بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014

ثقافة المتعلم الغائبة!! - عالية طالب

هل يمكن الفصل ما بين الثقافة والتعليم؟ وهل يمكن أن نطلق على شخص ما صفة مثقف من دون أن يكون حاملا لشهادة أكاديمية؟
كثيرون ممن منحهم الله موهبة الإبداع سواء في الفنون أو الاداب ، لا يحملون شهادة أكاديمية عالية، بل أن بعضهم اكتفى بشهادة الابتدائية أو المتوسطة، لكنه استطاع بقدرته الخاصة أن يعمل على تثقيف نفسه وترصين معلوماته بما جعله منافسا للعديد ممن يحملون شهادة الماجستير والدكتوراه.
ما قادني للحديث عبر هذه الزاوية ينبع من استغرابنا ممن يحملون " الدال" الأكاديمية ويتقولبون ذهنيا ومعرفيا بالمقرر الذي استقوا منه معلوماتهم أو الذي يدرسونه لطلابهم، وحين يجمعك حديث معهم تكتشف حجم التكلس الذي أصاب عقولهم وجعلهم أشبه بالببغاء التي حفظت ما يؤهلها لحمل التسمية.
هؤلاء الأكاديميون هم سبب خراب وتدهور العملية التعليمية في العراق على الرغم من كل البحوث الدورية التي يقدمونها كاشتراطات وظيفية، وربما كمحددات لنيل لقب علمي تكميلي آخر ، لكنهم في كلا الحالتين ونقصد بما يقدمونه من بحوث وما نالوه من شهادة، لا يزالون داخل مربع واحد يدورون فيه ولا يتخلصون من الأسلاك الشائكة التي وضعوها حولهم .
أدباء وشعراء وإعلاميون كثر يعملون الآن في أغلب مؤسساتنا الإعلامية، ويكتبون بأرقى أساليب وفنون الكتابة الإبداعية، وهم لا يحملون أية شهادة متخصصة فيما يبدعون فيه، بل ان بعضهم يؤكد أن الله قد أنجاه من حمل" الدال" وإلا لأصبح واحدا من طوابير العقول الدائرة في الحلقات المرسومة لها من دون ان تفكر بمبادرة لكسر الطوق والخروج من الشرنقة القاتلة على مستوى البحث والمعلومة والاستقصاء والدليل.
هل التعليم يعني أن يتحول الشخص إلى موظف في مركز أكاديمي ليؤدي واجبه في إعادة استنساخ عقول مشابهة لعقله؟ أم أن التعليم هو مورد من الموارد المعرفية الكثيرة التي عليها أن تفتح الآفاق الفكرية والذهنية والتحليلية والمعرفية، ليدخل منها عقل يبحث دائما عن الرفد المعرفي للخزين الأولي، الذي أورده من كتب لم يخضع أغلبها للتحديث الاكاديمي، وبقيت وكأنها لعنة قرائية،عليه أن يشبع نهمه لحفظها وترديدها بلا استحداثات مكتنزة.
ولا ندعو بكلمتنا هذه إلى الترويج لإغفال أهمية الدراسات العليا، بل ما نقصده أن تكون هناك مراجعة دورية ما بين الأستاذ ونفسه لسؤالها، هل هي راضية عما تحصلت عليه من معلومات؟ ومراجعة أخرى لرؤساء المراكز الأكاديمية للعمل على إنتاج أساتذة يجيدون خصوصية حمل اللقب ومتابعة إضافاتهم المعرفية الحقيقية التي يوجهونها لطلبتهم، والتخلص من كل القوالب الجاهزة التي اعتادوا عليها سواء في بحوثهم الدورية أو في محاضراتهم الطلابية أو في احاديثهم ونقاشاتهم مع تلك المجاميع، التي تنتظر منهم تشغيل الحواس والإدراك والإشارة والدلالة والحداثة في كل ما يدخل ويخرج منها، وتلك مهمة لا علاقة لها بالتعليم الممنهج بقدر ما لها علاقة بغزارة الاطلاع والبحث والتقصي المعرفي الحقيقي.
كاتبة من العراق


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق