بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 23 فبراير 2015

القلق الأمريكي الاسرائيلي من انهيار السلطة الفلسطينية

ليست هذه المرة الاولى التي يجري الحديث فيها حول احتمال انهيار السلطة الفلسطينية، وربما لن تكون الاخيرة. الا ان ثمة معطيات اقليمية ودولية تعطيه ابعادا جديدة هذه المرة، خاصة بالنظر الى ما قد يسفرعنه من عودة الى
خيار المقاومة المسلحة كسبيل وحيد لانهاء الاحتلال الاسرائيلي. وحسب التوقعات فان السلطة الفلسطينية قد تقرر حل نفسها او وقف التعاون الامني مع اسرائيل لدى اجتماع المجلس المركزي مطلع الشهر المقبل، مع استمرار الحصار المالي الخانق الذي تعانيه اسرائيليا وعربيا ودوليا.

وتلقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو انذارين خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية بهذا الشأن، من الصعب التشكيك في جديتهما. وفي الوقت الذي أطلقت وزارة الخارجية الأمريكية تحذيرا مصحوبا بالاعراب عن القلق من احتمال انهيار السلطة، تقدم الجيش الاسرائيلي بتقدير للموقف مصحوبا بتنبيه للحكومة الاسرائيلية من خطورة العواقب حسب صحيفة «معاريف» أمس الجمعة.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية جنيفر بساكي للصحافيين «اننا قلقون على قدرة السلطة الفلسطينية على الاستمرار اذا لم تتلق اموالا قريبا». واوضحت ان هذه الاموال تشمل استئناف التحويلات الشهرية للضرائب التي تجبيها اسرائيل لحساب السلطة الفلسطينية والسماح بوصول المساعدات من الجهات المانحة.
وبالطبع لم يرق التحذير الامريكي النادر الى ادانة حكومة اسرائيل لاستمرارها في حجز الاموال الفلسطينية، حيث ان القلق الامريكي ينصب على الاثار السلبية المحتملة على اسرائيل من انهيار السلطة، وليس على مصير الفلسطينيين الذين يواجهون خطر الموت جوعا.
وجمدت اسرائيل في كانون الثاني/يناير تحويل ضرائب بقيمة 106 ملايين يورو (127 مليون دولار) جمعتها لحساب السلطة الفلسطينية ردا على طلب الفلسطينيين الانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية، وهي خطوة تجيز لهم مقاضاة الدولة العبرية امام هذه الهيئة ذات الصلاحية للنظر في قضايا جرائم الحرب. وهذه الاموال مورد حيوي بالنسبة الى السلطة الفلسطينية لأنها تشكل اكثر من ثلثي مدخولها وتسدد رواتب اكثر من 150 الف موظف.
وجاءت هذه الخطوة كعقوبة إسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية بسبب توجهها إلى محكمة الجنايات الدولية بشأن ارتكاب اسرائيل لجرائم حرب ضد الفلسطينيين في العدوان على قطاع غزة، والطلب الأممي بتحديد سقف زمني لحل القضية الفلسطينية بإنهاء الاحتلال.
اما الجيش الاسرائيلي فطرح على نتنياهو عددا من السيناريوهات اعتبرها الجيش محتملة فان أي حادثة مواجهة بين المستوطنين والمواطنين الفلسطينيين، او إلقاء زجاجة حارقة من شأنه أن يتطور ويؤدي الى تدهور سريع بالأوضاع وتصعيد شامل، وقد يشمل الجليل والمثلث.
واشارت هذه المصادر الى ان ضعف السلطة قد يؤدي الى سيطرة التنظيمات المتطرفة على الوضع مما يزيد من اشتعال الوضع.
وترى مصادر في جيش الاحتلال ان شهر نيسان/ ابريل المقبل سيكون مصيرياً على هذا الصعيد، وان الجيش و»الشاباك» يكثفان من نشاطهما في الفترة الاخيرة «لكشف ومصادرة اي وسائل قتالية او اموال للحيلولة دون استخدامها في حال تدهور الوضع الامني».
ان الحصار الجائر الذي تتعرض له القيادة الفلسطينية يخيرها بين حقها في ملاحقة اسرائيل جنائيا او حقها في الحصول على أموال الضرائب الفلسطينية. والواقع ان التخلي عن اي من الحقوق لا يجب ان يكون خيارا، حتى اذا ادى هذا الى انهيار السلطة حقا. 
اما بالنسبة لكثير من الفلسطينيين، فانهم لا يشاركون المتحدثة الامريكية والجيش الاسرائيلي قلقهما من احتمال انهيار السلطة، حيث ان احوالهم لا يمكن ان تسوء أكثر مما وصلت اليه بالفعل، بل انهم يفضلون ان تعود القضية الى مربعها الاول: احتلال عسكري غاشم ومقاومة شاملة بكافة السبل المتاحة تكفلها القوانين الدولية والشرائع السماوية.
اما عربيا، فمن العار ان تتفرج الدول العربية على شعب شقيق يواجه خطر المجاعة، خاصة مع استمرار ازمة الرواتب للشهر الثالث على التوالي، الا ان المطلوب يبقى اكبر كثيرا من تقديم الاموال. اذ انه لولا هذه البلطجة الاسرائيلية لما تفاقمت الأزمة الى هذا الحد.
واخيرا فان القيادة الفلسطينية تبقى مطالبة بالصمود، والاصرار على الحقوق الفلسطينية، خاصة ان عودة القضية الفلسطينية الى الصدارة، وما قد تمثله من دعوة لتوحيد للصف، هو آخر ما تريده اسرائيل والولايات المتحدة وسط هذه المأساة العربية.
الا ان الاقتصاد الفلسطيني يعاني ايضا من نقص اموال المساعدات حيث فشلت الجهات المانحة في الوفاء بالتزاماتها بتقديم 5,4 مليار دولار للفلسطينيين.
وأعلن صندوق النقد الدولي الشهر الماضي ان الاقتصاد الفلسطيني سجل في العام 2014 انكماشا هو الاول منذ 2006، وذلك اثر الهجوم الذي شنته اسرائيل على قطاع غزة الصيف الماضي والتوترات السياسية «المتزايدة» في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين.
حذرت الأمم المتحدة الأربعاء الماضي من أن النزاع بين إسرائيل وفلسطين ما زال ينذر بـ «مزيد من التصعيد»، داعية الطرفين إلى عدم اتخاذ إجراءات من شأنها أن تفاقم الوضع الحالي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق