بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 فبراير 2015

{داعش} في الجزيرة العربية - باسل محمد

التطورات الأمنية والسياسية الخطيرة في اليمن مرشحة الى المزيد من التداعيات ومنها اندلاع حرب أهلية بين مختلف القوى السياسية التي اختلفت ولم تحسن التوصل الى تفاهمات استثنائية ومبدعة فيما بينها حول طريقة الحكم في صنعاء بحيث يترسخ النظام الديمقراطي الانتخابي على أسس السلم والانتقال السلس للسلطة والمشاركة والمساواة والتوجه الى التنمية لأن كل ذلك بات من مقومات اي استقرار وأمن وسلم في أي بلد في المنطقة.
المهم، أن معظم البعثات الدبلوماسية الأجنبية والعربية خرجت من اليمن والبعض الآخر في طريقه الى الخروج بسبب هذه الأحداث الأخيرة، وهذا معناه بدقة بأن غرف عمليات شن الغارات بطائرات من دون طيار التي تقودها الولايات المتحدة ضد مواقع وقادة تنظيم القاعدة الارهابي في المدن اليمنية الشاسعة ستتراجع أو ربما تتوقف.
بصراحة، يعني اندلاع الحرب الأهلية اليمنية التي ربما تأخذ طابعاً مذهبياً أن تنظيما ارهابيا مثل "داعش" سيستثمر الظروف لكي يتوسع ويتمدد وتقوى شوكته لاسيما أن بعض فصائل القاعدة في بعض المدن اليمنية بايع هذا التنظيم.
الخطير في الموضوع اليمني، هو أن بعض دول المنطقة ستكون مخيرة بين دعم الجماعات المتشددة وبين القبول بنفوذ الحركة الحوثية المتهمة بتلقي الدعم السياسي والعسكري من ايران، بمعنى انه ربما يجد بعض الدول بالتنظيمات المتشددة بينها "داعش" وسيلة ضاربة للقضاء على تحركات الحوثيين وتنامي تأثيرهم في الحياة السياسية اليمنية لكن يبقى هذا الخيار خياراً خطراً للغاية.
بشكل أدق، ليس بالضرورة أن جهات رسمية في منظومة بعض دول المنطقة هي من ستدعم التنظيمات المتشددة لمواجهة الحوثيين لأنه على الأرجح ستقوم جهات غير رسمية بفعل ذلك بذريعة الوقوف بوجه الخطر الحوثي أو الايراني.
في المقابل، على الحركة الحوثية أن تتصرف ببعد نظر يؤدي الى تعزيز التسوية السياسية في اليمن بسرعة لأن ذلك سيقطع الطريق على التنظيمات الارهابية كالقاعدة و"داعش" لأن من مصلحة الحوثيين أن تنتهي هذه الظروف المعقدة يمنياً كي لا يستفيد منها التكفيريون والارهابيون.
على المستوى السياسي، يجب على الحركة الحوثية أن تسعى أكثر من غيرها الى حل سياسي ديمقراطي ناجح في اليمن الجديد لأن تنظيم "داعش" هو عدو لجميع اليمنيين ولجميع دول المنطقة، وبالتالي فان عدم سعي الحوثيين الى التسوية السياسية قد يدفع الكثير من اليمنيين الى التحول الى بيئة حاضنة للقاعدة و"داعش"، وهذه نظرة واقعية يجب على القادة الحوثيين أن يتعاطوا معها بجدية.
الامر الخطير هو أن "داعش" وفق المعطيات القائمة في اليمن في الوقت الراهن يمكنها اعادة استنساخ تجربة السيناريو السوري، اي أن تدفق المتطرفين الى اليمن سيتنامى من الآن انطلاقاً من البحر أو عبر الاراضي الصومالية و الجيبوتية أو حتى من داخل المملكة السعودية بحجة مواجهة الخطر الحوثي.
واستناداً الى السيناريو السوري، سننتظر عامين أو اقل من القتال بين الحوثيين من جهة والقاعدة و"داعش" من جهة ثانية، ليتم الاعلان بأن "داعش" تمدد الى السعودية أو الى سلطنة عمان الجارة وسنسمع بأن "داعش" بدأ يهاجم عبر البحر دولاً في الخليج العربي ويهدد أمنها واستقرارها.
من منظور ستراتيجي، كل الاحتمالات واردة ومطروحة بقوة اذا بقيت الظروف اليمنية الداخلية بهذا التوتر والتعقيد والتوجس وكل الخيارات قائمة وبينها ضم اليمن الى ما يسمى "دولة الخلافة" بزعامة الارهابي ابي بكر البغدادي، اي أن المنطقة العربية تتجه الى المزيد من الحروب والمشاكل الأمنية الخطيرة.
بصراحة، تبرهن التجربة اليمنية بكل مخاطرها وتداعياتها وسيناريوهاتها بأن المنطقة بحاجة الى تسويات وتفاهمات سياسية ليست عابرة ولا جزئية ولا قصيرة الأفق بل هي بحاجة الى حلول سياسية واقتصادية بارعة وهائلة بين دولها وداخل كل دولة على حدة لكي تختفي الأسباب التي تغري الارهابيين بالتحرك وتعزيز قواهم الشريرة، وهذا هو الفهم السياسي العملي الذي يجب أن نشتغل عليه وإلا فان المنطقة وشعوبها ستسير الى المجهول المرعب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق