بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014

لا تباين بين النيّات والأفعال - أحمد عرابي بعاج - دمشق

قبل أيام وفي مقابلة له مع صحيفة دير شبيغل الألمانية، انتقد السياسي الأمريكي العتيق هنري كيسنجر سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه سورية، ووصفها بالخاطئة،
لأنها تحاول أن تجعل من سورية دولة فاشلة مثل ليبيا، ونصحها بالتعاون مع روسيا لإيجاد حلول لأزمات العالم.‏فأينما تدخَّلت الولايات المتحدة الأمريكية حلَّت الفوضى، والأمثلة كثيرة لا حصر لها، وآخرها تدخلها في الشأن السوري وإصرارها على إسقاط الدولة السورية واستمرار الإرهاب فيها وحولها دون الأخذ بعين الاعتبار مصالح الشعوب ورأيهم، فهي تريد أن تفرض عليهم حريتها وديمقراطيتها المعمَّدة بالدم والإرهاب قسراً خدمة لمصلحة إسرائيل.‏
وتأتي استقالة وزير دفاع الولايات المتحدة الأمريكية مؤخراً لتفتح باب التأويل في الأسباب المعلنة، وتلك المستترة والتي لم يفصح عنها ولكن ظروفها تفضح واشنطن، حيث لا يختلف أركان الإدارة الأمريكية إلا على الأسلوب في إدارة الملفات التي تحملها في طياتها تلك الاستقالة.‏
فالواضح أن هيغل اختلف مع أوباما على طريقة التعاطي مع حرب واشنطن في المنطقة، وأولويات الرجلين في تنفيذ استراتيجية الولايات المتحدة المتغيرة حول ما يجب، وما هو ممكن، وماذا يسبق سواه في الحرب على سورية قبل الحرب على الإرهاب أو من خلالها، وهو ما حذرت منه مؤخراً روسيا على لسان وزير خارجيتها، حيث أكد أن الولايات المتحدة تسعى من خلال حملتها على داعش في المنطقة إلى محاولة إسقاط الدولة السورية، فهي لم تستطع أن تفعل ذلك عبر غرف عملياتها المتناقضة مع بعضها في تركيا والأردن لاختلاف اللاعبين، وهم في المحصلة يعملون تحت إدارة البنتاغون وبتخطيطها.‏
وهو ما يشير إلى أن واشنطن ما زالت غير راغبة في المشاركة في إيجاد حل سياسي لما يدور في سورية من حرب أشعلتها الولايات المتحدة عبر حلفائها في المنطقة وأنتجت تنظيمات إرهابية متناقضة، ولكنها تعمل جميعها تحت إمرة واشنطن ورغبتها.‏
الرئيس التركي يتصرف بوقاحة، ويتحدث بوقاحة، ويلصق الوقاحة بسيده لأنه لم يتجاوب مع رغباته ورغبات زملائه العثمانيين الجدد في ضم حلب أو قبلها أو بعدها الموصل، بدءاً من طرح المناطق العازلة وليس انتهاءً بمناطق حظر الطيران، وصولاً إلى التدخل المباشر الذي يعتبره الورقة الأخيرة في عدوانه على سورية بشتى الوسائل وقد فاقت وقاحته وقاحة أسياده وطلباتهم التي لن يستطيع تجاوزها وسيقوم بتلبيتها صاغراً ويعمل ضمن الاستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية، فلا أسياد في حلف واشنطن سوى واشنطن والباقي يعرفون أنفسهم إما هم حلفاء تابعون وخانعون كالأوروبيين وإما أجراء مثل تركيا ودول الخليج والأردن، والجميع يعمل وفق الأجندة التي يرسمها البنتاغون في تأديب المنفذين الذين خرجوا عن الطاعة حيناً مثل داعش وسواها، أما الأهداف الاستراتيجية فغير مسموح التداول بها أو الاقتراب منها لا للأجراء ولا للحلفاء أيضاً.‏
وأردوغان لن ينفعه صراخه ولا عويله حتى، فهو بالنهاية أجير يعمل بإمرة السيد الأمريكي، فلولا رضا واشنطن عنه لما كان ما كان في تركيا من سيطرة لحزبه ولا لجماعته ولم يكن ليحلم بأن يصبح رئيساً لتركيا، حيث ظن نفسه في غفلة من الزمن سلطاناً عثمانياً من العهود الغابرة ورفع صوته ليسمعه مريدوه من البسطاء والعامة، ولكن يعلم الجميع في تركيا وخارجها أن أردوغان ظاهرة صوتية جُربت أكثر من مرة، وبالنهاية هو أجير... وسيبقى كذلك.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق