بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 24 سبتمبر 2014

الأردن بصراحة: إحباط مشاريع الملك مجددا بسام البدارين

نفس القصة الموسمية من اولها .. القصر الملكي الاردني يتحدث عن اوراق نقاشية اصلاحية ويكشف عن برنامج متكامل للاصلاح السياسي ثم تبدأ قوى الشد العكسي والظلام باختراع مخاوف جديدة تحت عناوين امنية واستراتيجية لكي تدفع القرار السياسي والمرجعي لوضع ملف الاصلاح السياسي مجددا في المتحف او في الارشيف الممتلىء بالغبار .
عدة مرات وبصورة علنية تحدث الملك في الاردن عن حكومة اغلبية برلمانية تطهى على نار هادئة واصبحت وشيكة في قفزة جذرية مهمة على مستوى الاصلاح الحقيقي .
التعديلات الدستورية الاخيرة هدفت لدفع الاردنيين للاسترخاء وتجنب اي مجازفات او مطبات يمكن ان تنتج عن حكومة اغلبية برلمانية تمثل قوى الشارع .. اقر الجميع هذه التسوية واحتفاظ الصلاحيات الملكية بعنصري الجيش والامن كان خطوة يمكن الترحيب بها في مرحلة قد تنفتح على كل الاعتبارات اذا ما انتقل الاردنيون فجأة وبسرعة الى مستوى ربيعهم الحقيقي الذي تحدثت عنه رسائل الملك النقاشية والمتمثل بخطوة كبيرة من طراز تمكين الناس من اختيار حكومتهم بعد انتخابات نزيهة فعلا.
اصحاب المصالح والنظرات الضيقة والاجندات العرفية غير الديمقراطية يعرفون من اين تؤكل الكتف دائما فحكومة اغلبية برلمانية في وقت متسارع تعني ببساطة برلمانا حقيقيا وانتخابات خالية من الفساد والتزوير وهو أمر يعرف الجميع بالمقابل ان انجازه يتطلب قبل اي شيء اخر قانون انتخاب عصري وحقيقي وقرار سياسي بانتخابات نزيهة. 
وهذه الجرعة الاصلاحية التي يتحمس لها الاطار المرجعي ويطالب بهاالغرب ويتشوق لها الشعب وتعتبر خطوة اساسية في تحصين البلاد والعباد لو نهضت على ارض الواقع لأطاحت بالواقع النخبوي الحالي ولغيرت موازين القوى والنفوذ في خارطة النخبة ولاضفت دماء جديدة والاهم انماط حكم وادارة جديدة لا مكان فيها لعدد كبير من تلك النخب التي احترفت تمثيل الناس عند الدولة وتمثيل الدولة عند الناس بدون ان ينتخبها احد.
جرعة من هذا النوع تعني استقلالية حقيقية لجميع السلطات .. اقصاء عدد كبير من الوجوه التقليدية غير الاصلاحية .. تمثيل اكثر انصافا للناس واخيرا مصالحة كبيرة بين الدولة والشعب يتجدد فيها الوعد والعهد لكن هذه المرة بناء على قواعد لعب نظيفة وخالية من الوسطاء الذين يحتكرون المواقع والمناصب والواجهات منتحلين صفة رجل دولة.
بمعنى اخر واكثر صراحة لو ولدت هذه الجرعة الاصلاحية الكبيرة ستغيب عن الواجهة العديد من الرموز وستصبح العلاقة مباشرة ومنتجة ووطنية بين الناس وحكمهم بدون وسطاء يحترفون تضليل الجهتين ولأصبحت هذه الرموز جزءا من الماضي والتراث ولضخت مياه جديدة في الواقع الموضوعي . 
لذلك يجتهد القوم الآن لاحباط هذه الجرعة ولتكرار الاسطوانة المشروخة التي تخيف النظام أحيانا من تداعيات الاصلاح والتغيير كما تخيف الناس احيانا اخرى على نظامهم وأمنهم واستقرارهم في حال التقدم خطوة صغيرة وحقيقية نحو الديمقراطية.
هؤلاء يسهرون حاليا على عملية بسيطة وفي منتهى الذكاء والخبث قوامها بث الروح مجددا في قانون الصوت الواحد الانتخابي الذي سقط تماما كوصفة سحرية على كل المستويات وفي كل الاعتبارات .
حجة قوى الشد العكسي هنا تستند الى المخاوف المترتبة من تشكيل حكومة أغلبية برلمانية بصورة حقيقية وبعد انتخابات نزيهة وبموجب قانون جديد متعدد الاصوات سيخدم قوى الشارع والمعارضة عبر ازالة عقبة الصوت الواحد من امامها.
المخاوف متعددة وعبقرية عندما يتعلق الامر باعاقة الاصلاح وتثبيت ارجل اسوأ صيغة قانونية انتخابية عرفتها البشرية تمنح المواطن المقترع الحق في اختيار نائب واحد في البرلمان في مجتمع لازالت القبيلة تحكم اعتباراته وسلوكياته التصويتية .
عبر الصوت الواحد نجحت قوى الشد العكسي منذ عام 1993 في ضمان احتكار تمثيل العشائر للقوة البرلمانية وفي ضمان ابعاد أحزاب المعارضة وغياب التمثيل المنصف لقواعد المجتمع.
وعبر نفس الصيغة الانتخابية ابعدت الشخصيات الوطنية عن السلطة التشريعية وتم اقصاء المسيسين والمثقفين وتركت مقاعد البرلمان بين حضني قوة العشيرة والقبيلة من جهة وقوة رأس المال ورجال الاعمال من جهة اخرى، الامر الذي يبرر حرمان النظام وطوال سنوات من مؤسسة برلمانية حقيقية ومنتجة تساعده في ادارة التحديات الداخلية والاقليمية وحرمان الشعب من تمثيل جذري يعكس رسائله وتطلعاته.
كما تم عبر نفس الصيغة حرمان الدولة بركنيها في الادارة والشارع من برلمانيين وطنيين يتجاوزون في حساباتهم المنطقة والقبيلة ونظام الرعاية الابوي وتم في الاثناء ارهاق الحكومات المتعاقبة بسلسلة لا متناهية من الابتزازات التي يقوم بها برلمانيون خدمتهم الصدفة وقفزت بهم قواعد الصوت الواحد او اجراءات التزوير والتلاعب بالنتائج.
هذه العملية يبدو انها تعيش حلقة اضافية الان في نفس المسلسل الطويل فالمخلصون لصيغة الصوت الواحد يتحركون بقوة الآن خلف الستارة والكواليس مزنرين بحزمة من المخاوف والهواجس بعدما تحدث القصر الملكي عن حكومة اغلبية برلمانية وبعدما دخل المزاج السياسي في مساحة القانون الاصوات المتعددة.
هؤلاء المخلصون للصوت الواحد يضربون عصفورين الان بنفس الحجر فهم يضللون القرار والشارع ويعيقون الاصلاح ويحتفظون بنفس الوقت بمواقعهم ومناصبهم ومصالحهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق