بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 4 نوفمبر 2014

ما تفعله النساء أكبر من البطولة بكثير

وردت في الأيام القليلة الماضية أخبار عديدة من إيران والسعودية وفلسطين وسوريا عن أشكال فظيعة لاستهداف النساء لأسباب عديدة ومختلفة تجمع بين السياسيّ والاجتماعيّ والدينيّ، لكنها تؤدي جميعها الى نتيجة واحدة وهي محاولة تكريس واقع جديد – قديم يجعل المرأة في السلّم الأدنى للمستضعفين والمهانين والمذلولين، مما يفرض، بالضرورة، مبدأ الدفاع عنها في صلب أي عمل أو فكر حقيقي للخروج من الدائرة الجهنمية المستعصية التي تطحن مجتمعاتنا وبلادنا.

في إيران، نفذت السلطات حكم الإعدام شنقاً بحق ريحانة جباري (وهي مهندسة ديكور كانت لحظة تنفيذ الحكم فيها بعمر 26 سنة) قتلت رجل استخبارات اعتدى عليها جنسياً. أدانت منظمة العفو الدولية الإعدام واعتبرته «وصمة عار جديدة في حصيلة حقوق الإنسان في إيران»، و»إهانة للقضاء»، فيما أعلن خبير للأمم المتحدة ان اعترافات جباري انتزعت منها قسراً.
وبعد الإعدام الجائر بأيام قليلة حكم القضاء الإيراني على غنجة قوامي بالسجن لمدة عام لأنها حاولت حضور مباراة لكرة الطائرة للشباب بين إيران وإيطاليا في طهران في حزيران/يونيو الماضي.
قوامي ذات الخمسة وعشرين عاماً حائزة على شهادة الحقوق من لندن، وصفت ما حصل لها بأنه «اعتقال غير شرعي»، وقامت بعد سجنها بالإضراب عن الطعام احتجاجاً.
ومن السعودية جاء نبأ إلقاء السلطات الأمنية في منطقة جازان القبض على رئيس مركز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السعودية متلبساً في قضية ابتزاز فتاة جنسياً لمدة ثلاثة أشهر، وبحسب الناطق الإعلامي بشرطة جازان فإن المسؤول عن النهي عن المنكر في المدينة استخدم ما يسمى «قضية خلوة غير شرعيّة» في ابتزاز الفتاة ومطالبتها ب»الخروج معه وتمكينه من نفسها»!
ومن سوريا لا تنفكّ الأخبار والتقارير والفيديوهات تتوالى عن أنواع المعاناة الهائلة التي تتعرض لها السوريات، من الخطف القسري والاعتقال والسجن والاغتصاب الممنهج لزبانية النظام السوري، مروراً ببعض حوادث الخطف السياسي على يد بعض أطراف المعارضة السورية المسلحة (كما حصل لرزان زيتونة وسميرة الخليل)، ووصولاً الى جبال من القهر في بلدان اللجوء، فبعد آلام النزوح ودمار المنازل والقرى والمدن، تعرضت السوريات لأشكال متنوعة من الاضطهاد من قبيل زواج القاصرات الذي وصفه المجلس القومي للمرأة فيمصر ب»جرائم ارتكبت ضد النساء ضد ستار الدين»، إضافة الى التحرّش الجنسي، والتعرّض لعمليات ابتزاز ونصب وتعسّف المهرّبين ورجال الأمن في كل بلد يدخلن إليه، وأهوال البحار والاعتقالات. 
ونشرت «القدس العربي» قبل أيام أيضاً تحقيقا بعنوان «جدار الصمت في الرملة: قتل السيدات الفلسطينيات لغز ينتظر حلاً» وتحدث التقرير عن عدد من جرائم القتل استهدفت نساء بينهن أم لستة أطفال، وفتاة في السادسة عشرة (وهي أم أيضاً لرضيعة عمرها ثلاثة شهور)، ونساء وفتيات عديدات أخريات، وتتعدد الأسباب التي يوردها التقرير لاحتمالات أسباب القتل، ذاكراً بينها ما يسمى «جرائم الشرف»، وهو، كما تقول مديرة جمعية «نعم» «مصطلح فضفاض يمكن أن يتسع للكثير من الاحتمالات والتصرفات الطبيعية لأي امرأة تعمل بشكل طبيعي»، وكل هذه الأسباب تمثل اشكالاً من الاستبداد والسيطرة والعنف، الممارس من قبل الذكور على الإناث، لكنها رغم ما يبدو من طبيعتها الاجتماعية، ليست، في الحقيقة، غير استبطان لما تعاني منه المجتمعات العربية سياسياً، من أشكال الاستبداد والسيطرة والعنف، التي تمارس على المجتمع بكلّيته، لكنّ من يتعرّضون للاضطهاد يقومون بدورهم بعكس هذا الاضطهاد ضد من هم أقل منهم قوة، وخصوصاً النساء.
هناك شعار لشبكة من محلات التجزئة في بريطانيا يقول: «… لأن الأمهات بطلات»، وهذا الشعار المختصر فيه تكثيف شديد وجميل لما تفعله النساء في العالم عموماً من بطولة هائلة لا يقدّرها أحد، ولكنّ العالم بدونها لا يمكن أن يستمرّ.
… أما ما تفعله النساء العربيات فهو أكبر من البطولة بكثير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق