بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 3 فبراير 2015

الحوار بين الأديان - محمد صادق جراد

الفكر التكفيري الذي تتبناه التنظيمات الإرهابية والجرائم التي ترتكبها بحق الأبرياء من جميع الأديان أساء الى العلاقة بين الدين الإسلامي والأديان الأخرى في العراق والعالم، الأمر الذي جعل الحوار بين الأديان ضرورة كبرى في هذا التوقيت أكثر من أي وقت مضى لما يشهده العالم من صراعات وأحداث عنف باسم الدين وجرائم وحشية تستند الى تفسيرات خاطئة لنصوص وروايات يقوم بها البعض ممن يتبنون الفكر التكفيري والذين يطرحون مفردة التكفير لضرب مفاهيم التعايش والتسامح بين الأديان والمذاهب. العراق يدفع ثمن هذه الصراعات أكثر من غيره حيث يتعرض لهجمة وحشية وفق مخطط طائفي تكفيري يجعلنا أمام البحث عن حلول فكرية تضاف الى الحلول العسكرية، وهذا جعلنا أمام الحاجة لعقد مؤتمر الحوار بين الأديان والذي يسعى لإصلاح الأضرار التي تسببت بها التنظيمات الإرهابية التي أساءت الى الدين الإسلامي وعلاقته بالأديان الأخرى. ولقد عقد المؤتمر في بغداد بعد ان أدرك الجميع بأننا بحاجة الى وقفة جادة للتصدي لهذا الفكر الارهابي.ما يفعله الارهابيون اليوم هو انهم يستخدمون الدين لتنفيذ الأجندات والمخططات من خلال تسخير النصوص الدينية وتفسيرها بالطريقة التي يستفيدون منها، وهو ما يجعل العالم مطالبا بعزل هؤلاء وكشف مخططاتهم وعدم الانجرار للفتنة التي يحاولون تأجيجها بين أبناء الأديان وبما ان الارهابيين يدّعون انتماءهم للدين الإسلامي ويرتكبون جرائمهم باسمه فإننا كمسلمين مطالبون بتفنيد أفكارهم المتطرفة من خلال إدانة الإرهاب والعنف بكل أنواعه والبراءة من أفعال "داعش". ولقد أرسل المؤتمر رسالة الى العالم من خلال الكلمات والخطابات التي ألقاها رجال دين من مختلف الأديان بأن الإسلام دين التعايش والتسامح وهو لا ينكر الأديان الأخرى بل تعايش معها بأمان وسلام لقرون طويلة ولقد حمل التاريخ الإسلامي الكثير من الشواهد والإحداث حيث قام الرسول محمد (ص) بعقد العهود والمواثيق مع أبناء الديانات الأخرى وتعايش معهم واعتمد على وثيقة للتعايش مع اليهود على أسس العيش المشترك مع احتفاظهم بدينهم وبشريعتهم التوراتية كما تعامل الصحابة مع المسيحيين واحترموا عقيدتهم السماوية. 
ومن هنا ندرك بأن الحضارة الإسلامية منفتحة على الحضارات الأخرى ومتجاوبة مع ثقافات الشعوب وان مبدأ عالمية الدين الإسلامي هو الأساس الواضح والثابت الذي يجب ان تقوم عليه علاقة المسلم مع أبناء الديانات السماوية الأخرى، فمن الصعوبة بمكان ان يعيش الإنسان معزولا عن العالم دون الحاجة الى الاختلاط والتعايش مع الآخر في المجتمعات الأخرى التي تؤمن بغير دينه لاسيما ونحن نعيش في عالم التطور العلمي والتكنولوجي الذي تحول فيه العالم الى قرية صغيرة وزادت الحاجة فيه الى التعاون مع جميع دول العالم في الكثير من الجوانب العلمية والاقتصادية والسياسية بما يخدم الجميع ويحقق التعايش السلمي وتبادل المصالح بين البلدان والأمم.
كاتب عراقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق