على الرغم مما أظهره الاتحاد الأوروبي من
عدم توقعه أن يُعقد مؤتمر جنيف 2 الشهر القادم، وعلى الرغم من المواقف الفرنسية صعبة
الفهم من المسألة السورية،
لا يعارض الأوروبيون عموماً عقد المؤتمر
ولا أن يتمكن المؤتمرون من الوصول إلى تحديد بوابة النفق، أو لنقل بداية الطريق للوصول
للحل في سورية. حتى تركيا، الشريك الأبرز في الحرب على سورية، تفضل اليوم الخروج من
المستنقع الكبير الذي دخلته... طبعاً تركيا استفادت من هذه الحرب
مادياً، من نهب وسرقة
سورية، وقد يكون في ذهنها ما هو أخطر. لن يغيب ذلك بالضرورة عن ذهن الحكومة السورية،
فمن المستبعد أن تلدغ الحكومة السورية – أية حكومة – من الجحر التركي مرة أخرى. لكن
تركيا التي شكلت إضافة إلى دور الحرامي والممر المفتوح للإرهابيين إلى سورية، ولا يخفف
من وقع هذه الحقيقة المطلقة المعروفة من العالم بأسره، ما قاله داود أوغلو، وزير الخارجية
التركية في واشنطن بالأمس: إن تركيا لم ولن تسمح بمرور الإرهابيين إلى سورية!! تركيا
هذه تخشى اليوم مستقبل حركة الإرهاب والإرهابيين في المنطقة. ولاسيما أمام التقدم العسكري
الذي يحققه الجيش العربي السوري، وأمام أفق سياسي جديد بدأت ترتسم ملامحه مع التقدم
باتجاه جنيف و التقدم في المحادثات الإيرانية مع 5+1.
بالمناسبة كان السيد أوغلو سيوحي – ربما
– بالصدق أكثر كوعد، لو اكتفى ب «لن» وابتعد عن «لم». في تصريحه في المؤتمر المشترك
له مع وزير الخارجية الاميركي جون كيري.
قد لا تبتعد تركيا بعيداً عن شياطين المنطقة
ومشيطنيها، لكنها تشعر بالخوف من تطورات الوضع في سورية وفي إيران أيضاً، وخوفها يجعلها
تقبل الجنوح باتجاه السلام. أما الشيطانان الحقيقيان اللذان يرفضان جنيف ويشجعان على
رفضه ويعملان مباشرة لإعاقته، كما لا يخفيان معارضتهما الشديدة لإمكانية تحقيق اتفاق
إيراني مع دول 5+1 فهما السعودية و إسرائيل. السعودية تشعر أن مثل هذه الحلول والاتفاقات
تعني أنها خسرت الجولة ومعها مئات مليارات الدولارات إضافة إلى خسارة حلفائها في التعاون
الخليجي وفي مقدمتهم قطر. وإسرائيل لم ترض بعد بالخراب الذي حصل في سورية، وتشعر بأنه
ربما يكون أمام الشعب السوري فرصة لإعادة بناء بلده واستعادة مقدراتها. وعلى المنحى
الثاني فهي لا تخفي يومياً رعبها من اتفاق إيراني مع دول 5+1 بما يعني قبر كل تفكير
أو حتى حلم بإسقاط إيران وبالحرب عليها.
في إطار هذا الحراك الشيطاني الذي تقوم
به السعودية وإسرائيل يأتي تعطيل الحياة السياسية في لبنان والأعمال الإرهابية فيه،
ومنها بالضرورة محاولة الأمس الإرهابية لاقتحام السفارة الإيرانية، بالسيارة المفخخة
والإرهابيين الانتحاريين.
أما جنيف، عُقد أم لم يُعقد، فنجاحه يكون
في أمرين:
أن يضع السوريين على طاولة الحوار.
أن يضع شعوب المنطقة ودولها في حالة اتحاد
لمحاربة الإرهاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق