بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 8 يناير 2014

حكومة «سبعة نجوم» محمد النغيمش

«نريد للحكومة أن تتفوق على الفنادق في حسن الاستقبال وعلى البنوك في دقة الإجراءات فهدفنا هو منافسة القطاع الخاص والتفوق عليه في جودة الخدمة المقدمة للمتعاملين». عندما قرأت هذه العبارة اللافتة للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة ورئيس الوزراء وحاكم دبي تذكرت أحد موظفي الجوازات الذي استقبلني ببشاشتهم المعتادة. فقلت له: أشعر حينما أنزل إلى مطار دبي بأنني
أدخل مصرفا أو شركة تجارية، فما السر في ذلك؟ فقال: نحن علينا رقابة وتقييم تماما كالعاملين بالقطاع الخاص. فقلت: أين هم المقيمون؟ فقال: المسؤول الكبير الواقف هناك، مثلا، دخل علينا فجأة في زيارة تفقدية، ونحن يتم تقييم أدائنا بصورة دورية ومفاجئة.
اللافت في تجربة الإمارات الحكومية أنها تريد منافسة القطاع الخاص الخلاق والمتجدد بطبيعته لاعتبارات استمراريته وربحيته. ومن ذلك الخطوة التي أطلقتها الإمارات بمنح مراكز المتعاملين نجوما تصنف مستوى خدماتهم على غرار الفنادق وتعلق على جدار المبنى الاتحادي من الخارج. وهي طريقة إدارية ذكية تناسب الشخصية الإماراتية المسالمة التي لم يعرف عنها الصدام. غير أنها بطبيعة الحال تشعل جذوة الحماسة والتنافس الهادئ بين الجهات الحكومية لمن يريد أن يتفاخر أسرع بتعليق أكبر عدد من النجوم. ومن ثم تحقيق رؤية الإمارات الاتحادية وهي أن تحصل كل هذه الجهات الاتحادية على 7 نجوم خلال خمس سنوات!
وطريقة التقييم هي مربط الفرس لأنها قائمة على ثمانية معايير واضحة منها: تجربة المتعامل، وتنوع الخدمات والإبداع في تسويقها، والقنوات المستخدمة، ومدى فهم الجهة للمتعاملين واحتياجاتهم، واستخدام التكنولوجيا وغيرها. وقد تم تهيئة وتدريب آلاف الموظفين على ذلك. وأكثر ما لفتني أن هناك وزنا لوجهة نظر العميل (المتعامل) أو بالأحرى تقييمه لأداء الموظف مثلما هو الحال في القطاع الخاص فما فائدة أن «يكرمك» مديرك بتقييم «امتيازي» في حين أنك في نظر المتعاملين تقدم أسوأ خدمة على الإطلاق.
ومما يستحق أن يحذو حذوه كثير من الحكومات العربية ما فعلته الإمارات بعقد ملتقيات ربع سنوية يدعى إليها مؤسسات ناجحة ذات تجارب متميزة في خدمة المتعاملين خصوصا في مجالات الضيافة والبنوك وسائر القطاعات الخدمية لاستعراض تجاربها الناجحة لتستفيد منها الجهات الحكومية. وهذا لا يجب أن يكون بمعزل عن رؤية وأهداف واضحة المعالم وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب للارتقاء بالخدمات. ولا أظن أن الإمارات خالية من الأخطاء التي يدركها جيدا أهلها ولكنني أتمنى كعربي أن تستفيد هي ونحن جميعا من أخطائنا لننهض.
صحيح أن الحكومات ليس دورها منافسة القطاع الخاص لكنها حينما تبدأ بمحاولات للتفوق في رعاية العميل فهذا هو ما يسمى بالتنافس الشريف.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق