بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 29 نوفمبر 2013

توريث رئاسة جمهورية العراق -داود البصري

بقاء منصب الرئاسة العراقية نحوالعام شاغرا بسبب المرض الذي أقعد الرئيس جلال طالباني عن ممارسة مهمات منذ ديسمبر عام 2012, إضافة إلى مخالفته الدستورية يشكل معضلة حقيقية تكمل صورة فشل الدولة العرقية في تحسين أدائها السياسي والخدمي الذي تدهور إلى حد الفضيحة مع تصاعد العمليات الإرهابية والتدهور العام في البنية العراقية, واحتدام الصراع على خيارات المستقبل,
وعلى منصب رئاسة الحكومة التي يريد حزب "الدعوة" الطائفي استمرار سطوته عليها وصراع المخالفين من (الإخوة الأعداء) من جماعات الصدريين, والمجلسيين, والآخرين في التحالف الطائفي العراقي للهيمنة على المنصب الذي يشكل في نهاية الأمر الباب الأوسع لمغارة علي بابا العراقية, حيث النهب, والسلطة, والامتيازات الواسعة.
في العراق اليوم تكمن خيارات حقيقية لنهاية مسيرة نوري المالكي في منصب رئاسة الحكومة بعد أن استنفد كل ادواته وأظهر فشله الكبير رغم حقن المقويات الإيرانية والأميركية التي دعمته ثمانية أعوام عجافاً, كانت القمة في الفشل على جميع المستويات, وخصوصا بعد الفضيحة الكارثية الأخيرة لزيارة المالكي واشنطن وهي زيارة فاشلة أكدت حنق الإدارة الأميركية على السياسات المالكية إلى الدرجة التي لجأت إدارة أوباما خلالها إلى عدم دفع مصاريف الوفد العراقي في فندق واشنطن وكانت نحو8000 دولار دفعها الوفد العراقي عن طيب خاطر, وفقا لما أدلى به الدكتور أحمد الجلبي من معلومات مثيرة للغاية.
المهم إن الصمت الحكومي العراقي حول مصير منصب رئاسة الجمهورية والغموض الذي يحيط بمصير الرئيس جلال طالباني بات اليوم يشكل أحد المفاتيح لاختيار الشخصية التي ستشكل الحكومة العراقية المقبلة بعد التوافقات المطلوبة لذلك, فقد أشيع قبل فترة مثلا ان زوجة الرئيس جلال السيدة هيروإبراهيم أحمد تتطلع لأن تكون الرئيسة البديلة لزوجها العاجز عن أداء مهماته! ولكن ذلك الخيار يبدوصعبا في الحالة العراقية لأسباب كثيرة, ففي النهاية العراق ليس الأرجنتين, ولا الفيلبين, ولا الهند, ولا سريلانكا لكي تكون الزوجة هي البديل.
وما يثار اليوم هوخيار آخر يتعلق, كما يقولون, باشتراط التحالف الكردي للموافقة على استمرار المالكي لفترة رئاسية ثالثة على تولي ابن الرئيس المدعو قباد طالباني للمنصب خلفا لوالده! إضافة إلى الشرط الكردي الخالد في تكريد مدينة كركوك, وإعلانها مدينة كردية تابعة لإقليم كردستان لاستكمال مقومات الانفصال, وتكوين دولة كاملة الشروط بما فيها الهيمنة على آبار نفط كركوك.
طبعا أن يتولى قباد, وهوالمقيم في الولايات المتحدة منصب والده ليكون رئيسا لجمهورية العراق يمثل قمة المهزلة! فهذا الشخص لاتاريخ له في العمل الوطني العراقي, سوى كونه ابن الرئيس! وهو لايتقن حتى اللغة العربية! وهذه الصفة الوراثية لا تتناسب أبدا مع النظام الجمهوري ولاعلاقة لها بالحد الأدنى من الممارسة الديمقراطية, إضافة إلى كون قباد أفندي بعيداً كل البعد عن العراق ومشكلاته العويصة, اللهم إلا إذا كان الموضوع متعلقاً بحفظ النوع والسلالة الذهبية الرئاسية المقدسة, فذلك موضوع آخر.
فليحولوا العراق العربي مملكة كردية يحكمها الأكراد لكي تكون الصورة أكثر وضوحا ودستورية أيضا!
التحالف الكردي يبيع ويشتري من أجل تحقيق مصالحه الخاصة والقومية أيضا, والأحزاب الكردية إضافة إلى زميلتها الطائفية في الجنوب تمارس دورا خطيرا في تدمير العراق وإنهاكه, وتسليم العراق لأبناء الرؤساء, وأمراء الحروب, يمثل تعديا أخرقاً على العراق وتاريخه وتراث شعبه النضالي, ويؤكد على حالة الضياع العراقية المطلقة, والتي دخلت اليوم في منعطفات تاريخية حادة ومزعجة!
كل شيء في العراق بات يورث من الآباء للأبناء والأحفاد, وكل التعاملات السياسية العراقية باتت تخضع لمنطق التوارث المتخلف, وغير المبني على أسس منطقية, فإذا كان جلال طالباني باعتباره زعيماً سياسياً عراقياً ذات تاريخ معروف فماذا يمثل ولده والذي حتى اسمه لايتيح له أن يكون رئيسا للعراق لأنه يذكرنا بالملك الفارسي قباد ويبدو أن النظام الإيراني مهتم للغاية بدعم ملف التوارث الرئاسي العراقي لأنه يتيح له إمكانية الهيمنة المستمرة على مفاتيح السلطة العراقية المخترقة أصلا.

مهازل العراق ليس لها حدود ولا سدود, وتوارث الفشل هو سيد الموقف, وتلك وأيم الحق قاصمة الظهر! لعراق بات يتلاعب أمراء الحروب والطوائف والملل والنحل به.              

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق