بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 4 فبراير 2015

داعش وصلت طوكيو و«إبنتي» تقيم في «الضفة الغربية» بسام البدارين

هل هي مقيمة الآن في الضفة الغربية؟..متى آخر مرة زرتم فيها الضفة الغربية؟..مرة اخرى أمطرني مدير أحد أقسام الأحوال المدنية والجوازات بالسؤالين الكلاسيكيين القديمين إياهما وانا اتقدم بمعاملة إصدار جواز سفر لإبنتي الصغرى.
بكل الأحوال إعترضنا كثيرا على مثل هذه الأسئلة بدون فائدة فهي مستقرة في ذهنية البيروقراط الأردني ويبدو أنها لزوم المشهد الساخر الذي يعيد إنتاج الإنقسام في وجدان الأردنيين رغم الظرف الصعب إقتصاديا وسياسيا وأمنيا .
المؤسف ليس السؤال نفسه الذي تكرر أمامي في مواجهة مواطنين آخرين بطريقة إنتقائية لا زلت لا أعرف أسرارها ولكن إضطر موظف لطرح السؤال وهو امام شاشة موحدة إلكترونية يفترض ان تخبره هي ما إذا كنت مقيما في الضفة الغربية أنا او إبنتي أم لا.
المؤسف أكثر ان إجابتي على هذا السؤال البائس والسقيم تعتمد ولدي فرصة لأن أقدم الجواب غير الصحيح وتمضي الأمور وعندما إستفسرت من مدير المكتب عن السؤال وعلى اي أساس يفترض ان إجابتي دقيقة قال بأن السؤال روتيني وهدفه جمع وتوثيق المعلومات فقط والمواطن «صادق» بكل الأحوال .
إجابة تبدو دبلوماسية تماما ومتزنة لكن المشكلة في شبكة المعلومات الموحدة والموثقة إلكترونيا التي يفترض أن تجيب على مثل هذه التساؤلات البائسة بدون الإضطرار لطرحها على مسامعي وإظهاري كمواطن يمكن ان يعاني مشكلة في مواطنته فقط لأن موظفا ما لا يريد التوثق إلكترونيا من المعطيات .
تذكرت ما قالوه لنا عشرات المرات عن عشرات الملايين من الدولارات أنفقت على الحكومة الإلكترونية ..كيف تصبح الحكومة «انالوج» وغير إلكترونية فجأة عندما يتعلق الأمر بجواز سفر لإبنتي الذي تبلغ من العمر 11 عاما.
كنت ولا زلت وسأبقى معترضا من حيث المبدأ أيضا على مثل هذه الأسئلة التي تطرح على جزء من المواطنين عند تجديد وثائقهم الرسمية ..أخلاقيا ووطنيا لا يمكنني تقبل التعرض لمثل هذه الأسئلة التي تنتقص من حقوقي الدستورية بدون مبرر بدون نقاش أو ملاحظات وإحتجاج وإعتراض .
مرة اخرى أجدد الإعتراض على هذه التساؤلات السخيفة التي تتردد من قبل موظفين صغار على مسامع مواطنين لا يملك أحد في الكون الإنتقاص من مواطنتهم أو التشكيك فيها باي حال من الأحوال.
اجدد الإعتراض وانا أعلم بان القيادة العليا أمرت ووجهت بإلغاء مثل هذه الأسئلة وهو ما اخبرني به شخصيا الفاضل فيصل الفايز عندما كان وزيرا للبلاط.
كما اعلم بان رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور ووزير الداخلية حسين المجالي ونخبة من كبار المسؤولين يرفضون أسئلة الكاونترات التي أقل ما يقال عنها أنها بلا مبرر لأن الموظف – إن كان مضطرا-لأهداف التوثيق كما يدعي المدير إياه يستطيع التوثق من اللوحة الإلكترونية وإعفاء أذني كمواطن من هذا السؤال المخصص فقط لمن زار او أقام في الضفة الغربية حيث لا يسأل اي مواطن زار موزامبيق نفس السؤال .
بالنسبة لي واولادي فنحن خارج كل قيود وسجلات البطاقات الخضراء والصفراء وتعليمات ما يسمى فك الإرتباط ..رغم ذلك تم إيذائي بهذا السؤال المزعج وبالنسبة للسلطات أفترض بأن لديها دائرة متكاملة بجيش من الموظفين واجبها توثيق من يحمل بطاقات الجسور.
مثل هذا الإستفسار ليس أخلاقيا ولا يمكنه أن يكون ولا يمكنه أن يخدم حقوق الشعب الفلسطيني او يحدث فارقا مع العدو الصهيوني فالسفير الأردني عاد للتو إلى تل أبيب وسفارة إسرائيل يرفرف علما في عمان وكل من يحمل الجنسية الأردنية مثلي أو مثل أبنائي لديه الحق المطلق في أن لا يطرح عليه مثل هذا الإستفسار السخيف إلا إذا كان نفس السؤال يطرح على جميع المواطنين والمراجعين وليس على المواطنين من أبناء الضفة الغربية حصريا ..عندها فقط نصفق للسؤال ولا نعترض عليه.
سيتهمني البعض فورا بالعودة في ظرف حساس إلى قضايا إشكالية من هذا النوع وسيقول كثيرون بان الوقت غير ملائم للتحدث بهذه المشكلات .
أنا بصراحة وبساطة أرى العكس تماما فالتحدث بمثل هذه الملاحظات يهدف لمواجهة القضايا الحساسة والوقت ملائم جدا حتى ننصرف كأردنيين معا لمواجهة خطرين يحيطان بنا وبالشعب الفلسطيني الإرهاب وقاطعي الرؤوس شرقا وشمالا والإرهاب الإسرائيلي غربا.
لا يمكن بناء إستراتيجية وطنية شمولية لمواجهة الإرهاب والتطرف في ظل إستمرار مثل هذه الأسئلة البيروقراطية الأمنية التي لا مبرر لها والتي تفرق بين الناس وتزرع الفتنة بينهم ..المواطن الذي يتعرض للتشكيك بمواطنته وبدون مسوغ قانوني وإداري ودستوري سيشعر بالتهميش ولن يكون معنيا بالنداء التعبوي الوطني فداعش على سبيل المثال دخلت في النقاش الإجرامي منزل كل سكان طوكيو فما بالكم في عمان. هذه الأسئلة التي يدعي منظروها بأن اهدافها توثيقية فيما توجد شاشة إلكترونية تجيب عليها بكبسة زر هي واحدة من «ثغرات» كثيرة يمكن أن يتسرب منها لعمق المجتمع المتطرفون والغلاة والمجرمون بإسم الدين والسماء ومعهم الصهاينة أيضا..بإختصار نستطيع الإستغناء ولو مرحليا عن مثل هذه الأسئلة..أليس كذلك؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق