بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 22 ديسمبر 2014

◘ الى أين يمضي تشريع العنصرية في لبنان؟

يأتي قرار وزير العمل اللبناني سجعان قزي الذي حدد فيه المهن «الواجب حصرها باللبنانيين» ليؤكد اتجاها سياسيا قديما يرتبط بأسس النظام الذي بنيت عليه الجمهورية اللبنانية وليس «لحماية القوى العاملة اللبنانية» الى أين يمضي تشريع العنصرية في لبنان؟على حد تعبير وسائل الإعلام والحكومة.

المقصود بالقرار بالطبع السوريين الذين نزح مئات الآلاف منهم من بلدهم، كما أنه يتابع سياسة إقصاء وتمييز ضد الفلسطينيين مستمرة منذ عقود.
يعدد القرار عشرات المهن الممنوعة على «غير اللبنانيين» ويتضمن الأعمال الإدارية والمصرفية والتأمينية والتربوية المحظورة وأشغالا دنيا بما فيها مهن الحارس والنادل والطاهي والحلاق وكافة أشكال وأوصاف مهن البناء وكي يغلق أي باب ممكن لم يفكر الوزير فيه شمل القرار كل الأعمال والمهن «التي يتوافر لبنانيون لأشغالها».
ولا يكتفي القرار باغلاق الباب أمام العمال بل يحظره أيضا على من يملك المال أو الإمكانية لإنشاء عمل يخصه ويضم ذلك «الأعمال التجارية على اختلاف أنواعها». وبذلك يمنع هذا القرار أي فرصة للسوريين (وهم المستهدفون خصوصا بالقرار) للخروج من خانة اللاجئ محولا إياهم بالتالي إلى كم بائس محكوم بالخوف والذل والفقر.
يأتي هذا القرار بعد مرحلتين أساسيتين في التعاطي الرسمي اللبناني مع السوريين. شهدت المرحلة الأولى التغطية على قرار حزب الله دعم النظام السوري والتورط في حرب دموية ضد الثورة السورية وتشكيلاتها العسكرية، وهذه التغطية ساهمت عمليا منذ معركة القصير في تشريد آلاف السوريين ونزوح أغلبهم إلى لبنان. صحيح أن القرار الرسمي اللبناني كان أسيرا ومغلوبا على أمره لكن النتيجة العملية هي أن موقف لبنان الرسمي ساهم في مفاقمة حركة التهجير والنزوح ويتحمل مسؤولية قانونية وتاريخية عن ذلك.
المرحلة الثانية شهدت عمليا تورطا متزايدا للجيش اللبناني ومخابراته يكاد يقارب التنسيق مع سياسات النظام السوري وحزب الله بخصوص اللاجئين انعكس في إحراق للمخيمات وحملات إذلال واعتقالات وهو الأمر الذي عزز خطاب ومنطق التنظيمات السورية واللبنانية المتطرفة وأدى لاستثمار ذلك في سياق صراع سني شيعي بديل لخطاب الثورة ضد الاستبداد.
وبإنتاج الحكومة اللبنانية قرار حظر العمالة والتجارة على السوريين تستكمل الآلة الجهنمية للاستبداد والقتل دورتها فلا تترك للاجئين غير باب واحد يؤدي بهم إلى التطرف والإفقار والإذلال المبرمج.
في عام 1982 التقى مشروعان لبناني وإسرائيلي على هدف القضاء على الثورة الفلسطينية، واعتقد عدد كبير من اللبنانيين أن التحالف مع الجلاد ضد الضحية سينقذ لبنان. وكانت النتيجة انفراط أركان الصيغة اللبنانية لصالح المحور الإيراني السوري الذي رفع رايات تحرير فلسطين في الوقت الذي عمل جاهدا على شطب الفلسطينيين وتهميشهم وطرد القوة الفلسطينية وتهشيم حلفائها.
يتكرر اليوم المشهد ولكن هدفه، مرة أخرى، مشابه، فالنظام الرسمي اللبناني يصطف مع الجلاد ضد الضحية مفترضا أنه بذلك سينقذ رأسه، رافضا التعلم من دروس الماضي، غير أن النتيجة لن تكون غير دفع لبنان في الهاوية الكبيرة التي دخل إليها العراق وسوريا، وعندها هل سيفكر في استدعاء إسرائيل لإنقاذه من جديد؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق