بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 21 ديسمبر 2013

طرابلس: «هايد بارك» سياسي وأمني غسان ريفي

يدرك أبناء طرابلس يوما بعد يوم، أن مدينتهم متروكة لقدرها أولا، ولما تيسر من الخطة الأمنية التي تعالج حالة الفلتان فيها بأضعف الايمان ثانيا، وذلك بانتظار أن تلقى هذه الخطة الغطاء السياسي المحلي الكامل والجدي، وأن يصار الى تنفيذ مقررات إعلان بعبدا الأمني، لا سيما تلك المتعلقة بتسليم الجيش اللبناني الامرة العسكرية فعلا، وترجمتها بتعاون كل الأجهزة الأمنية معه بشكل فاعل ومنتج. 
وحتى يحين ذاك الموعد، تبدو طرابلس أشبه بـ«هايد بارك» سياسي وأمني يغني فيه كل من الأطراف والقيادات الطامحة والمجموعات المسلحة على هواه، بينما تدفع المدينة وحدها الثمن من أمنها واقتصادها وسلامة أهلها.
وفي هذا الاطار ثمة شواهد عدة أبرزها:
أولا: لم تتوان قوى «14 آذار» عن الاستثمار في طرابلس بمؤتمر من لون واحد استثنى كل الأطراف الأخرى في المدينة بما فيها المفتي والمشايخ، وزاد من حدة الانقسام فيها. 
ثانيا: عدم توقف بعض نواب «المستقبل» من خارج طرابلس عن التحريض السياسي والشحن والمذهبي بما يعطي غطاء لبعض المسلحين. 
ثالثا: استمرار بعض النواب السابقين وعدد من الطامحين في الساحة الطرابلسية بنكء الجراح بصورة مستمرة بهدف حصد تأييد شعبي وانتخابي، وينسى هؤلاء أن استمرار الوضع على ما هو عليه من فلتان في طرابلس سيؤدي الى إلغاء الحياة السياسية فيها لمصلحة قوى الأمر الواقع.
رابعا: انتفاضة المجموعات المسلحة على الخطة الأمنية، وهي إن توقفت مؤقتا عن استخدام المحاور مع جبل محسن، فانها تطل على المدينة بعناوين أخرى مختلفة، كان أخطرها خلال الليلتين الماضيتين عندما أطلقت العنان لرشاشاتها وقذائفها وقنابلها اليدوية ابتهاجا بالاطلالة التلفزيونية لأمير «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني، في وقت لم يصدر فيه أي موقف استنكار أو شجب من قبل قيادات المدينة لهذا الجنون الأمني غير المسبوق.
خامسا: انشغال المجتمع المدني بتحركاته الفولكلورية، وعدم قدرته على تشكيل قوة ضاغطة.
سادسا: ترك الجيش اللبناني وحيدا في ساحة المواجهة الطرابلسية».
وما يزيد الطين بلة، هو استمرار غياب الدولة عن طرابلس إنمائيا وقضائيا، فلم تترافق الخطة الأمنية مع أي مشروع إنمائي تجاه المناطق الساخنة يؤكد عودة المدينة الى حضن الدولة. كما لم ينشط القضاء في إنهاء التحقيقات في تفجيري مسجدي التقوى والسلام وإصدار مذكرات توقيف بحق كل المتورطين ليصار الى توقيفهم من قبل الأجهزة المختصة.
والمستغرب في طرابلس اليوم، أن كثيرا من القيادات والنواب والطامحين يتسابقون في الدفاع عن مصالحهم الشعبية والانتخابية من خلال مراعاتهم لكثير من قوى الأمر الواقع التي تفرض نفسها على الأرض. 
تشير مصادر عسكرية مطلعة لـ«السفير» الى أن الجيش، ورغم كل العراقيل والصعوبات التي يواجهها، مستمر في تنفيذ الخطة الأمنية، انطلاقا من اعتباره أن العبث بالأمن في كل المناطق اللبنانية خط أحمر، لافتة الانتباه الى أن من أطلقوا النار في طرابلس ابتهاجا باطلالة الجولاني وعملوا على ترويع الآمنين بالقذائف والقنابل اليدوية، وساهموا بسقوط عدد من الجرحى، باتت أسماؤهم معروفة وسيصار الى تحويلها للقضاء المختص لاصدار مذكرات توقيف بحقهم. 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق