بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 6 ديسمبر 2014

«وحش إعلامي» - ندى الأزهري

ضمن التحضيرات للانتــخابـــات الـــرئاســية الــفرنســية (فـــي 2017) وتزايد شعبية حزب «الجبهة الوطــنية» اليميني المتطرف، تبدو حظوظ زعيمته مارين لوبن كبيرة. وهي ضمن خطتها بتحويل مسار حزبها نحو منحى أكثر اعتدالاً وقبولاً لدى الفرنسيين، باتت منافسة جدّية لليمين التقليدي.
يثير ظهورها الإعلامي المتكرر على التلفزيونات الفرنسية تساؤلات عن دور الإعلام في «نشرها»، فهي ضمن المدعوين الأكثر حضوراً على الشاشات الفرنسية العامة والخاصة، وفيما اضطر والدها مؤسس الحزب للجوء إلى الرئيس فرنسوا ميتران سابقاً كي يستطيع الظهور على المحطات التي كانت تنفر من أفكاره المتطرفة، ها هي ابنته رئيسة الحزب الحالية تغزو الشاشة.
ويقول أحد رفاق حزبها: «عبرنا من حقل ألغام إعلامي في عهد الأب إلى السجادة الحمراء في عهد الابنة»، فمنذ الانتخابات الفرنسية هي في كل مكان، لدرجة أن «فرانس 2» الرسمية ألغت منذ فترة لقاء مع رئيسة البرلمان الأوروبي لأجل عودة لوبن إلى المحطة بعد فترة غضب منها بسبب فرضها عليها خصماً يسارياً في مناظرة.
ويستعرض تحقيق نشرته مجلة «نوفيل أوبسرفاتور»، الصعود الإعلامي لمارين لوبان منذ انتخابات 2002 ووصول والدها للمرة الأولى في تاريخ الحزب وفرنسا إلى الدورة الثانية مقابل جاك شيراك. حينذاك، علّق إعلامي شهير قائلاً: «ها هو وحش إعلامي قد ولد» فقد بدت «واثقة، جذابة وذات سوء نية مذهل سيفتح لها مساراً جيداً في الإعلام»! وهو ما حصل. فها هي اليوم ضمن 5 سياسيين يحصدون أعلى نسب مشاهدة عند ظهورهم على الشاشات. كما حاولت استخدام الإعلام لتحسين صورة الحزب «السيئة» بسبب فكره المتطرف وتركيزه على المهاجرين كالسبب الوحيد لمصائب فرنسا الاجتماعية. وكان ظهورها في برنامج عام 2006 منعطفاً حاسماً في تاريخها بما ذكرته عن معاناتها الأسرية من طلاق أبويها وفضائح أمها. وإثر لقاء معها على «فرانس 2» حفزت الآلاف للانتساب إلى حزبها.
تدرك مارين أن الصحافيين في غالبيتهم لا يحبونها وأن ميولهم يسارية وهي وفق تحقيق المجلة دخلت بذكاء في نظام إعلامي مع محافظتها على مسافة منه فلا تبدو متواطئة معه. وأدركت على الفور ما تتيحه المحطات الإخبارية، «فهي لا ترفض ظهوراً ولا تراوغ لمعرفة ما إذا كان الطلب يتناسب ومستواها»، تقول مديرة إحدى المحطات. كما تلعب على عنصر المفاجأة وبسبب هذا تعلو نسب المشاهدة عند ظهورها. وتحاول أن تبدو في صورة «مكافحة» و«بطلة كلام» سليطة اللسان وذكية. وكما يقال «هي تأتي للتلفزيون لتلعب مباراة ولتربحها».
يقول بعضهم هنا إن اليسار راض بظهورها الإعلامي المكثف لأنه يزيد فرص ضرب اليمين التقليدي بها في الانتخابات المقبلة، ما سيضع الفرنسيين أمام مسؤولياتهم والخيار بينهم (أي اليسار) وبين اليمين «المتطرف» الذي لا يليق بالجمهورية الفرنسية!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق