بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 24 ديسمبر 2013

علامات انفراط العقد الخليجي - صادق كاظم

يواجه مجلس التعاون الخليجي وللمرة الاولى منذ تاريخ تأسيسه خلافات معقدة وشائكة بين اعضائه وخصوصا الصغار الذين اخذوا يجاهرون برفضهم للزعامة السعودية والسير خلف رغباتها السياسية التي تشعر دول المجلس الاخرى بانها مصادرة لحريتها السياسية واحتكار سعودي رغما عنها لمواقف لا تعبرعن وجهة نظرها الصحيحة ولا

 تراعي مواقفها. موقف سلطنة عمان الاخير المتشدد من السعودية التي تعتبر نفسها الاخ الاكبر لباقي دول المجلس والاحق بادارة بوصلة الاقتصاد والسياسة فيه كشف عن عمق ومدى تذمر باقي دول المجلس من الهيمنة السعودية على قرارات المجلس وسياساته التي تكون دائما متطابقة مع المواقف والتوجهات السعودية من دون اشراك باقي دول المجلس فيها ما ولد رفضا اخذا بالازدياد والتصاعد مع مرور الوقت وربما سيأخذ في المدى القريب انفكاكا عن المجلس الذي اصبح مجلسا سعوديا وليس مجلسا خليجيا .تذمر عمان ومن قبلها الامارات ونسبيا الكويت مع تمرد قطري مبكر على الزعامة السعودية يجعل المجلس مهددا بالانفراط والتفكك ،خصوصا وان هذه البلدان الاربعة قد رسمت لنفسها سياسات تنأى بنفسها عن المواقف السعودية وسياسات المملكة المتقاطعة مع رغباتها وتوجهاتها في مختلف القضايا التي تهم دول المجلس والتي من بينها الازمة في سوريا اضافة الى العلاقة مع ايران بعد الدور العماني السري في التمهيد لعقد اتفاق جنيف بين الايرانيين ومجموعة دول (5 + 1) والذي اصاب السعوديين بالخيبة والغضب بسبب تجاهل دول الغرب للاعتراضات السعودية ورغبتها في ابقاء ايران ضعيفة ومعزولة ومحاصرة ،فضلا عن الخطط السعودية المستمرة للاطاحة بحكم نظام بشار الاسد في سوريا ودعمها المستمر للجماعات المسلحة في سوريا وتعرقل هذا المشروع على يد الايرانيين وحلفائها من عناصر حزب الله في لبنان . 


التقاطع السعودي مع ايران تحاول السعودية جر باقي دول الخليج معها نحوه وهو ما ترفضه باقي الدول الخليجية التي تعمل على اقامة علاقات متوازنة مع الايرانيين بعد التراجع السعودي في الملف السوري وفشل الامير بندر بن سلطان في مهمته لاقناع الزعيم الروسي (فلاديمير بوتين ) بالتخلي عن بشار الاسد مقابل صفقة ضخمة تتضمن شراء اسلحة روسية وغاز من روسيا لمدة خمسة عشر عاما وهوالعرض الذي رفضه بوتين بشدة لدواع ستراتيجية ومصيرية ،حيث تعتبر موسكو سوريا آخر ارض حليفة لها في الشرق الاوسط وهزيمتها تعني نهاية دورها ووجودها ليس في منطقة المتوسط ،بل ايضا في الشرق الاوسط وآسيا . 

دول الخليج كالامارات وعمان وقطر والكويت تقوم حاليا بسياسة تراعي مصالحها اولا بعيدا عن القرار السعودي الاخذ بالتضاؤل دورا وتاثيرا في المنطقة وهي تملك اقتصاديات كبيرة ومنافسة للرياض التي تتكل على موارد البترول الضخمة فحسب بينما نجد ان الامارات قد تخطت بنهوضها الاقتصادي والعمراني السعودية بينما تملك قطر تاريخا من التأزم والتقاطع مع الرياض وصلت الى حد التصادم الدموي المسلح وتهديد السعودية بغزو قطر في العام 1992 قبل ان يوقف الرئيس الاميركي الاسبق جورج بوش الاب هذا القرار ما دفع بامير قطر السابق الشيخ حمد آل ثاني الى منح الاميركان موافقته على بناء اضخم قاعدتين جويتيين في الخليج لتكون مقرا للقوات الاميركية في الشرق الاوسط بدلا من القاعدة الرئيسية في الدمام ،اضافة الى حرب اعلامية شرسة خاضتها قناة الجزيرة القطرية ضد السعودية وعرضها لتقارير وافلام تتناول المحظورات في السعودية وتاريخ مؤسس المملكة عبد العزيز ال سعود مع عرض لقاءات لمعارضين سعوديين وهم يوجهون انتقاداتهم لامراء المملكة من على شاشتها .كما ان قطر لعبت دورا سحبت من خلاله البساط من تحت اقدام السعوديين حين دخلت وسيطا في العديد من النزاعات التي فشل السعوديين من قبل في حلها ،حيث اسهمت قطر في رعاية مفاوضات الاطراف اللبنانية خلال ازمة عام 2007 وازمة السودان والصومال وكذلك النزاع المحتدم بين حماس وفتح .هذا التراجع السعودي امام قطر كشف ضعف السعودية وتضاؤل دورها في المنطقة الذي اثبتت الايام بانه ما عدا اموال البترول الضخمة فان الرياض ليست لديها ما تقدمه لفرض نفسها كقوة لاعبة وكبيرة في المنطقة. 

كان ظهور مجلس التعاون الخليجي لاول مرة عام 1981 كتشكيل سياسي يجمع دول المجلس ويوحد مواقفها تجاه اخطار الحرب العراقية الايرانية التي كان اندلاعها من بين الاسباب التي عجلت بظهور المجلس ،لكن سياسة دول المجلس ظلت رهينة بيد الرياض التي حاولت تقلد منصب الزعامة الخليجية على حساب باقي الاعضاء الصغار الذين سايروا في البداية المواقف السعودية ولم يخرجوا عن خطوطها التي حددتها ضمن التوجه الخاص بها بسبب ضعف هذه الدول من الناحية المالية وانشغالها بترميم اوضاعها واقتصادياتها الناشئة في ذلك الوقت ، لكن الضغط السعودي على دول الخليج انذاك اجبرها على دفع منح مالية سخية للنظام الدكتاتوري العراقي السابق من اجل تمويل صفقات الاسلحة وعمليات التموين التي كان النظام يحتاج اليها في الحرب وهي الديون التي قادت لاحقا الى قيام النظام بغزو الكويت واحتلالها بعد اتهامها وباقي دول الخليج ببيع البترول في الاسواق العالمية باسعار زهيدة ،اضافة الى محاولة النظام لاعتبار الكويت كجائزة عن دوره في الحرب مع ايران .ادى هذا الغزو الى توحيد مواقف دول الخليج وتعزيز التقارب فيما بينها وبين السعودية لفترة وجيزة قبل ان يبدد القطريون هذه الاعتقادات بعد صدامهم الدموي مع السعودية وقيام دولة الامارات باثارة ملف الحدود مع السعودية وانضمام العمانيين الى محور التصادم مع السعودية. 






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق