بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 16 نوفمبر 2014

تلميع صورة الرئيس - ندى الأزهري

لشاشة الصغيرة هي المكان المفضل للـــزعماء السيـاسيــين لتلميــع صـــورتـــهم وإظهـارها بــالشكل الذي يرضي نزعاتهم، أو يرضي الجماهير، هذا يتوقف على نوعية الشخصية ونوعية الحكم.

في الغرب، حين تنهار شعبية رئيس ما ولا تعود منجزاته كافية للحديث عنه، يقرر اللجوء إلى التلفزيون للقيام بمحاولة ما لتحسين النظرة إليه. يعتمد إما الخطاب وإما الحوار مع
الصحافيين للتوجه نحو شعبه، محاولاً إقناعه بكل الجهود التي بذلها والتي سيستمر في بذلها كي يحقق ما وعدهم به. وبغض النظر عن مدى صدقه وإخلاصه في القول والفعل، فإنه يسعى لخطب ود الناس ومراعاة متطلباتهم وإقناعهم بأهدافه ولكن أيضاً تذكيرهم بوجوده وصورته فهو نادر الظهور على المحطات العامة والخاصة.
في الغرب ثمة فضول ورغبة وربما أمل بسماع الرئيس حين يود الكلام، ويبدو هذا واضحاً في نسب مشاهدة البرنامج أو الحوار الذي سيتم معه. تابع مثلاً الظهور التلفزيوني الأخير للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند (الذي قرره مستشاروه بعد هبوط شعبيته إلى 13 في المئة)، على الشاشات الفرنسية ثمانية ملايين مشاهد أي ما يعادل ثلاثين في المئة من مجمل مشاهدي المحطات في فرنسا، وهو رقم ضخم بالنسبة إلى برنامج سياسي.
صحيح أن ظهور الرئيس لم يؤد الغرض المطلوب منه، إذ أظهر استطلاع للرأي أجري فور انتهاء المقابلة التلفزيونية أن 78 في المئة لم يقتنعوا بما قال، ووجدوا الرئيس مملاً والحوار غير مثير، لكن الرئيس حاول على الأقل الشرح والتبيان والاعتراف بالأخطاء أمام شعب يقظ متطلب لا يرضى بالخداع والخضوع.
في العالم العربي، ثمة تذكير ملحّ بصورة الرئيس في الإعلام الرسمي أو المملوك للدولة، ومحاولات عاطفية عبر الأناشيد الحماسية لدعم هذه الصورة، ويمكن القول هنا عدم دعمها لأن المشاهد يملّ من الكثرة والفرض وحتى إن رغب بنسيانه فإن صوره المنتشرة في كل مكان وظهوره الإعلامي المتكرر لا يتيحان للشعب نعمة النسيان. من يعتبر نفسه رئيسنا في هذا البلد العربي أو ذاك، لا يتبع الطريقة ذاتها في الظهور التي يتبعها الزعماء الغربيون. فصورته ليست لتحبّب به مواطنيه وكلامه ليس ليشرح لهم خططه في سبيل إسعادهم، ما يريده صورة ترهب مواطنيه أو في أقل الأحوال تفرض هيبته عليهم، صورة تعزز سطوته وجبروته، أما الحب الرئاسي للمواطنين فمن يتحدث عن هذا الشيء على شاشاتنا؟
كم مرة فُرض علينا سماع رئيسنا العربي، وكم مرة محينا صوره من أذهاننا من كثرة تلميعها، وكم مللنا من رؤيتها ومن البرامج التي تستضيف «سيادته» وكم مرة وددنا القول علناً وجهاراً كما قال أحد المعلقين السياسيين «الرئيس محصور في خطاب لا علاقة بالبلد» أو كما عبر المشاهدون الفرنسيون «ولكن، كيف يمكن لبرنامج يعرض شخصاً مملاً مثل الرئيس أن يكون مثيراً؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق