بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 14 يناير 2014

الأردن والتخلي عن الضفة الغربية مجدداً بسام البدارين

لا يمكن فهم الرسالة التي أراد رئيس وزراء الاردن عبد الله النسور توجيهها بشكل محدد وهو يفصل عندما يتعلق الأمر بتعاطي بلاده مع المفاوضات بين ملفي اللاجئين والنازحين.أطلق النسور عبارة غامضة جدا في هذا
السياق عندما اعتبر بان كل فلسطيني تحرك قسرا بين عامي 1946 و 1949 باتجاه الاردن هو ‘لاجىء ‘ فلسطيني له حق العودة والتعويض معا بمن في ذلك اللاجئين ‘الأردنيين’.
يبدو أن النسور وهو رجل ذكي ولماح بكل الأحوال اعتمد على وثائق ولوائح وكالة غوث اللاجئين حصريا في تحديد تعريفات أثارت وما زالت تثير الضجة في مسألة حساسة من المرجح أن عقل الدولة الأردنية لم يتوافق عليها بعد او حتى يناقشها.
بالمقابل فهمنا من الرجل بان النازحين وكل ما له علاقة بالضفة الغربية وحدود عام 1967 هو شأن فلسطيني داخلي، بمعنى ان الأردن خارج السياق عندما يتعلق الامر بالنازحين، وداخله تماما بل في اعماقه عندما يتعلق باللاجئين.
الموقف ازاء تصريح خطير من هذا النوع يحتاج الى شروحات وتوضيحات حتى لا تترك التفسيرات في مستوى الاعتباط والتشخيص والتأويلات السلبية والمريضة.
معنى الكلام اذا أخذناه كما هو حرفيا ان الاردن طرف في التفاصيل المتعلقة بعودة أو تعويض اللاجئين باعتبارهم مواطنين اردنيين وفقا لتعبير النسور.
نوافق على هذا الأمر لو كان النسور نفسه خارج سياق الإزدواجية في الخطاب عندما يتعلق الامر بعدم وجود حقوق سياسية لهذه الكتلة البشرية من الأردنيين فرضا منذ عام 1946 فهؤلاء فجأة، اصبحوا كاردنيين لكنهم وفي الواقع وطوال الـ 66 عاما الماضية لم يكونوا كذلك في الواقع ومن حيث عدم وجود حقوق سياسية لهم بحجة ودعوى الحفاظ على الوطن الفلسطيني والوقوف ضد الوطن البديل.
وفقا لهذا المنطق قرر النسور ان اللاجئين الاردنيين هم مواطنون في المملكة الاردنية الهاشمية فقط لأغراض العودة والتعويض وليس لأغراض التعامل الفعلي معهم كمواطنين.
طبعا إنتقاص المواطنة والحق السياسي لأي لاجىء من الأردنيين لا يعني بالضرورة الإنتقاص من حقوقه المتكاملة الفردية والجماعية عندما يتعلق الأمر بالعودة والتعويض، لكننا نقصد الإشارة إلى الإزدواجية التي تظهر أحيانا على لسان مسؤولين أردنيين خصوصا عندما يتعلق الأمر بمسائل حساسة طالما سمعنا أنها رهن بحل الصراع العربي الإسرائيلي.
كنا نتأمل أن يؤجل الرئيس النسور مثل هذه الإجتهادات ما دام الصراع نفسه مازال قائما ولم يتغير في الواقع الفلسطيني أي شيء.
يعرف النسور ومعه العالم، بان حق العودة ترفضه اسرائيل وان الاردن ليس في موقع فرضه عليها ما يبقي المسألة في سياق التعويض فقط، ويثير الإرتياب بان هدف الكلام هو التعويضات المالية فقط دون دفع كلفتها بمنهجية المواطنة ومع التنازل المحتمل بدون وجه حق عن العودة مع كل الاحترام والتقدير للتضحيات الاردنية الجسيمة التي قدمت من اجل اللاجئين تحديدا.
نشك بان الاردن يفكر بهذه الطريقة وإن كانت لديه مصالح أساسية من بينها حقوقه كدولة راعية للاجئين قدمت لهم الكثير لكن إصرار بعض السياسيين والمسؤولين على الإدلاء بتصريحات إشكالية وتثير الجدل يخلط الأوراق ويشوش الموقف الأردني.
بالتأكيد لم يقصد النسور ذلك، ولا يمكنه أن يقصده بكل الأحوال لا هو ولا اي من تعبيرات الدولة الأردنية، لكن المشهد سيقرأ في المحصلة بهذه الطريقة ما دامت الشروحات منقوصة.
قد يورط مثل هذا الطرح الحكومة الاردنية باستحقاقات مرهقة، فليس من حق اي دولة ان تناقش حقا أساسيا لشعب دولة اخرى إذا إفترضنا ان الأردن هو الأردن وفلسطين هي فلسطين.
لا يحق لحكومة النسور او غيرها ان تنقلني كلاجىء فلسطيني عندما تشاء الى مستوى المواطنة الاردنية بدون حق سياسي ثم تعيدني بنفس الطريقة وفقا لأجندة سياسية مازالت غامضة.
هذا الموضوع في غاية التعقيد وقرار الشرعية الدولية يقول بأن حق العودة والتعويض ‘فردي وجماعي’ بمعنى أنه لا يسقط عن اي لاجىء من خمسة ملايين ونصف المليون لاجىء حتى لو تنازل عنه الرئيس محمود عباس بصفته الفردية وهو حق لا يمكن التمييز في تطبيقه على بعض اللاجئين دون غيرهم، مما يجعل ‘الجنسية الأردنية’ أو مكان الإقامة عناصر غير حاسمة في مسألة من هذا الوزن. الموقف بالنسبة لملف النازحين ونحن نتحدث هنا عن الضفة الغربية أكثر تعقيدا، فاذا كان النسور يقصد فعلا ما قاله بخصوص اعتبار كل ما له علاقة بفلسطين عام 1967 هو شأن فلسطيني داخلي فان ذلك قد يجبر الحكومة الاردنية على تحديد الوضع الدستوري لوحدة الضفتين ولسلسلة من قراراتها القسرية التي اتخذت عام 1949 وانتهت بتحويل الفلسطينيين الى مواطنين اردنيين بموجب ولاية الاردن على الضفة الغربية.
هنا تبرز اشكالات معقدة على النسور ان يوضحها، اهمها تحديد مصير اكثر من مليون ونصف مواطن اردني الآن هم من احفاد وابناء اهل الضفة الغربية الذين حولهم قرار عسكري الى اردنيين، وهو قرار الغى بنفس الوقت قانون الجنسية الفلسطيني الصادر عام 1925، وهو قرار تم اسناده بتعديل على قانون الجنسية عام 1952.
ترى هل ستصبح هذه الكتلة الكبيرة فلسطينية، ام ستبقى اردنية ام سيبحث لها القوم عن جنسية ثالثة ؟
اعتقد شخصيا ان تصريح النسور سياسي بامتياز ويمهد لسيناريو سري وسط عبث امريكي بملفات حساسة وبشكل متسرع وبدون الاجابة على التساؤلات المحورية العالقة، فالتخلي الاردني المفاجىء عن تركة الضفة الغربية هدفه فرية وكذبة تعزيز استقلالية القرار الفلسطيني على حساب مصالح وحياة ومعيشة ملايين الأشخاص. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق