بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 9 نوفمبر 2014

◘ فلسطين، اسرائيل و «النقاش» المختلف - ندى الأزهري

«نقاش» على «فرانس 24» باللغة الفرنسية نموذج يحتذى. هناك معدون لهذا البرنامج بيد أن هذا لا يمنع الدور الحيوي الذي تلعبه مقدمته فانيسا بورغراف في إثارة النقاط المهمة والحرجة التي تلتقطها من إجابات ضيوفها، وفي التدخل في الوقت المناسب لعدم انحراف الحوار الساخن بين المتحاورين نحو متاهات لا علاقة لها بالموضوع الرئيس، وهو ما يسعى إليه بعضهم لا سيما حين يكون من المدافعين الشرسين عن الدولة اليهودية.
استضافت حلقة الاربعاء الديبلوماسي الفلسطيني ماجد بامية والنائب الفرنسي الممثل للفرنسيين المقيمين في الخارج ميار حبيب، وهو بالمناسبة يحمل الجنسية الإسرائيلية ومستشار (سابق كما أصر على التوضيح) لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو! كان موضوع الحلقة احتمالية اشتعال انتفاضة ثالثة بعد المواجهات الأخيرة في القدس الشرقية وحول المسجد الاقصى.
ما لفت الانتباه مقدرة السياسي الفلسطيني على الاحتفاظ بهدوئه أمام كل ما كان يتلفظ به الإسرائيلي الفرنسي، وتمكنه عبر لغة فرنسية متينة من الرد بكل حزم وثبات على «الخصم» مدعماً أقاويله بالحجج القانونية والقرارات الدولية. أما المذيعة فكانت لامعة بقدرتها على ضبط الحوار ومنعه من الانجرار خارج الموضوع المعلن، كما بمحاولاتها لدحض إجابات ضيفها النائب حين كانت ردوده تتجاوز الحقائق، ما أثار غيظه ودفعه لاتهامها في نهاية البرنامج بعدم الموضوعية متأسفاً كون حوار كهذا «يحتاج إلى محاور حيادي وهذا ما لم يتوفر فيها»!
المحاورة التي أربكها وأزعجها هذا الاتهام ردت بأنها سبق واتُّهمت على مواقع التواصل بـ «الصهيونية» بعد حوار لها مع مسؤولة فلسطينية. وهي لم تتردد في بداية اللقاء عن إعادة طرح السؤال ذاته على السياسي الفلسطيني ليحدد موقفه بوضوح من «الاعتداء على المدنيين الإسرائيليين الذي جرى في القدس الشرقية» بعدما رأت أن إجابته الأولى لم تكن واضحة بهذا الخصوص. هذا ما يفعله أي محاور متمكن من مهنته إن لم يقتنع بما سمع من ردود، فهو يطرح أسئلة إضافية على الضيف أو يواجهه بحجج تعيد مسار طروحاته حين تحيد عن هدف الحوار، لا سيما مع ضيف كهذا النائب الذي كان لا ينفك يذكر سورية والعراق وما يجري فيهما لفهم ما يجري في فلسطين، وكأن الصراع بدأ فيها فقط مع بداية الأزمات في هذين البلدين!
أمر لم يفت المحاورة اليقظة التي ذكّرته بأن القضية الفلسطينية قديمة وبأن الموضوع اليوم القدس الشرقية! تذكيرات مستمرة لم تعجب كما بدا النائب الفرنسي- الإسرائيلي. المشاهدون العرب معتادون على التهرب الإسرائيلي وتوزيعه التهم، ربما بدأ الفرنسيون بالتعرف والاعتياد عليه كذلك، فحين لا تتفق مع مسؤول إسرائيلي فأنت «بالتأكيد» معاد للسامية أو في أقل تقدير غير حيادي، فالحياد في عرفهم هو أن تكون معهم!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق