بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 30 ديسمبر 2013

هل سيحقق التفجير الإرهابي وسط بيروت أهدافه؟ د. أمين محمد حطيط -دمشق

منذ أن شعرت بشبه العزلة الدولية والاقليمية والسعودية تتصرف بشكل هستيري انفعالي يقودها من خسارة تكتيكية عملانية الى خسارة استراتيجية عامة . وجاء التفجير الارهابي في وسط بيروت في الاسبوع الماضي مع النتائج التي نجمت عنه، لتطرح الاسئلة عن امكانية تحقيق أهداف يتوخاها السعوديون في لبنان بشكل يمكن من تثميرها لمصلحة ما يقومون به في سورية وخاصة بعد ان كان
الموقف غير المسبوق بوقاحته وفجوره والمتمثل بقول السعودية إنها مستعدة لمتابعة المعركة ضد سورية حتى ولوبقيت وحيدة في الهجوم الذي ينفذ هناك.‏ونبدأ باستعراض ما تريده السعودية في لبنان الآن ليكون في خدمة الاهداف التي تعمل عليها في سورية، ويأتي في طليعة تلك الاهداف محاصرة حزب الله وعزله واشغاله ومنعه من متابعة معركته الدفاعية الوجودية في سورية، لان السعودية تظن ان وجود حزب الله في الميدان السوري من شأنه ان يعقد مهمتها العدوانية هناك ويمنح قوة اضافية لقوات الدفاع عن سورية والمتمثلة بالجيش العربي السوري الذي لم تدرك السعودية حتى الآن كما يبدو مقدار قوته والخبرات التي راكمها والتي تحول بأي شكل من الاشكال من تحقيق المعتدي على سورية لاهدافه فيها. ومن اجل تحقيق الهدف الذي ذكرت وأعني محاصرة حزب الله وعزله رأت السعودية اعتماد مشروع- خطة تقوم على اركان عدة‏

- تبدأ بإخراج حزب الله من الحكومة وتمنع ادخاله في حكومة جديدة، ومن اجل هذا اسقطت حكومة نجيب الميقاتي الذي استجاب لأوامرها فاستقال، وتمنع تشكيل حكومة مع تمام سلام يكون حزب الله جزءاً منها، كل ذلك من أجل ابعاد حزب الله عن السلطة وعزله في الداخل اللبناني.‏

- محاصرة حزب الله دوليا وفرض القطيعة معه ومن اجل ذلك كانت الرشى والضغوط السعودية على الاتحاد الاوروبي من اجل ادراج حزب الله على لائحة الارهاب ( وضع الجناح العسكري وهوتدبير مثير للسخرية ) واعتماد مجلس التعاون الخليجي تدبيراً مماثلاً باعتبار حزب الله ارهابياً، ثم جاءت تدابير الطرد اوالتهديد به والابعاد من دول الخليج لكل من يمت لحزب الله بصلة اوحتى دعم عاطفي معنوي.‏

- أما العنصر الاخطر في الخطة – المكيدة فقد كان أمنياً، ويتمثل باستهداف قيادات لحزب الله بالاغتيال اوتستهدف مجتمع المقاومة والجهات الداعمة والحاضنة لها بالتفجيرات. ولاجل ذلك كانت متفجرات الضاحية الجنوبية لبيروت والسفارة الايرانية واغتيال القائد المقاوم حسان اللقيس بايد اسرائيلية تؤدي خدمة للمشروع الوهابي بعد ظهور التحالف الوهابي- الصهيوني الى العلن.‏

ولما لم تفلح تلك الخطة في تحقيق اهدافها يبدو أن «الفكر الوهابي الانفعالي» الذي احبط بالنتائج التي حصل عليها من سلوكياته في العناوين الثلاثة التي ذكرت لجأ الى أمر يذكر بسلسلة الاغتيالات التي نفذت في لبنان في العام 2005 وما يليه من اجل اخراج سورية من لبنان ووضعه تحت الفصل السابع للتمكن من ملاحقة المقاومة دوليا.‏

وجاء اغتيال محمد شطح بسيارة مفخخة اعترضت سيارته في وسط بيروت، اغتيال جاء كما يبدوليخدم الخطة الجديدة مع ظنهم بامكانية انتاج بيئة سياسية ضاغطة على رئيس الجمهورية لتشكيل حكومة يستبعد منها حزب الله بعد اتهامه بالجريمة، ودفع الحزب كما يظن المخطط الوهابي الى الميدان واللجوء الى القوة ويفتح الباب امام فتنة داخلية وحرب اهلية يغرق فيها الحزب في الوحول اللبنانية وباتون نار داخلية تجبره على التراجع من سورية والسكوت على استبعاده من الحكم.‏

ويبدو أن الحلقة المفصلية في هذا الشأن كانت مرتكزة على الاسراع في الاتهام واخفاء الادلة والبينات التي تظهر الحقيقة وتسهل التلفيق الذي اعتمده تيار المستقبل والاجهزة العاملة بإمرته سلوكا معتاداً له.‏

ومن جهة اخرى كان اختيار محمد شطح بالذات اختيارا فيه شيء من الكيد ودعوة لاميركا اورسالة لها لتقدم على القيام بما يخدم الاهداف الوهابية، لأن لشطح موقعاً وعلاقة مميزة باميركا الى الحد الذي يجعل جون كيري وزير الخارجية الاميركية يصف قتله بأن خسارة لاميركا. وهذا ما يساعد كما ظنوا على دفع اميركا للتشدد اكثر في ملاحقة حزب الله بعد تلفيق الاتهام له.‏

وفي التنفيذ سارع تيار الوهابية السعودية في لبنان المسمى و«تيار المستقبل» ومعه من تبقى من مسميات «14 آذار» سارعوا الى اتهام سورية وحليفها في لبنان بالجريمة جاء ذلك في بيان اعتمدوه كدعوة صريحة للفتنة والحرب ضد حزب الله، كما سارع فرع المعلومات الى وضع اليد على مسرح الجريمة محاولا ابعاد الاجهزة الامنية الاخرى من التدخل بما فيها مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، فاشتبك معها.‏

لكن النتيجة في ارض الواقع جاءت خلافا للمتوقع والمأمول، اذا إن مديرية المخابرات في الجيش ورغم كل العوائق التي وضعت في طريقها استطاعت ان تضع اليد على بدء بينات وادلة هامة تمنع اي محاولة للتلفيق والتركيب وتوجه البحث نحوالفاعل الحقيقي المرتكب للجريمة فظهر «تنظيم فتح الاسلام القاعدي الوهابي» في دائرة الشبهة المؤكدة بعد ما تبين ان السيارة المفخخة كانت بحوزة هذا التنظيم الذي سرقها منذ سنة تقريبا ومع هذا الاكتشاف بدء انهيار الخطة واعيدت صياغة المشهد بحيث يمكننا القول الآن:‏

- إن ما يخطط له لاتهام حزب الله والدفع نحو حرب اهلية تغرقه في لبنان، انما هوساقط على اصله وسيبقى الامن في لبنان تحت السيطرة ولن يكون حرب اوفتنة كما بشر بها سفير السعودية في لبنان الذي – رغم انه عاد وسحب تصريحة أو نفاه بعد الضجة التي احدثها – الذي قال إن اياماً قاتمة تنتظر لبنان سيحرق فيها الاخضر واليابس وتكوي الصغير ولا ترحم الكبير.. ولكن هذا الحلم الوهابي تبخر الان مع السيطرة القائمة على الساحة من قبل القادرين وفي طليعتهم الجيش اللبناني ومعه القوى الوطنية الحريصة على الامن والسلم الاهلي.‏

-ان ما يتوخاه تيار المستقبل الوهابي من استئثار بالسلطة واقصاء لحزب الله عنها، امر غير قابل للتحقق لعدة اعتبارات منها ما يعود الى موقف رئيس الجمهورية ومعه من يسمي نفسه وسطيا وهم يرفضون هذا المسار كما يبدو، ومنها وهوهام جدا والمتمثل بالقرار المتخذ من قبل 8 اذار وحلفائها التي حضرت لكل تدبير مماثل تدبيرا يجهضه ويعلم الجميع قدرات هذا الفريق على الرد سياسيا أيضاً.‏

-فشل تيار المستقبل في التجييش الدولي ضد حزب الله، والفشل الاكير كان في الاخفاق في التجييش المحلي الى الحد الذي كان فيه التشييع هزيلا للغاية جماهيريا وبعد ان كانت ردة الفعل الداخلية على بيان السنيورة التحريضي على الفتنة ردة فعل قاسية أجبر السنيورة في اليوم التالي على التراجع على الاقل لفظيا، رغم انه في اعماقه مستمر في ما هومكلف به.‏


لقد فجروا في وسط بيروت ليفجروا لبنان كما ظنوا ويستولوا على السلطة كما حصل في العام 2005 ولكن خاب ظنهم فلا لبنان قابل للتفجير كما يريدون ولا السلطة التي يحلمون بها ستنقاد اليهم كما يبتغون، ولن ينقذهم من خيبتهم قذائف اسرائيلية وجهوا اليها دعوة بطاقة تمثلت بصواريخ خمسة اطلقت من الجنوب لتستدعي اسرائيل الى الحرب على لبنان. وبالخلاصة انها خيبة وخسارة اخرى تلحق بالوهابية في سياق عدوانها على محور المقاومة.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق