وكانت نتيجة تحول رجال الحزب وسلاحه نحو الداخل اللبناني «غزوة أيار» التي تفاخر بها قادته، لكنها لم تفلح في إخضاع عدوه المشترك مع دمشق، باقي اللبنانيين، إلى أن جاءت انتفاضة السوريين على نظامهم ليجعل منها حجة أخرى لاستمرار تسلحه، بل زيادته.وبعد ثلاث سنوات من التورط في أتون الحرب الأهلية عند الجارة التي ربط مصيره بمصير حاكمها، تبدو الأمور الميدانية في سورية سائرة في غير مشتهاه، لكن ذلك بدلاً من أن يثنيه، دفع ملكة الابتداع عنده إلى أقصاها، فوضع أمينه العام في ذكرى عاشوراء قبل يومين هدفاً جديداً لحزبه، يمهله سنوات طويلة، إن لم يكن عقوداً، يعفي نفسه خلالها من أي التزام بإعادة سيادة الدولة اللبنانية.
وبعدما كان نصرالله انتقد التدخل الأميركي والأوروبي في العراق وسورية ضد «داعش»، عاد فاستدرك شططه «الأيديولوجي» بعدما تبين أن الضربات الأميركية في العراق منسقة بشكل تام مع إيران التي تقود العمليات على الأرض، والتي أرسلت قائد «الحرس الثوري» سليماني ليتولى ذلك بنفسه، وليضمن عدم خضوع بغداد لضغوط واشنطن التي تطالبها بتسليح العشائر السنية في الأنبار.
ثم قرر أن حزبه جزء من حرب التحالف الدولي على تنظيم البغدادي، وقال: «لا مستقبل للتكفيريين، ولا حياة لمشروعهم... ستلحق بهم الهزيمة في كل المناطق والبلدان، وسيكون لنا شرف أننا كنا جزءاً من ذلك».
ما الذي يعنيه هذا الكلام بالنسبة إلى اللبنانيين؟ يعني أن عليهم انتظار حسم المعركة مع أعداء نصرالله في «كل البلدان»، التعبير الذي قد يشمل نيجيريا مثلاً. وقد طمأنهم باراك أوباما سلفاً بأن المعركة مع «داعش» قد تطول سنوات وربما عقوداً، ونصرالله لا يستطيع تفويت فرصة معركة دهرية كهذه.
ولهذا ليس بوسع مواطنيه الصابرين سوى انتظار ما قد تتفتق عنه عبقرية الحزب في ابتكار المهمات وابتداع الأهداف، في حال انهار تنظيم «داعش» تحت الضربات، أو صدرت إليه الأوامر فجأة بالعودة إلى أقبية الاستخبارات السورية والإيرانية من حيث أتى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق