بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 28 يناير 2015

◘ «معلبات» مكافحة الإرهاب في الأردن بسام البدارين

لا أحد في الحالة الأردنية يريد أن يصدق بإستحالة مكافحة ومواجهة وهزيمة التطرف والتشدد بدون سياسات «إنصاف إجتماعي» او برامج عدالة تعتمد تنمية العقل قبل الجيوب وبدون المساس بذهنية تزوير الإنتخابات وبقاء أسئلة الفساد معلقة دوما.

لا احد يريد ان يصدق بان مواجهة التشدد وهو الأمر الذي تتحدث عنه القيادة الأردنية يوميا وبأرفع مستوياتها ممكن بدون تغذية إيمانية غير وعظية لا تتميز بالبؤس في المساجد
أو بدون العمل على «وطنية وشخصية» الطالب في المدرسة او حتى بدون إقناع الموظف العام بان واجبه خدمة الناس وليس النضال من اجل كسله وخموله وتقاعسه الوظيفي في تنفيذ واجباته.
مع التقدير للمسؤولين في المستوى التنفيذي الأردني جميعهم يعتمدون مقاربات معلبة وسقيمة في التحدث عن مواجهة التطرف..مجرد كلام إنشائي لا معنى له يطلق على عواهنه هنا وهناك بدون ممارسات حقيقية على الأرض .
البلاد التي تفشل نخبتها في القرن الحادي والعشرين في تعريف مفردة «المواطن» تحت ذراع ومسوغات غير منطقية لا يمكنها ولوج المستقبل بإستراتيجية واضحة الملامح ضد الغلو والتطرف.
النخبة التي تخفق منذ عام 1993 حتى اللحظة في التوصل إلى صيغة وطنية توافقية لقانون إنتخاب عصري وحقيقي لا يمكنها إنتاج اي مساحة من المصداقية عندما تتحدث عن مكافحة الإرهاب والتطرف .
نفس النخبة مشغولة ما بين حقوق مكتسبة يسعى بعض «حيتان» المال والأعمال لتكريسها طمعا في البقاء في مواقعهم المتصدرة وبين «حقوق منقوصة» يخترعها البعض للتسلي والبحث عن دور أو يركبها البعض الآخر ممن لا يجدون دورات لهم إلا عبر إحتراف إسطوانة الوطن البديل فيما يتناسى الطرفان حقوق المواطنة والتنمية التي ينبغي ان تطال الجميع.
المجتمع الذي يسكت عن جرائم الشرف وتزهق حياة الإنسان فيه مقابل فنجان قهوة ويبرر الجريمة بمسوغات تراثية تصلح للمتحف فقط لا يمكنه الإيمان بأهمية وأحقية مواجهة التطرف في اي من معاقله او بؤره .
الإقرار والتفهم الجمعي الغامض لمظاهر العنف الإجتماعي والهويات الفرعية لا يقود لأي إستنتاجات وطنية مقدرة ضد الإرهاب والتطرف ..كذلك التواطؤ المريب أمنيا وسياسيا مع مظاهر القمع وكبت الحريات والعنف الطلابي الذي صنع صناعة في بعض المراحل بالأقبية المعتمدة فتسبب اليوم بضرب مؤسسات التعليم العالي.
لم أشاهد إطلاقا عنفا أو إرهابا او تشددا إلا على أنقاض الدول الفاشلة ..لم نصل بعد لهذا المستوى في المساحة الإدارية بالأردن لكننا نتقدم نحو تلك الهاوية بخطوات عميقة ما لم تحصل إستدراكات على قدر المسؤولية .
إطلعت شخصيا بحكم المهنة وبعض الصداقات على وثائق متعددة تقترح على صاحب القرار مقايسات لمواجهة الفكر المتطرف في المدارس والجامعات والمستشفيات والمعاهد وفي صفوف المجتمع التقليدي ..مرت سنوات على الأوراق التي قرأتها ولم ألحظ ولو مرة واحدة بان وزيرا او مسؤولا في اي مؤسسة حكومية يطبق ولو جزءا منها على أرض الواقع .
سكان الطبقات العليا من النخب السياسية والإعلامية في الأردن يكثرون من الكلام أكثر بكثير من الإنجاز وأجواء صناعة القرار في الكثير من المفاصل سرعان ما تتحول إلى مجتمع نميمة وتلاوم وكلام يصلح للأعراس بدون اي حفر في الأعماق أو تجليات يمكن أن يفهم منها بان الإصلاح بدأ للتو أو في طريقه للبدء.
الكلام يتردد في كل الأروقة ضد الإرهاب والفكر المنحرف لكن حتى القيادة السياسية العليا تتعرض للخذلان بعدم وجود إستراتيجيات أو خطوات حقيقية من أي نوع على الأرض خصوصا على المستوى الإداري والبيروقراطي مما يدفع المستوى الأمني دوما للتصرف والقيام بمسؤولياته وتحمل العبء الأكبر في معادلة بدأت ترهق الجميع .
من يقطعون الرؤوس في العراق او سوريا ويبثون الرعب في أوصال الأمة والبشرية لهم أصدقاء وحلفاء في عمــق المعـادلـة من المقصرين والمتخاذلين والفاسدين والمتحذلقين الذين تزور من اجلهم أحيانا صناديق الإقتراع إو إرادات الناس والمواقع العليا ومن الذين لا يقومون بواجباتهم فيخذلون القيادة والشعب معا في متوالية هندسية تصنع أزمة في المصداقية وتسحب من رصيد النظام عند الناس فتبقي الأرضية والبيئة مهيأة لأي إختراق مجنون او موتور او حاقد.
لا توجد مبادرات للحوار الوطني الحقيقي مع الناس وسياسات إقصاء المعتدلين في الأخوان المسلمين وغيرهم تتكرس لصالح أجندات إقليمية مؤقتة و»الدهلزة» الحكومية أصبحت صفة ملاصقة لحملات مكافحة الفساد والحديث عن الإصلاح السياسي والإنتخابي وقواعد اللعبة لم تعد نظيفة أو حتى سيئة للدرجة التي يألفها وتعايش معها المواطنون.
لا توجد إستراتيجيات وقائية وطنية فعالة وحقيقية ولا «جدية» في منع التطرف من التغلغل وسط العامة أو منعه من التسرب لعقول الشباب و»الشللية» تضرب بأعماق الإدارة في كل الإتجاهات …كل ذلك ويتحدث القوم عن مكافحة التشدد والإرهاب والعنف والتطرف وبصورة مسرحية في بعض الأحيان لكنها معلبة دوما.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق