بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 14 يناير 2014

اتهامات لاصحاب لافتات الليبرالية والمدنية واليسار الديمقراطي بالالتحاق بركب العسكرة والدولة الأمنية حسنين كروم

امتلأت الصحف الصادرة  الأحد 12 يناير / كانون الثاني، بالكثير من الأخبار والموضوعات الهامة والمثيرة فقد القى الفريق عبدالفتاح السيسي كلمة في المؤتمر الذي نظمته إدارة التوجيه المعنوي بالجيش بمناسبة المولد النبوي الشريف، وحضره
سياسيون وفنانون وصحافيون وكتاب وقادة من الجيش، وطالب فيها الشعب بالنزول للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء على الدستور، وألمح الى انه يفكر في الترشح للرئاسة إذا طلب الشعب وبالتالي فانه بذلك الربط سيرفع نسبة من يدلون بأصواتهم من الذين يريدونه فعلا، أي ان الشعب فهم، وعلى طريقة المثل الشعبي، فتح مخك بقى، كان كاريكاتير زميلنا بالأهرام أنس الديب امس عن ناخب والدستور على هيئة مفتاح يفتح له مخه، كما تواصلت الاستعدادات من الأمن والجيش لحماية اللجان وأكد وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، بأنه سيتم إطلاق الرصاص الحي وفي مقتل على كل من يحاول الاقتراب من اللجان لتعطيلها أو ارتكاب أي اعمال إرهابية، كما أعلنت ميرفت تلاوي، رئيس المجلس القومي للمرأة، عن اتخاذ عدة خطوات فعلية تكفل للمرأة الإدلاء بصوتها بحرية تامة وفي أجواء آمنة، وذلك حرصا من المجلس على ضمان حسن سير عملية الاستفتاء، والتغلب على أيه عقبات تواجه المرأة عند الإدلاء بصوتها.
ومن الاخبار، تقدم أعضاء من حزب الحرية والعدالة ببلاغات للشرطة سلموا فيها كارنيهات عضويتهم فيه، وكان من بينهم رئيس جامعة الاسكندرية الدكتور أسامة إبراهيم الذي اجتمع مع عدد من ممثلي الصحف، وقال لهم نقلا عن زميلتنا الجميلة في اليوم السابع هناء أبو العز يوم السبت:
‘بعد الثورة وجدنا الفرصة لأن نشارك وبدأ تشكيل حزب الحرية والعدالة الذي كان دوري الوحيد فيه هو توقيعي على توكيل للمؤسسين لم نعرف حتى لمن تم ايصاله وظروف عملي بالجامعة لم تسمح لي بالمشاركة في أي نشاط حزب، ولست معجباً بأداء أي حزب الآن، وقيل لي انه لابد من وجود اثبات لعدم ارتباطي بالحزب وسأصوت بنعم للدستور وسنؤجل الدراسة يومي الاستفتاء التزاما بأن يكون لنا دور قومي ووطني، لأنه مكتوب بطريقة جيدة، إلا ان هناك بعض المواد نأمل في تغييرها بعد’.
ونشرت الصحف عن المظاهرات التي قام بها الإخوان وسقوط أربعة قتلى منهم.
كما ألقت الشرطة القبض على العشرات منهم وأحرقوا سيارات للشرطة والأهالي.
وأحال النائب العام المستشار هشام بركات ثلاثة وعشرين الى محكمة الجنايات ارتكبوا مذبحة الشرطة في كرداسة وقتل اللواء نبيل فراج اثناء دخوله المدينة، وتمت إحالة أحد خطباء المساجد للتحقيق لأنه دعا المصلين الى الموافقة على الدستور، كما بدأ التحقيق مع المسؤولين عن جمعية دار الراضي لرعاية الايتام لاستخدامهم الاطفال للدعاية لترشح السيسي، وهو ما استنكره الجيش أيضا، والقبض على الإرهابي أحمد محمد عبدالله مساعد عادل حبارة اثناء محاولته الهرب إلى ليبيا، وهو محكوم عليه بالإعدام لقتله مساعد شرطة، وقول صديقنا والسياسي اليساري أبو العز الحريري أن رئيس الوزراء الدكتور حازم الببلاوي أخبره انه سيتم اعتبار من قام الإخوان بقتلهم من شهداء الثورة.
وإلى بعض مما عندنا، وهو كثير:

تأييد ترشح ‘البطل المنقذ’
واستمرار عسكرة الدولة

اما عمرو حمزاوي فكتب في ‘الشروق’ الاحد، ‘يتواصل ابتعاد الواقع المصرى الراهن عن أهداف الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية التي طالب بها قطاع واسع من الشعب فى ثورة يناير 2011 ولم يتخلف عن المناداة بها خلال السنوات الثلاث الماضية. يتواصل الخروج على الديمقراطية ويختلط بانتهاكات لحقوق الإنسان والحريات ويتداخل مع محطات دستورية (وثيقة 2013 المعدلة لدستور 2012) وقانونية (قانون تجريم التظاهر) وسياسية (عودة ممارسات الدولة الأمنية) بالغة السلبية.
يتواصل الترويج لمقولات الفاشية ولخطابات المبررة للعقاب الجماعي ولنزع الوطنية عن المعارضين، ويتواكب مع الترويج هذا مسرح مجتمعي أعد لجنون التخوين والتشويه والتشفي والانتقام. تتواصل أعمال العنف اليومية وتتصاعد هواجس الخوف بين قطاعات شعبية واسعة صارت راضية بتخييرها بين الأمن والحرية ومساومتها على الثانية بغية الحصول على الأولى وباتت تدفع إلى تأييد ترشح ‘البطل المنقذ’ للرئاسة وقبول مساومة أخرى لا تقل خطورة، استمرار عسكرة الدولة والمخيلة الجماعية فى مقابل الاستقرار الموعود. يتواصل فقدان الكثير من القوى والحركات السياسية والاجتماعية لمصداقيتها، فأصحاب لافتات الليبرالية والمدنية واليسار الديمقراطى التحقوا بركب العسكرة والدولة الأمنية وقدموا لهما في العمل التنفيذي وفي لجنة الدستور المعينة وفي الحياة العامة الشرعية الظاهرية المطلوبة (خارجيا قبل الداخل)، والسلفيون المؤيدون لترتيبات ما بعد 3 يوليو 2013 فاقـــــوا فى انتهازية فعلهم السياسي حدود ما توقعه الكثير من المصريات والمصريين، والإخوان قطعوا شعرة التواصل المجتمعي بالتورط في أعمال العنف وضيقوا مساحات حركة الأصوات الديمقراطية الرافضة لانتهاكات حقوق الإنسان والحريات التي تطولهم منذ يوليو 2013 بامتناعهم إلى اليوم عن ممارسة النقد الذاتي والاعتراف بخطاياهم الكثيرة منذ 2011 والتضامن بجدية (وليس بالبيانات فقط) مع الفاعليات المجتمعية لتخليص مصر من كارثة العنف بعيدا عن احتدام الصراع السياسي.

‘الشعب’

ونبدأ بالإخوان وحلفائهم وزميلنا وصديقنا مجدي أحمد حسين، رئيس حزب المستقبل، العمل سابقاً ورئيس تحرير جريدته الشعب، الذي قدم يوم الجمعة في ‘الشعب’ معلومات جديدة، عن خطط سرية للمخابرات الحربية والعامة وأمن الدولة، هي ‘تكرسون كل إمكانيات الدولة، لإخفاء وغياب السيسي لليوم الخامس والثمانين، وبلغ بكم الهزال إلى حد العجز عن الاعتراف بحالته: إصابة وإلى أية درجة احتمالات البقاء حياً، أو احتمالات الإصابة بين العجز أو التعافي، ويقولون إن شركة الدعاية الصهيونية هي التي نصحته بذلك، حتى يختفي ثم يظهر فجأة ويقول: ‘بخ أنا كويس
خطتكم هي خطة المذلة والاستعباد التي تعلمتموها من مبارك، كبيركم الذي علمكم السحر، والمذلة والمهانة لا تحتاج الى ثقافة أو رؤية، تحتاج إلى غرائز حيوانية منحطة، دون سمو الحيوانات نفسها ‘راجع دراساتي دفاعا عن الحيوان في كتابي رسائل الإيمان والعصيان المدني’، صدق أخي د. محسوب عندما أشار في كلمة له أخيراً إلى ان مصر تتجه إلى السيناريو الإيراني لا الجزائري، وهو ما توقعته منذ عام 1993 في كتاب ‘فقه التغيير السياسي في الإسلام’ والمقصود هو المظاهرات السلمية، والتي استمرت في إيران أكثر من عام، ولكن كان ينقصنا عدة أشياء بدأ بعضها يتحقق بالتدريج، أولاً: انتهاج السلمية الخشنة ‘لا السلمية الساذجة’ التي تدافع عن النفس والمال والعرض بأقل الخسائر الممكنة، وبما يحقق الردع للمجرمين، والاستنزاف لقوى القمع بدون استخدام أسلحة نارية، وهذا ما بدأ الثوار يقتنعون به منذ عدة أسابيع، وبدأ يحقق نقلة استراتيجية من الدفاع إلى الهجوم، ثانياً: وضع توجه هذه الموجة الثورية في إطار عام لتحرير مصر من العبودية للحلف الصهيوني الأمريكي، ثالثاً: تشكيل مجلس قيادة ثورة ببرنامج حد أدنى حتى يعلم كل المخلصين أن المسألة ليست مجرد عودة الإخوان أو الرئيس مرسي، رغم أن هذا من حقهم السياسي والدستوري، وهذا من دواعي الاستقرار المؤسس، ولكن لابد أن يعلموا أن انتصار الثورة لن يتحقق بدون الاجتماع على برنامج وطني يجمع كل قوى الشعب يقوم على أساس التحرر من نير العبودية لأمريكا وإسرائيل، وهما أس البلاء في كل ما تعانيه مصر في العقود الأخيرة، ولا يزالون يحكمون مصر بشكل واضح ولا نقول من وراء ستار، وقد تناولت الخطوط العريضة لهذا البرنامج في عدد 22 من أكتوبر / تشرين الاول 2013 الماضي’.
أي انه يقول للإخوان بطريقة غير مباشرة، اتركوا القيادة لي، لأن المسألة ليست عودتهم أو عودة رئيسهم، وانما البرنامج الوطني الذي وضعه وأعلنه فيما أسماه وثيقة الاستقلال وخاصة ايضا، ان الخطط التي وضعها لإسقاط الانقلاب هي التي تنفذها الجماهير على طريقة الثورة الإيرانية عندما اسقطت الشاه، ومادام قد أشار إلى مراجعه الفكرية، في كتابه رسائل الإيمان والعصيان المدني، والثاني وهو فقه التغيير السياسي في الإسلامي أي انه خوميني الثورة المصرية التي ستطيح بالانقلاب، وأنا أصدقه وسأرشحه لمنصب خوميني الثورة المصرية بدلا من مرشد الإخوان محمد بديع.
والغريب في الأمر، أن مجدي وجد منافسة من داخل الحزب من الأمين العام له، صديقنا الدكتور مجدي قرقر، الذي كتب يوم الثلاثاء الماضي مقالا اعلن فيه معارضته لوثيقة استقلال مجدي وقدم وثيقة أخرى مضادة وقال بالنص بعد ان عرضها:
‘هذه مجرد رؤية مبدئية قابلة للحوار والنقاش وهي قريبة بدرجة أو بأخرى من وثيقة العدالة والاستقلال التي طرحها أخي الكبير الاستاذ مجدي أحمد حسين رئيس حزب الاستقلال، وربما تصلح مع غيرها كبداية للحوار حول مستقبل مصر بعد انتصار الثورة’.
وجاء مقال مجدي يوم الجمعة والذي أشرنا إليه، خالياً من أي رد على مشروع قرقر.
أما المدهش فجاء بعد أربع وعشرين ساعة فقط من مقال مجدي، فقد ظهر السيسي يوم السبت في مؤتمر نظمته إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة بمناسبة المولد النبوي الشريف، وحضره سياسيون وصحافيون، وعسكريون، ودعا فيه المصريين جميعاً للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء على الدستور، وألمح الى ترشحه للرئاسة دون أن يعلنها صراحة.

معارك الإسلاميين

وإلى الإسلاميين ومعاركهم، ويبدأها اليوم الدكتور الشيخ محمد المختار المهدي، الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو هيئة كبار العلماء والرئيس العام للجمعية الشرعية للعاملين بتعاون الكتاب والسنة، والذي تلقى ضربة مؤلمة للغاية، بإخضاع الجمعية ونشاطاتها ومساجدها لرقابة كل من وزارة الأوقاف، ووزارة التضامن الاجتماعي ضمن القرارات التي تم اتخاذها بالتحفظ على أموال وأنشطة الجمعية التي لبعض قيادات أو لبعضها علاقات مع جماعة الإخوان المسلمين، وبدأ تحديه واضحا لوزير الأوقاف الدكتور الشيخ محمد مهدي جمعة الذي طالب منذ اكثر من شهر الأئمة في المساجد ان لا يتحدثوا في خطبهم في الأمور السياسية، على جميع الجمعيات ان تلزم خطباء مساجدها بذلك، لكن الشيخ محمد المختار، رد بتحد علني، بأن الجمعية لا تعمل بالسياسة، ولكن من حق الخطيب في المسجد أن يهتم بالسياسة عن طريق توضيح ان كان ما يصدر من قرارات يتوافق مع الشريعة أم لا، وكلامه مكتوب بقلمه في جريدة عقيدتي، ومنقول بالنص عنه في التقرير في حينه، ولم يكن يتوقع ان يتم الاقتراب منه ومن الجمعية لأنها في الحقيقة كبرى الجمعيات وأقدمها وتقدم خدمات كثيرة وعظيمة، ولأنه عضو في هيئة كبار العلماء، لكن قرار اعتبار الإخوان جماعة إرهابية، أصابه مع كثيرين غيره بالخوف، فقد تأكدوا ان الأمر جد لا هزل فيه، ثم فوجيء بما لم يتوقعه بفرض حظر على أموال الجمعية ضمن مئات الجمعيات الأخرى، بسبب انخراط بعضها في عمل سياسي لصالح الإخوان، كما حددت وزارة الأوقاف خطباء من عندها للخطابة في مساجد الجمعية الشرعية، وتحديد الخطب والدروس بحيث لا تكون لها أي علاقة بالسياسة، سواء بالتأييد لأي نظام أو معارضته، وسمح قرار وزارة التضامن الاجتماعي والبنك المركزي لكل الجمعيات المتحفظ على أموالها ان تسحب منها للصرف عى الأنشطة الخيرية مثل الإعانات والعلاج المجاني، وسارع الشيخ محمد المختار المهدي بعقد مؤتمر صحافي أكد فيه ان الجمعية لا تعمل بالسياسة، وأن لها في أنحاء البلاد ألف ومائة فرع، منها مائة وثمانية وثلاثون فرعاً ثبت عملهم في السياسة ولكنه بدلا من ان يعود الى التركيز على عمل الجمعية الذي أنشئت من أجله وحددها منذ عام 1912 مؤسسها المرحوم الشيخ محمود خطاب السبكي، بأنه دعوى وخيرية فقط والتوافق مع وسطية الأزهر، فانه أراد اظهار تحديه بشكل آخر لوزير الأوقاف، والذي كان مسؤولا في الجمعية يعمل تحت رئاسته وهو ما لم يكن يتصور ان يجد نفسه فجأة يتلقى التعليمات منه وإخضاع جمعية لرقابته، فأراد اظهار تحديه له، وليثبت أمام أنصاره انه لا يزال قوياً بأن عاد مرة أخرى للاهتمام بالسياسة ومهاجمة الأزهر والأوقاف بطريقة غير مباشرة بأن قال بالنص في مقاله بجريدة عقيدتي يوم الثلاثاء السابع من يناير عن كيفية توزيع الزكاة الآن:
‘ان كان لنا رأي في هذا الزمن الذي لا تطبق فيه شريعة الله، فنرى ضرورة الاتفاق على مؤسسة غير حكومية تتسم بالثقة والمصداقية ويتولى أمرها مجلس يمثل فيه العلماء الثقاة والخبرات الإدارية والمالية، تتلقى الزكوات وتوزعها بعد التحري والتدقيق في أحوال المستحقين بحيث توحد جهة التلقي والصرف وتسد حاجات الفقراء والمساكين والغارمين والعاملين والدعاة الى مظلة ينضوي تحتها كل أفراد المجتمع من الأغنياء والفقراء يطمئن الاغنياء الى تبرئة ذمتهم والفقراء إلى نوال حقهم، فلهذا شرعت الزكاة.
الملفت هنا انه بدأ باتهام النظام بأنه لا يطبق شريعة الله، وبالتالي فالأزهر والأوقاف والافتاء متورطون في التآمر على شريعة الله، وبالتالي، فان ما يتم اتخاذه من اجراءات مع الجمعية سواء من جانب وزارة التضامن أو الأوقاف هي تنفيذ لسياسة منع تطبيق الشريعة.
والمثير في كلامه ايضا ان المؤسسة التي ستوزع الزكوات على من يستحقونها، وعددهم، ومنهم الأسرى، فمن هم الأسرى المصريين لدى الدول التي تحاربنا؟ ومن هي؟ وحتى لو افترضنا ان لدى جيشنا أسرى لدى إسرائيل، فهل مهمة المؤسسة الجديدة، التفاوض مع إسرائيل ودفع أموال لها للإفراج عن الأسرى بديلا عن الدولة؟ أم يقصد بالأسرى المحكوم عليهم بالسجن من الإخوان، ومن بين الذين حددهم ويستحقون الزكاة، العاملون، وحذف تكملة العبارة عليها وحددت لهم جزء من الزكاة، وهم الذين يعملون على جمع الزكاة، وموظفي الهيئات التي تقوم بها، وذلك حتى يتجنب النقد الشديد، لأن العاملين عليها هنا إذا توحدت جهة جمع الزكاة، سيكون نصيبهم ملايين الجنيهات كل سنة، ولهذا تجنب ذكر كلمة عليها فأصبحت بدونها تعني العاملين في الدولة والقطاع الخاص بأجر، وإذا افترضنا حسن النية، فانه يكون أسيرا لنصوص لم يعد لها استخدام ولا يقصد معنى آخر بكلمة الأسرى، أما حكاية نصيب العاملين عليها فقد اصبحت في السنوات الماضية بابا للاستيلاء على جزء من أموال المتبرعين لمشروعات صحية ضخمة رغم انهم موظفون في الدولة ويتقاضون مرتبات، ولا أريد أن اذكر اسماء الآن وهي قضية كانت مثارة ايام نظام مبارك بل ووصلت الى مشيخة الأزهر عندما كان شيخه هو المرحوم الدكتور محمد سيد طنطاوي، وكان هو وعدد من القيادات يحصلون على نسبة من دخل تأجير قاعات الأزهر لعقد القران. بينما رفض صديقنا ووكيل الأزهر وقتها الشيخ محمود عاشور تلقي أي نصيب، وعندما تولى المشيخة الدكتور أحمد الطيب ألغى هذه البدعة.
المهم أيضاً، ان وزير الأوقاف نقل عملية إدارة الجامع الأزهر والإشراف عليه من جميع الوجوه من الوزارة إلى مشيخة الأزهر.
ومن مطاردة الإخوان وأنصارهم في وزارة الأوقاف والمساجد، والجمعيات الى إذاعة القرآن الكريم التي أنشأها عبدالناصر، آسف جداً، جداً، قصدي خالد الذكر، وسيطر عليها الإخوان بعد أن تولى زميلنا وصديقنا الإخواني الموجود الآن في الخارج، صلاح عبدالمقصود، منصب وزير الإعلام، وأصبحوا يستخدمونها لصالحهم، فقد نشرت مجلة المصور يوم الخميس حديثاً مع رئيس الإذاعة عبدالرحمن رشاد، أجرته معه زميلتنا الجميلة ولاء جمال قال فيه بفخر وتواضع جميلين.
‘تم الاتفاق مع الوزيرة درية شرف الدين على أن تعود إذاعة القرآن الكريم الى سيرتها الأولى، تقدم سبعين في المائة تلاوة قرآنية وثلاثون في المائة برامج وأحاديث وتحليلات وبرامج عبادات على عكس ما كان قبل الثلاثين من يونيو لخدمة الفصيل السياسي الإرهابي الذي كان يحكم قبل ذلك، وقمنا بعملية تنقية للبرامج وكان أول هدف هو عودة القرآن الكريم الى حضن الدين السمح، ثانياً: اتصلنا بفضيلة الإمام الأكبر، شيخ الأزهر، وأرسل قائمة بعلماء الأزهر المتحدثين لأن الأزهر هو المرجع الأساسي لإذاعة القرآن الكريم، وكذلك هو المرجع الأساسي للإسلام الوسطي السمح، وبالتالي الاعتداد بعلماء الأزهر والمتحاورين معنا في إذاعة القرآن الكريم، والابتعاد عمن فرضوا انفسهم كدعاة من خارج الأزهر فطوال عمر إذاعة القرآن الكريم يتحدث فيها الشيخ شلتوت والدكتور عبدالحليم محمود والشيخ طنطاوي والشيخ دراز، هم علماء الازهر الذين درسوا الدين، وبالنسبة للاجراءات، منعت أي شخص له انتماء سياسي لهذا الفصيل الاقتراب من إذاعة القرآن الكريم بعد ذلك تطوير طريقة الأداء وبرامج وأحاديث تقدم صورة الإسلام السمحة بلا تعصب الى جانب تلاوات القرآن الكريم مرتلة ومجودة لكبار قرائنا بدءا من الشيخ محمد رفعت ومصطفى اسماعيل والحصري وعبدالباسط والشعشاعي وايضا إتاحة فرصة للابتهالات الدينية التي تذاع بين التلاوات، فاصبحت إذاعة القرآن الكريم بهذا هي رقم واحد، في الاستماع، وكلما قمنا باستبيان بحجم الاستماع لإذاعة القرآن الكريم نجدها الإذاعة الأولى على مستوى العالم العربي والإسلامي، والإخوان في إذاعة القرآن الكريم التزموا، وهم تحت المراقبة ويقدمون برامجهم مسجلة، وهي برامج في الدين وليست في السياسة وكانت لهم بعض البرامج قمنا بمنعها وقلت لهم بشكل صارم، من سيتجاوز، أو يقول آراء غير مسئولة تحث على توجيه الرأي العام ضد أي شيء ليس في صالح مصر، سيتم معاقبته بأشد طرق العقاب’.
هذا ما قاله عبدالرحمن رشاد، بارك الله فيه وأكثر من أمثاله المؤمنين، ونود ان نذكر ان إذاعة القرآن الكريم أيام خالد الذكر، كانت تقدم حلقات عن كتاب المرحوم سيد قطب في ظلال القرآن، والأجزاء التي كان يكتبها وهو في السجن، ويرسل بها الى مطبعة الحلبي في القاهرة لطبعها وطرحها في الأسواق، كما عرضت الإذاعة كتابه معالم في الطريق الذي كتبه وهو في السجن، وأرسله الى مكتبة وهبة بشارع الجمهورية فطبعته عام 1964، وتم توزيعه في الأسواق وكفر فيه نظام عبدالناصر آسف مرة ثانية قصدي خالد الذكر، ومن قام بهذه العروض للظلال والمعالم، كان صديقنا الإخواني والعزيز على قلبي والكاتب الكبير المرحوم محمد عبدالله السمان أسكنه الله فسيح جناته، كان نموذجا لدماثة الخلق والوداعة، وطيب المعشر، وتختلف معه ولكن لا تملك إلا أن تحبه وتحترم أمانته، وهو يحكي عن التسهيلات التي كان يتم تقديمها له ومعاملته بدون حساسية رغم انه تم اعتقاله فترة عام 1954، وكيف كان يتم طبع كتبه وشراء الوزارات والمؤسسات خاصة وزارة التربية والتعليم لأعداد منها وتوزيعها على مكتباتها المدرسية.

درس فى الاستباحة

ونختم بمقال د. فتحي هويدي في ‘الشروق’ الاحد حول التنصت على مكالمات النشطاء أوافق على كل ما قيل من استهجان واشمئزاز إزاء تسجيل الاتصالات الهاتفية للناشطين المصريين، ثم تسريبها من خلال قنوات مشبوهة وأشخاص ليسوا فوق الشبهة. وأزعم أن الفضيحة الحقيقية لم تكن من نصيب الأفراد الذين تم استهدافهم، ولكنها لطخت وجه النظام القائم وشوهت صورته. إذ من حق أي أحد أن يقول إنه إذا كانت تلك أدوات النظام فإنها لا تطمئننا إلى عقله وسياساته. وفي هذه الحالة فإن النظام لكي يبرئ ساحته ويبيض صفحته يتعين عليه أن يسارع بايقاف العملية القذرة، وحبذا لو تعهد بعدم تكرارها. لكنه إذا التزم الصمت على استمرار بث تلك الأشرطة البائسة، فسوف يحزننا، أن نعتبر ذلك من علامات الرضا، الأمر الذي يثير السؤال التالي: عن أي طرف في النظام تعبر؟
الرسالة الظاهرة من العملية أن المراد بها ابتزاز وتخويف الناشطين وتشويه صورتهم أمام الرأي العام، عقابا لهم على أنهم لم ينضموا إلى مواكب المهللين والمهرجين الذين بَصَموا بالعشرة، وصفقوا لكل ما جرى ويجري. ليس ذلك فحسب وإنما فى الرسالة شق يظهر العين الحمراء لكل من تسول له نفسه أن يقف بعيدا عن المظاهرات المنطلقة أو السرادقات المنصوبة للتصفيق والتبريك والمبايعة.
لكن الأمر فى حقيقته أبعد من ذلك وأعمق، حيث أزعم أنه بالصورة التى شاهدناها دال على أن حملة تأديب الناشطين والمعارضين دخلت فى طور ‘الاستباحة’ المعلنة. ذلك أننا جميعا نعرف أن الأجهزة ظلت تتنصت على الناشطين والمسؤولين وتسجل حواراتهم الهاتفية طوال عهود الدولة الأمنية، وربما يذكر كثيرون أن الأمر أثير فى مجلس الشعب إبان حكم الرئيس الأسبق، وهو ما لم ينكره وزير داخليته اللواء العادلؤ فقال إن على من يقلقه ذلك أن يكون حذرا فى مكالماته. لكن المكالمات التؤ كانت تسجل فؤ العهود السابقة كان يتم تداولها فؤ دوائر محدودة للسلطة، فضلا على إنها كانت تستخدم فؤ تصفية الحسابات السياسية وغير السياسية، ونادرا ما كان منها يخرج إلى العلن. وحتى فؤ هذه الحالة الأخيرة فإن التسجيلات كانت تسرب إلى الأسواق، ولم تكن تبث من خلال المنابر العامة. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق