاهدة، وهو ما نبه النظام الى ان اضرار بعضها اصبحت تفوق كثيرا فوائدها، خاصة ان بعضها تحول بوقا صريحا للرئيس المخلوع حسني مبارك وفلول نظامه. 
وحسب تقارير اخبارية فان السيسي اوصل رسالة الى رجل الاعمال المالك للقناة التي القى من خلالها مبارك ما بدا وكأنه «خطاب عيد سيناء» عبرت عن انزعاجه مما حدث. 
وبالرغم من ازماتها الاقتصادية، تبدو القنوات مستعدة لمواصلة دفع الملايين كأجور الى اولئك المذيعين، في حين تعجز عن دفع اجور باقي العاملين، املا في البقاء في هذا السباق للفوز بالجائزة الكبرى المتمثلة في دعم السيسي. 
ومثال ذلك لم تجد احدى المذيعات مؤخرا من الحياء ما يمنعها من القول انها «قادت ثورة الثلاثين من يونيو/حزيران من هذا الاستوديو» في رسالة مباشرة (اقرب الى الابتزاز منها للغزل) لتذكير السيسي (ان كان قد نسي).
اما على المستوى الشخصي، وحسب المثل المصري (احنا دافنينه سوا)، فان اولئك المذيعين يعرفون بعضهم البعض جيدا، كما ان تاريخهم معروف للكثيرين، وخاصة انهم «طبلوا لكل العصور» بما في ذلك عصر الاخوان، فالتي قالت عن نفسها «زعيمة ثورة» طالما عملت رسميا وبأجر لتجميل وجه نظام مبارك. اما الذي يتهم مرسي يوميا بالارهاب و.. و.. فقد كان يعمل عنده اثناء وجوده في الحكم، وطالما تباهى على المشاهدين وزملائه بـ «مكانته في الرئاسة». اما الذي كان يتملق شباب الثورة وهم يهتفون «يسقط حكم العسكر» في عهد المشير طنطاوي، فقد اصبح يقدس هيمنة المؤسسة العسكرية على مقاليد الحكم في عهد السيسي، الى آخره. ولا يشك احد في ان هؤلاء سيتصدرون المهللين لاي تغير جديد في قمة النظام. 
اما النتيجة فهي شعور من الاشمئزاز عند الغالبية الساحقة من المصريين تجاه هذا الاعلام المتلون الذي أكل على كل الموائد(وقبض ايضا). 
اما الانتقادات للسيسي في هذا التوقيت، فبعضها حتما صادر عن اقلام صادقة تعبر عن آراء كثيرين شاركوا في مظاهرات الثلاثين من يونيو/حزيران، ثم اكتشفوا ان البعض قد نجح في «ركوبها» وتجييرها لمصلحة اجندات مضادة لاهدافها. 
اما بعضها الآخر، فيأتي من بعض اولئك الاعلاميين المتلونين، والهدف هو تحصين انفسهم، وتفسير ذلك انهم عندما يفردون الحلقات لانتقاد تقصير النظام بشأن زيادة اسعار السلع وانقطاع الكهرباء وغير ذلك، انما يحتمون بالشارع وهمومه في مواجهة نظام اصبح يدرك ان اغلبهم صار عبئا بل وخطرا حقيقيا على بقائه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق