بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 10 فبراير 2015

◘ عشائر منزوعة السلاح - عادل حمود

رغم كل الصعوبات الاقتصادية التي يمر بها البلد والتحديات الأمنية التي تواجه الحكومة، ورغم المساعي الجبارة لإعادة الحياة الى المناطق التي غادرها موت الإرهاب ووحشيته، فإن هنالك نفرا يعمل على جر العراق، وبالأخص مناطقه الأكثر أمنا، إلى حالة جديدة من الحرب.ومن خلال حالة الحرب هذه يزهق المزيد من الأرواح ويبدد الكثير من العتاد
والسلاح ويشيع مناخ التوتر والرهبة في المجتمعات الأكثر أمنا، مدفوعا برغبات شخصية او مدعوما بجهات حزبية او فئوية او ربما مشجعا من قبل جهات اجنبية.هذا النفر يستند – من دون وجه حق- في إرهابه الواضح وأفعاله الخارجة عن القانون، إلى منظومة اجتماعية مهمة ولبنة أساسية في بناء الدولة العراقية ألا وهي العشيرة، فللعشائر العراقية، كما نعرف جميعا، الدور الأبرز في بقاء التماسك الاجتماعي العراقي إلى يومنا هذا بعد كل ما مر به البلد من ويلات ونكبات وحروب واقتتال حاول البعض إعطاءه الصبغة الطائفية أو القومية، كما ان لها التواجد الفاعل في دعم الحكومة والمنظومات التشريعية والقضائية والانتخابية. إن التداخل الاجتماعي بين العشائر العراقية من الشمال إلى الجنوب، اوجد صلات رحم لا يمكن لأي تحريض من أي صنف أن يفك أواصرها أو يخلخل تماسكها. وتواجد العشائر في مفاصل الحياة العامة للدولة يمكن لمسه عبر تجنيد أبنائها لدرء خطر الإرهاب عن ارض الوطن، ودفعها السلطات التشريعية إلى إقرار القوانين التي تخدم المواطن في مناطق تواجد العشيرة المعنية، وتسليمها المطلوبين للقضاء او البراءة منهم ليصبحوا بلا غطاء يحميهم، وحشد الجماهير للمشاركة في العملية الانتخابية لإرساء أسس الديمقراطية وتجذيرها في المجتمع.

كل هذه الانجازات العشائرية تقف الآن وهي عرضة لريح مسمومة تحاول أن تلفحها في وجهها المشرق لتحيله نحو السواد، وتعمل على إنزال رؤوس أبنائها في محاولة تجنبها أو تفادي تأثيرها عليهم. تلك الريح تنفثها أفواه أناس يدعون الرجولة في مواقع لا داع لادعائها فيها، وتطلقها بنادق أقوام يقتلون بدم بارد أخوة لهم من عشائر أخرى.
فمن يمتلك رجولة تثير فيه الغيرة لدرجة تناول سلاحه واطلاق الرصاص بهدف القتل، فان عليه أن يجندها لهدف أنبل ومقصد أسمى هو محاربة القتلة الذي ذبحوا جنودنا في سبايكر وهدموا الجوامع وفجروا الكنائس واستباحوا الحرمات وسبوا النساء وجلدوا الرجال، وعليه أن يدفع بسلاحه وعتاده الى من يصل الليل بالنهار مقاتلا "داعش" ومحافظا على أمن المدن والقرى والقصبات التي يقلقها اليوم كابوس النزاعات العشائرية، ليمده بالقوة والعزيمة لمواصلة المشوار وليكون مشتركا معه في واجب الجهاد الكفائي الذي يقصد منه كفاية الناس من شر القتل والقتلة، لا ان يسهم مع المجرمين في سفك الدم العراقي وتبديد سلاح مواطنيه وعشائره وتعطيل اقتصاده ومؤسساته العامة وشغل قواته الأمنية عن مهامها الأكثر إلحاحا كأنما هو حزام "داعشي" ينسف استقرار محافظات كالبصرة وميسان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق