ملفات الدجل, والضحك على الذقون, التي تلجأ
إليها حكومة نوري المالكي الفاشلة كلما أعيتها الحيلة, وزادت دائرة المشكلات حولها,
وتعقدت ألأوضاع العامة, هي مثار لكل عجب! وسخرية أيضا, ولعل أعجب قرارات حكومة الفشل
العراقية الخالدة, هوفي قرارها المضحك برفع الراتب التقاعدي لرئيس وزراء العراق السابق
اللواء عبد الكريم قاسم (1958/1963) والذي قاد انقلابا عسكريا دمويا أباد
العائلة الهاشمية
المالكة, واقام النظام الجمهوري المشوه, وفتح صنابير الدم العراقية, وشوه كل معالم
الحياة التطورية, بعد القضاء على النظام الملكي العراقي الذي أسس العراق الحديث وأدار
نهضته! واللواء عبد الكريم قاسم له شهرة شعبية طاغية في العراق, هي خليط من مشاعر دينية,
ومواقف اجتماعية, حتى أن البعض ما زال حتى اليوم يعيش على أوهام وأسطورة أن البعثيين
لم يعدموه ظهيرة يوم 9 فبراير 1963 في إذاعة بغداد, بل إنه حي يسعى في إيحاءات مهدوية
واضحة! متعايشة مع المزاج الشعبي لفقراء العراق!
المهم أن حكومة المالكي قد رفعت راتبه التقاعدي
من 1000 دولار اميركي شهريا لأكثر من سبعة آلاف دولار شهريا يستفيد منها ورثته بعد
مرور خمسين عاما على مصرعه! ولكن هل للواء قاسم وريث مباشر وهو لم يتزوج ولم ينجب?
وبالتالي فإن اجتماع مجلس الوزراء وإصداره لهذا القانون "الفلتة" هومجرد
زوبعة في فنجان, وهدفا لتكسب انتخابي واضح المعالم, فالحقائق تقول إن ورثة عبد الكريم
قاسم, بعد نصف قرن من الزمان, ليس لهم وجود حاليا, وهم فقط أبناء أخيه حامد قاسم!
والمثير للتأمل أن عبد الكريم قاسم لايوجد
قبر واضح له! فالانقلابيون بعد أن قتلوه دفنوه بشكل سري, ولكن عرف بعض الناس مكان ذلك
القبر فنبشوه, ونقلوا الجثة لتدفن في مكان آخر, ولكن حكومة بعث عام 1963, وخوفا من
تقديس ضريح قاسم شعبيا, نبشوا القبر الجديد واستخرجوا الجثة ليضعوها في كيس من الخيش
ربطوه بثقل حديدي ورموها في نهر ديالى! لتنتهي بهذه الصورة الوحشية والبعيدة عن الأخلاق,
والفروسية, والدين قصة عبد الكريم قاسم الذي اختلف العراقيون حوله وفيه! فهو مبجل لبعض
الفئات, بينما هوشيطان رجيم للفئة الأخرى, وبعد سقوط نظام البعث واحتلال العراق عام
2003 وخلو البلاد من الزعامة الكارزمية لجأ بعض بقايا الشيوعيين إلى اعادة ذكرى, وأيام
اللواء قاسم وطبعت صوره من جديد, وأقيمت بعض النصب والتماثيل, وتماهى حزب"الدعوة...
مع هذا التيار طلبا للشعبية, رغم أن الأحزاب الدينية والطائفية كانت قد تحالفت مع البعثيين
والناصريين لإسقاط حكومة ونظام عبد الكريم قاسم, ومعروفة حكاية فتوى المرجع الشيعي
الراحل عبد المحسن الطباطبائي الحكيم التي تنص على أن "الشيوعية كفر وإلحاد"!
والتي استغلها البعثيون لأبعد مدى في تصفية وإبادة قادة الحزب الشيوعي العراقي, وعلى
رأسهم السكرتير العام للحزب حسين أحمد الرضي الشهير ب¯ "سلام عادل" تحت التعذيب
البشع في قصر النهاية في إنقلاب 8 فبراير الشهير عام 1963, والذي كان مجزرة بشرية مروعة
في تاريخ العراق الحديث.
حكومة العراق بصرفها الرواتب التقاعدية
نظريا لعبد الكريم قاسم قد تناست وتجاهلت أركان نظامه, من أمثال العقيد فاضل عباس المهداوي,
والعميد عبدالكريم الجدة, والعقيد وصفي طاهر وغيرهم المئات من ضباط وقيادة ذلك الزمان,
كما لم يتم الحديث عن رواتب تقاعد الرئيسين السابقين عبد السلام عارف وأخيه عبد الرحمن,
بل كان كل الحديث والدعاية الإعلامية عن عبد الكريم قاسم الذي له بين اوساط فقراء شيعة
العراق سمعة ومكانة واعتبار, رغم أن الحقائق التاريخية البعيدة عن العاطفة تؤكد على
دوره التخريبي الكبير لحياة العراقيين, بعد خيانته لقسم الولاء للنظام الملكي الشرعي
السابق الذي أسس العراق الحديث بصورته وخارطته الحالية, ومسؤوليته المباشرة عن مصرع
العائلة الحاكمة وقيادات النظام الملكي, فمجزرة قصر الرحاب فجر 14 يوليو 1958 المروعة,
وإبادة العائلة الهاشمية المالكة يمكن اعتبارها بمثابة إحياء جديد لمجزرة كربلاء ومصرع
الإمام الحسين (رضي الله عنه) وأصحابه! فصورة الغدر واحدة ومتجددة عراقيا على مر العصور...
حكومة بائسة لايمكن إلا أن تصدر قرارات مضحكة لتتسول الشعبية على جثث الأموات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق