بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 27 نوفمبر 2013

مفارقة أردنية فقط: دعاة الإصلاح الزاحف يقودون ‘المتدرج’ بسام البدارين

لا أعرف شخصيا وصفة من أي طراز يمكن أن تقود إلى {الإصلاح المتدرج}عبر الإستناد فقط على رموز سياسية وبيروقراطية لا تؤمن بأكثر الأحوال إلا بالإصلاح {الزاحف} الذي ينتهي بتقزيم الجميع من القمة إلى القاعدة في المجتمع.
النخب الموجودة حاليا في واجهات كل مؤسسات الإدارة والتمثيل الأردنية إما معارضة للإصلاح

ونشطة في مجال الدعوة للدولة المركزية أومدعية للإصلاح وتؤمن به زاحفا كسيحا على كرسي عجلات لا يتدحرج بكل الأحوال.
على هذا الأساس يصبح من الصعب تصديق الرواية التي تقول بأن الهدف من تحشيد كل رموز التيار المحافظ في جميع المؤسسات هو تحرير الساحة الوطنية منهم وإشغالهم مؤقتا وتخفيف شرورهم المضادة لمشاريع الإصلاح.
ومن الصعب تصديق الرواية التي تقول بأن ظروف المرحلة تتطلب الإنتباه أكثر والإتجاه نحو تخفيف جرعات الإصلاح حتى لا تفلت الأمور أو التي تفترض بأننا مجموعة {مساطيل} عندما تبلغنا بأن الإصلاح الوطني المتدرج غير لائق وغير مناسب {لشعبنا} وبأن الإقتصار على لون واحد من رموز الحرس القديم أو عديمي الكفاءة وفي جميع المناصب العليا هدفه التدرج بثقة نحو الإصلاح.
لا يمكن لمن إقتصرت خدمته على العقلية القديمة أوالكلاسيكية أن يتدرج في الإصلاح ولا يمكن الإعتقاد بإمكانية تحشيد دعاة الإصلاح الزاحف أو اللاصلاح وراء عملية إصلاحية حقا من أي نوع فالتدرج يقوم به من يملكون قدرة فنية على التدرج فعلا.
نقف مع النظام تماما في تقديره للظروف العامة بالمنطقة وفي إدراك حساسية المرحلة ونقف مع التدرج المنطقي في الإصلاح لكن على أساس وجود مسؤولين ورموز قادرين فعلا على إنجاز هذا التدرج ولا يحتفظون بسجلات متفوقة جعلتهم لعقود في الصدارة عندما تعلق الأمر بإعاقة كل ما هو إصلاحي.
لعبة الإصلاح المتدرج قد يكون المقصود بها التراجع تماما عن كل السياسات والوصفات الإصلاحية التي تقفز وتنمو ثم تنخفض وتتقلص تحت تأثير العامل الإقليمي دون أن يفيد منطق الدولة الأردنية وبعدها النظام العربي الرسمي في نكران هذا الواقع عبر التشدق بما يسمى بالإصلاح الوطني وهو حصريا الإسم السري لحالة اللاصلاح والإسم المخفي للإصرار على الإمساك بكل الصلاحيات بيد نخبة من صناع القرار لديها إستعداد فطري لخنق النظام قبل الشعب مقابل التمسك بمكتسباتها.
الإصلاح الزاحف أوحتى المتدرج ينبثق من عبقرية الإستحكام الأمني والإستعصاء البيروقراطي ويحافظ على مستويات منتعشة من الفساد ويمنع محاسبة أو محاكمة أو حتى ملاحقة اللصوص والحرامية الذين سرقوا الأخضر واليابس في النظام العربي تارة بإسم الشعب وتمثيله ومرة بإسم الحفاظ على الأمن والقانون.
في الحالة الأردنية تحديدا يمكنك الإصغاء في كل مرة وفي غالبية الأروقة الرسمية والحكومية وعند نفس النخب البالية التي أفسدت حياة الأردنيين لنفس الإسطوانة المشروخة التي تتحدث عن متغيرات إقليمية حادة ومتطلبات أمنية إجتماعية وأولويات من طراز خاص وضرورات تتطلب تأجيل الإستحقاقات الإصلاحية البارزة سواء تلك التي يطلبها الشعب أو التي ينبغي العبور عنها للوقوف على العتبة الأولى في المستقبل.
عندما أطاح تحالف بيروقراطي محافظ للحرس القديم برئيس مجلس الأعيان طاهر المصري مؤخرا قيل في الكواليس بأن الأولويات الوطنية تتطلب الإصلاح المتدرج.
وعند السؤال عن السر وراء صمود وبقاء قاعدة {الصوت الواحد} في قانون الإنتخاب منذ عام 1993 رغم مسؤوليتها الواضحة عن كل المجازر المرتكبة ضد النزاهة والديمقراطية يأتي الجواب فورا على شكل همسة مبتسمة تحيلك مجددا إلى مقولة الإصلاح المتدرج.
وعندما تسأل عن مبررات لفلفة ملفات الفساد يطالبك المعنيون بإظهار الإحترام لكلفة ذلك ونتائجه السلبية على {سمعة الوطن}.
الإصلاح المتدرج في الأردن هو الوسيلة المتاحة للإلتفاف على الخطاب والمنطق الإصلاحي بدعوى تجنب إغضاب الدول الشقيقة التي {تمول} الخزينة الأردنية وعلى رأسها السعودية وتجنب السعي لإثارة حساسية الأشقاء والأصدقاء الذين يخشون عبور فيروس الإصلاح إلى شعوبهم عبر الحدود الأردنية .
أحد الخبثاء من السياسيين الأردنيين إقترح في جلسة مغلقة الإنفتاح أكثر بإتجاه الإصلاح مع تشكيل كتيبة أمنية متخصصة بحراسة الحدود وظيفتها منع الأفكار الإصلاحية من العبور نحو السعودية والعراق وسورية وإسرائيل فهذه الأطراف جميعها- سبحان الله- لا مصلحة لها في أردن إصلاحي وديمقراطي بصورة جذرية.
هذه فكرة مضحكة وساخرة لكنها تكشف عن مستوى إرتهان القرار السياسي الأردني المعني حصريا بالإصلاح الديمقراطي للإعتبار الإقليمي فأردن إيجابي ديمقراطي إصلاحي قد يدفع نصف الشعب الأردني للمطالبة بحق العودة.
وقد يؤدي للكشف عن مآثر الإستحكام وبؤر الفساد في السعودية والخليج وقد يعبث بمعادلة الحكم الطائفي في العراق وقد ينتقل كعدوى لا سمح الله لسورية فيدفعها شعبها للإسترخاء بحيث تستقر الأمور وتنتهي الثورة على أساس شراكة الناس في إدارة شؤونهم مما يعني تلقائيا توقف صفة {الالهة} عن حكام دمشق وزبانيتهم.
الشعب الأردني وحده يدفع من مستقبله ثمن هذه الحسابات التي تستوطن ذهنية صانع القرار التنفيذي في المملكة فيما يستخدم أشخاص نافذون لا يؤمنون أصلا بالإصلاح ولا يعرفون كيف يمكن للمرء أن يكون إصلاحيا وديمقراطيا كما يقول عبد الهادي المجالي ..يستخدمون هذه الحسابات للإنقضاض يوميا في الظلام على كل فكرة إصلاحية نبيلة حتى ولو كانت صادرة عن مطبخ المرجعيات.
الديناصورات الحقيقية هؤلاء، وهم يعلمون بان إنتخابات نزيهة فعلا ولمرة واحدة فقط تعني الإطاحة بغالبية الطبقة السياسية الموجودة كما تعني عدم وجود تمثيل خارج الشرعية الشعبية لا لبرلمان ولا لسلطة حكم إذا ما طبقت فقط إصلاحات جذرية ومثل هذا النمط من الديناصورات يقف بكفاءة وعبقرية وراء إحباط كل مشاريع القصر الملكي الإصلاحية ووراء كل مقولات التخويف من الإستحقاق الإقليمي وكلفة الإصلاح والتغذية الراجعة من الدول الصديقة والشقيقة التي تخشى عدوى فيروس الإصلاح.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق