بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 27 ديسمبر 2013

اجتهادات في تطوير الثورة -محمد كمال

 الخروج بالعسكر إلى معركة طويلة تسبَّبَ في إرباكهم وارتكابهم خطايا شوهت صورتهم وقلَّصت الثقة في قائد الانقلاب، لكن المعركة الطويلة تحتاج دائمًا إلى تطوير ومفاجآت، حيث يستطيع العسكر استيعاب الواقع والتعامل معه بعد فترة، تماما كما استوعبوا صدمة  25يناير ثم أعدوا العدة
لمواجهتها.ومن هنا وجب إشاعة أجواء الاجتهاد واستلهام الأفكار التجديدية في الحراك الثوري، وأبدأ بمجموعة اجتهادات في هذا الإطار:
 أولاً- الخطاب إسلامي- مصري- اقتصادي:
لايمكن تجاهل المشاعر اﻹسلامية للنواة الصلبة لهذه الموجة الثورية وهم اﻹسلاميون، إلا أن تطوير الحراك ليتحول إلى (ثورة شعب) هو هدفنا الحقيقى، ورغم أن ميزة هذه الموجة من الثورة وجود رمزية متحدثة باسم الثورة وهى (التحالف)،ووجود رمزية معبرة عن الأهداف وهى(الشرعية)، لذا فإن الالتقاء على قاعدة (تحرير إرادة الشعب) ستلُّمنا جميعا، ولا مانع من وجود معارضين للإخوان أو للرئيس فى الميدان، بحيث نسترد جميعا إرادتنا ثم نمارس السياسة بعدها طبقا لرؤية كل فصيل،فالذى يؤيد الإخوان فأهلا،والذى يعارضهم فأهلا وسهلا … والمفردات الإسلامية التى أدعو لتخفيفها تتمثل فى إزالة كلمات مثل (الإخوان-الجماعة اﻹسلامية-اﻷصالة...إلخ) من تصريحات قيادات التحالف والكلام دائما على (ثورة الشعب)،والاستغناء عن اﻷناشيد اﻹسلامية القديمة إلى أغانى الثورة وإبداعات شبابنا الجديدة،فهم أقدر على التعبير عن الشارع، كماينبغى عدم استدعاء خطاب الصبر على البلاء والسجون والظلم فهو خطاب المقهورين أمام قاهرهم، واستبداله بخطاب الصمود وإنقاذ الوطن وحق الشعب فى حياة حرة كريمة، ومعاندة السلطة واحتقارها، وكذلك اعتبار ضحايا المجازر هم شهداء الثورة وليسوا شهداء الإخوان أو الإسلاميين، فليس هناك ثورة تقوم بفصيل واحد، ومهما كانت تضحيات الإخوان والإسلاميين فليسوا بحاجة للمقابل ولا الاعتراف بهم من أحد، كما أنهم -يقينا- لا يقدمون جهادهم حتى يُمكِّنهم الشعب من الحكم، ولكن الهدف هو تمكين الشعب من حريته وكرامته، لذا فإن الخطاب يحتاج إلى تعديل، وأرى أن رموزا مثل الجوادى، وحاتم عزام، وسليم عزوزأفادوا الثورة من حيث أضرها خطاب بعض الإسلاميين.
 لا تََنََكّّّر لهوية الشعب ولا حرج منها، ولكن الخوف الشديد عليها قد يدفعنا إلى خطاب انعزالى يُصدّر الشعور بالغربةبين عامة أبناء الوطن وبين المنتمين للتيار الإسلامى.
 كذلك فإن التوسع فى الخطاب الاقتصادى وتقديم الحقائق للجمهور المُغَيَّب وفضح فشل الانقلابيين، من شأنه أن يجذب اهتمامهم لشعارات الثورة المعنية بآلامهم،ولاننسى أن الجماهير قد أُرهقت للغاية بعد ثورة يناير، وإذا لم تجد نفسها فى الخطاب الثورى فسيتعمق موقفها السلبى،فالمطالب السياسية وحدها لاتصنع ثورة كاملة.

ثانيًا- المقاومة لا المعارضة:
كذلك يجب أن يستقر فى وعينا كثوار أننا لا (نعارض) الانقلاب، بل (نقاومه) بكل محاوره ومفرداته، والفارق بينهما ما بين السماء والأرض.
- فالمعارضة تقتضى النظر فى حسابات المكسب والخسارة سياسيا.
لكن المقاومة تهدف إلى تدمير الموازين السياسية القائمة برمتها، وإعادة القرار للشعب ليضع موازين الحق والعدل طبقا لرؤيته وهويته.
- والمعارضة تقتضى كسب الصداقات الإقليمية والدولية ومحاولة جلب تأييدها على حساب الطرف الآخر .
أما المقاومة فهى تخلق (معادلة مصالح جديدة) تجبر الجميع على إعادة حساباته واحترام إرادة المقاومين والذهاب إليهم للتفاوض معهم طبقا لأجندة المقاومة.
- والمعارضة تستهدف تقليل التضحيات والوصول إلى أنصاف حلول وغايات.

أما المقاومة، فتدرك أن الخلاف جذرى، والمعادلة صفرية، وإسقاط الانقلاب غاية جهادية، ولا إدراك لهذه الغاية إلا بالتضحيات وإذا لم يستقر فى وعى الثوار روح المقاومة والاستعداد لكافة المواجهات، فسيدخل الحراك الثورى إلى حالة المواءمات والتعايش والأداء الروتينى مما سيقعد بالعقول عن ابتكار الوسائل التى تحفها المخاطر، وستهدف النفوس إلى التوازن بين الحياة المستقرة والحراك الثورى، وهذه ستكون ضربة قاصمة للثورة، فالمقاوم قد نذر نفسه لقضيته وأصبحت حياته تبعا لها، لذا ينبغى معرفة أن المقاومة السلمية هى أعلى من المعارضة بكثير وأقل من القتال بقليل، فهى تستلهم من المعارضة الإباء والرفض وتستلهم من القتال التضحيات وروح البذل .

ولا يمكن أبدا الحفاظ على روح المقاومة دون فتح الطريق واسعا لإلهامات الشباب ومساندة أفكارهم الجسورة التى تتلمس مواطن الخطر ولاتهابها، والحكمة كل الحكمة فى الانحياز للشباب وعدم الخوف منهم أوعليهم ؛فلا ثورة بغير شباب، ونحن فى مرحلة رفعت عن كاهل القيادات وزر الحسابات الدقيقة التى تحمى مصالح الدعوة، ﻷن الدعوة والوطن والتاريخ كلهم يتعرضون لتهديد يتطلب تخطى الحسابات وإعلاء الجسارة والمقاومة العنيدة بكل أشكالها.

ثالثًا- الوصول إلى (الهدف) وليس إلى (الممكن):
كانت الموجة اﻷولى من الثورة قد أظهرت قليلا من دولة "مبارك"، لكن هذه الدولة استطاعت أن تستعيد لياقتها، وأن تتخفى من الثوار، ثم تلاعبت بهم واستخدمت بعضهم، وأفشلت حكم"د.مرسى" بانقلاب ظنه الكثيرون ثورة، ثم انكشفت الدولة أمام الجميع، وظهروا كعصابة لا كسلطات أو مؤسسات، لافرق بين ضابط شرطة سفاح و قاض مجرم،ولا ضابط جيش قاتل عن إعلامى مضلل.

وإذا كانت المرحلة اﻷولى قد ارتضينا فيها تأكيد إرادة الشعب عبر المسار السياسي الديمقراطى، فإن دولة العسكر قاومت انتزاع الحكم منها، وظهرت بوجههاالقبيح التى استطاعت إخفاءه حينا، كسلطة متجبرة فاسدة تقتات على فقر الشعب وقهره، ومن هنا فينبغى ألا تتهاون ثورتنا فى الوصول إلى(الهدف) وهو إسقاط دولة الفساد بكاملها مهما طال الوقت، وعدم الاستجابة لدعاوى مثل "السياسة هى فن الممكن" فلسنا فى عمل سياسي، ولكن فى ثورة تحررية، وطول الزمن وكثافة التضحيات يمثلان (ضغطا) على الثوار لكنهما أيضا يمثلان (تهديدا) للانقلابيين، واﻹصرار على اﻹفلات من ضغوطات أو إغراءات العسكر شرط لسلامة الطريق.

الرسالة الثورية هى[ تحقيق (أهداف) الشعب وعدم المساومة عليه].

رابعا :الإصرار على ضم المخدوعين :
إلى الآن لم تقدم ثورتنا خطابا خاصا للمخدوعين، ومازال إعلام العسكر يحافظ على كتلة كبيرة تقبل العبودية، ومن الملاحظ أن هذه الكتلة تخشى السماع للثوار، بل تخشى مجرد كبسة زر الريموت لمشاهدة الجزيرة !.. حيث تشعر أن (الجزيرة سم قاتل)، صحيح أن مواجهة الثوار للموقف كان بطوليا، أما ( اقتحام الوعى الشعبى) فما زالت محاولاته تحبو، ولا أظن أن المواهب الفنية المتفجرة لشبابنا قد وصلت إلى الناس.... إلى الملايين من الحائرين والمخدوعين.

هذا تحدٍ كبير ينبغ إدراكه والتفكير بعمق لاقتحامه، ﻷننا يمكننا أن نظل شهورا فى مقاومتنا، وهذا الفصيل من الشعب لا يعى ما يحدث حوله ولا تصله رسالتنا.

إن حملة طرق أبواب جميع المصريين، والوصول إليهم فى بيوتهم أصبحت ُملحِة،وبنفس جسارة ابتكارات 7 الصبح ومترو وعفاريت وزوار الفجر، حتى لا نجد أثرا عكسيا لدى الثوار أنفسهم، وتسرب أفكار مثل (شعب مايستحقش التضحية)، أو (يغور شعب بيفضل العبودية) و (مااعرضش نفسى للرصاص عشان عبيد البيادة)، وتبدأ سيمفونية سب الشعب واحتقاره، فيضيع الطريق وتنحرف البوصلة، وننسى أن الثورة (عمل رسالى)، وأن الثوار عاهدوا الله -من البداية - أن ينتفضوا من أجل هذا الشعب المغلوب على أمره والمغيب والمطحون والمدهوس تحت عجلات الجهل والفقر والمرض والخوف.

أخيرا : فإن طول زمن المعركة فى مصلحة الثوار حتى يستكملوا أدوات النصر .
إن أمامنا عملاً كثيرًا نصنعه من أجل إنجاح ثورتنا المباركة.
لا بديل عن هدم صروح الفساد كيلا تطل برأسها ثانية فتعوق بناء دولتنا الراشدة .
انتصار ثورتنا أصبح محل اتفاق المؤيدين والمعارضين، لكن لانريدها منقوصة.
(ثورة كاملة يا إما بلاش)

مكملين.. لا رجوع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق